ينتظر أن يتوجّه الرئيس الأمريكي مطلع الشهر القادم إلى منطقة الشرق الأوسط تأكيدا لإلتزامه الشخصي عشية مؤتمر أنابوليس في الجهود المبذولة لإحلال السّلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين. ويأتي إعلان هذه الزيارة - وهي الأولى للرئيس بوش لإسرائيل والأراضي الفلسطينية منذ توليه الرئاسة سنة 2001 - بعد بضعة أيام من اجتماع أنابوليس الذي مهّد لمفاوضات جدّية بين طرفي النزاع من أجل إقامة الدولة الفلسطينية. ويعتبر هذا الدفع الأمريكي للمسار التفاوضي الأقوى والأهم منذ مطلع هذه العشرية خصوصا بعد الإتهام الموجّه للإدارة الأمريكية باهمال هذا النزاع الدامي طيلة سبع سنوات من حكم بوش. لقد كشف مؤتمر أنابوليس الأهمية القصوى التي توليها الدول العربية وخصوصا الحليفة منها للولايات المتحدةالأمريكية لمساهمة واشنطن في عملية التسوية وهذا ما يبرّر كثافة المشاركة العربية في المؤتمر المذكور لتؤكد مجدّدا التزامها بالسّلام في المنطقة ولكن دون تطبيع مجاني مع إسرائيل. وفي الوقت الذي أعلن فيه البيت الأبيض عن هذه الزيارة ورغم تعهّد تل أبيب في مؤتمر أنابوليس بالإلتزام بخارطة الطريق التي تنصّ على وقف الإستيطان بالأراضي الفلسطينية المحتلة طرحت دائرة الأراضي في إسرائيل مناقصة لبناء أكثر من ثلاثمائة وحدة سكنية بالقدس المحتلة مما دفع بكبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات للقول أنّ هذا الطرح قد ينسف النتائج التي توصّل إليها الطرفان في أنابوليس وهذا ما يعني تقويض نتائج هذا المؤتمر قبل البدء بتنفيذها وتدمير مصداقية كافة الدّول التي شاركت فيه. وفي سياق متصل بهذا الموقف تتواصل العمليات العسكرية الاسرائيلية خصوصا في غزّة مخلفة يوميا عديد الضحايا في وقت أعلن فيه رئيس الأركان الإسرائيلي أنّه لا يستبعد عملية واسعة في القطاع لوقف ما أسماه إطلاق القذائف. ورغم هذا التصعيد العسكري الخطير والذي خلّف 27 شهيدا فلسطينيا منذ مؤتمر أنابوليس يتوقّع أن تنطلق أولى جولات المفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين بعد أسبوع من اليوم على أن تتواصل هذه المفاوضات طيلة السنة القادمة في إطار ما تمّ تحديده في مؤتمر السّلام الأخير. وفي الأثناء تستعد العاصمة الفرنسية لاحتضان مؤتمر الجهات المانحة لدعم قيام الدولة الفلسطينية حيث توقّعت باريس مشاركة نحو تسعين وفدا في هذا المؤتمر المقرّر عقده يوم السابع عشر من هذا الشهر والذي سيُركز أساسا على بناء اقتصاد ومؤسسات فلسطينية قابلة للإستمرار.