بقلم آسيا العتروس مهم جدا أن تخرج وزارة الثقافة عن حيادها وأن تستنكر إقدام مجموعة من المتطرفين على مهاجمة قاعة عرض سينمائية بقلب العاصمة والاعتداء بالعنف على بعض الشخصيات الثقافية والحقوقية ولكن الاهم من الاستنكار والاستهجان ألا يتكررما حدث وألا تكون الحادثة وراء عودة الخوف والترهيب الى تلك النفوس التي كانت ولا تزال تعتقد أنها كسرت جدار الصمت والخوف يوم وقفت صفا واحدا ضد الظلم والاستبداد وطالبت دون تردد بحقها في حرية الرأي التعبير بعيدا عن كل أنواع القيود والقمع الفكري. ولعل الكثيرين قد أدركوا يوم الحادثة ما كان يجول بأذهان الحضور يومها من تساؤلات: لماذا كان هذا يحدث غير بعيد عن مقر وزارة الداخلية وعلى مقربة من قوات الجيش الوطني المتواجدة على عين المكان؟ فكيف يكون الامر حين تعود تلك القوات الى موقعها الطبيعي وتستكين الى ثكناتها؟ صحيح أن ما حدث يدعو للاستفزاز الى درجة الاستنفار. فمثل هذه الممارسات لا يمكن أن تخدم مصلحة تونس ولا أن تتماشى مع تلك الصورة النيرة لثورة الكرامة التي استحقت احترام العالم واجلاله حتى باتت مبعث الهام للمستضعفين في بورما وكانت قبل ذلك مصدر الهام لمختلف الشعوب العربية المقهورة تحت سلطان الخوف والاستبداد.نقول هذا ونحن على قناعة بأن حق التظاهر كما حرية الرأي والتعبير حق مقدس لا يقبل المزايدات والمساومات ومن هذا المنطلق فان ما حدث لا يمكن بأي حال من الاحوال تصنيفه في اطار الحدث العابر أوالشاذ الذي يحفظ ولايقاس عليه بل ان ما حدث يجب أن يكون أكثر من أي وقت مضى منطلقا لحوار وطني شامل دون استثناءات. فقد مر زمن كان الاقصاء والازدراء والتهميش أوالعنف كفيلا بتغييب مثل هذه المواقف والاحداث. والارجح أن تونس وفي مثل هذه المرحلة الحساسة التي تمر بها في حاجة لكل الافكاروالمبادرات المثمرة التي يمكن أن تساعد على سحب البساط أمام كل المراهنين على دفع أبناء البلد على الغرق في دوامة الفوضى والافلاس الفكري والسياسي وعلى اسقاط حسابات الكثيرين ممن يعولون على دفع أبناء البلد الواحد الى التناحر بدل التلاحم والتواصل... ان ثورة الكرامة التي تجاوزت كل الحدود الجغرافية والسياسية والايديولوجية وقالت بصوت واحد لا خوف بعد اليوم لا يمكن أن تقبل باستبدال مستبد بآخر أكثر استبدادا ولا أن ترضخ لدكتاتور جديد بعد أن تخلصت من سابقيه. ما أحوجنا اليوم كتونسيين الى الاستفادة من هذه الاحداث والى لم الشمل فعلا لا قولا تلك هي الامانة التي يتعين على الجميع تحملها ولا مجال لاهمالها...