بعد إقرار الهيئة المستقلة باستحالة اجراء الانتخابات خلال شهر جويلية وتعويضه بتاريخ 16 أكتوبر تداول عدد من السياسيين مسألة غاية في الأهمية تتمثل أساسا في تداخل المهام بين الهيئات ورئاسة الجمهورية. ويعتمد أصحاب هذا الموقف على حجة مفادها أن رئيس الجمهورية المؤقت وحده الكفيل بالاعلان عن الموعد الانتخابي وان الهيئة المستقلة للانتخابات تكتفي بالاعداد لها وتحضير كل مقومات النجاح. غير أن مواقف الشق الاخر تعتبر أن للهيئة العليا للانتخابات الحق في اقتراح المواعيد وفقا لقراءات موضوعية للساحة السياسية مؤكدين في ذات السياق على ضرورة احترام كل ما يصدر عنها نظرا لاستقلاليتها ولكفاءة عناصرها وحيادهم المشهود له. واعتبر الامين العام للحزب الاشتراكي اليساري محمد الكيلاني أن الامور قد اختلطت لدرجة انه لا يمكن الفصل بينها حيث اصبحت كل هيئة سلطة في حد ذاتها. واوضح الكيلاني أن الهيئة العليا للانتخابات مثلا قررت تاجيل الموع الانتخابي دون العودة إلى بقية المكونات وهو ما عطل الامور على حد قوله. ودعا الكيلاني إلى ضرورة عقلنة الأمور وإخراج البلاد من الوضع الاستثنائي وابعادها عن عملية التجاذب غير المنطقية.
انفلات مؤسساتي
ومن جهته اعتبر عضو المكتب السياسي لحزب المؤتمر من اجل الجمهورية سمير بن عمر انه وجب الاشارة إلى أن الهيئات القائمة الان انما هي هيئات استشارية وبالتالي فليست لها صلاحيات اتخاذ القرارات التي ليست من مشمولاتها على غرار هيئة الانتخابات. واضاف بن عمر أن ما نعيشه الان بمثابة الانفلات المؤسساتي بحيث لم نعد نعرف من هو صاحب القرار كما اصبح كل هيكل يسعي لتوسعة صلاحياته رغم أن النصوص القانونية لا تسمح بذلك. ودعا بن عمر إلى التوافق حول مختلف المسائل حتى تحقق الثورة هدفها المنشود وضمان الانتقال الديمقراطي.
.. الوفاق المغشوش
وأكّد عضو الهيئة التأسيسية لحركة الوحدة الشعبية الناصر السويسي أن" الحركة أكدت منذ البداية على ضرورة اكتساب الشرعية لكل الهياكل، التنفيذية والاستشارية، التي من شأنها أن تسير شؤون البلاد خلال هذه المرحلة الانتقالية." واضاف السويسي انه " مع تواصل هذا الوفاق المغشوش، نجد أنفسنا أمام مأزق سياسي تتضارب فيه ثلاث هياكل (هيئة الاصلاح السياسي والهيئة المستقلة للانتخابات والحكومة المؤقتة)، ونرى في حركة الوحدة الشعبية، أن للخروج من هذا المأزق، يجب الانتقال بهيئة الاصلاح السياسي الى مجلس وطني للأحزاب، وإعطائه صلاحيات من شأنها أن تراقب الحكومة، وتحقق التوازن بين السلط، من خلال اصدار مرسوم جديد ينظم السلطات بصفة مؤقتة."
مزيد من التوازنات
وعن موقفه من مسألة التداخل في الادوار بين الهيئات والحكومة المؤقتة نفى الناطق الرسمي باسم الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة غازي الغرايري " اي تداخل للمؤسسات القائمة" مبينا انه " لا وجود لانفلات موسساتي." واضاف الغرايري " أن التجاذب السياسي ارتقى الى مستوى عال أي إلى مستوى المؤسسات وان الادوار التي تقوم بها الهيئات انما هي وفق المرسوم وهو ما ولد التوافق بين مختلف المكونات من احزاب وهيئة وحكومة وهو ما يدعونا إلى البحث عن مزيد من التوازنات بين مختلف الفاعلين."