حتّى وان سلّمنا - جدلا - أنّ عددا من رجال الأعمال والمستثمرين التّونسيّين ربّما يكون قد "استفاد" بشكل من الأشكال - سواء عن قصد أوعن مضض - من واقع التّسيّب والفساد الاداري الّذي طبع عمل مختلف المصالح والمؤسّسات الماليّة وغيرها على امتداد حقبة دولة المجرم بن عليّ... - وهوالفساد الّذي تحوّل كما هو معلوم في ظلّ تلكم "الدّولة النّاهبة" الى سمة أو"آليّة" يجب على كلّ مستثمرأورجل أعمال أن "يسلّم" بها ويقبل بها و"يعتمدها" اذا ما أراد لنفسه - من جهة - اتّقاء شرّ عصابة أولاد الطّرابلسي "المفيوزيّة"ولمؤسّسته أولمشروعه الاستثماري - من جهة أخرى - أن يتواصل ويستمرّ - فانّ عمليّة مساءلة البعض من هؤلاء - قضائيّا - اليوم من أجل تطبيق العدالة وردّ الحقوق ورفع المظالم يجب ألاّ تتحوّل - في حدّ ذاتها - الى ما يشبه حملة التّرهيب الّتي تستهدفهم كأشخاص أوتستهدف استقرار وسير نشاط مؤسّساتهم الاقتصاديّة... - لا فقط - لأنّ "تمشّ" قضائيّا من هذا "النّوع" سوف يكون - اذا ما اعتمد - بعيدا كلّ البعد عن روح القانون ومقاصد العدالة وانّما أيضا لأنّ الأولويّة - هنا - يجب أن تكون وباطلاق للمصلحة العامّة (مصلحة المؤسّسة الاقتصاديّة وعائلات العمّال والموظّفين) وليس لمصلحة الأشخاص المعنويّين مهما علا شأنهم - حتّى ولو كان هذا الشّخص المعنوي هو الدّولة ذاتها-... نقول هذا الكلام وفي الذّهن أكثر من مثال وأكثر من اسم لمستثمرين ورجال أعمال تونسيّين ناجحين ومن ذوي السّمعة الطيّبة - اجتماعيّا- وجدوا أنفسهم هذه الأيّام فيما يشبه "المحنة"... محنة المساءلة القضائيّة على ضوء اتّهامات موجّهة اليهم تتعلّق في أغلبها بعلاقات شراكة مشبوهة كانت تجمعهم بأفراد عائلة المجرم بن عليّ وأنّهم جنوا من وراء علاقاتهم تلك فوائد بغير وجه حقّ... من بين هؤلاء -على سبيل الذّكر لا الحصر - رجل الأعمال والمقاول خالد القبّي الموقوف اليوم على ذمّة التّحقيق والّذي لم يتردّد أعوان وعملة وموظّفي مجمّع مؤسّساته في اصدار بيان (وصلت "الصّباح" نسخة منه) يعلنون فيه مساندتهم له ويطالبون فيه بابقائه في حالة سراح في انتظار اتمام التّحقيق في التّهم الموجّهة اليه... طبعا، ومن ناحيتنا سوف لن نكون في موقع من"يوجّه" القضاء الى القرارالأصوب... فالسّادة القضاة المتعهّدون بملفّ القضيّة هم أدرى من سواهم بالقرار الأنسب والأصلح الّذي يخدم حسن سيرالقضيّة... ولكنّنا نريد - بالمناسبة - أن نوجّه الى ضرورة الحرص على مراعاة مصلحة المؤسّسات الاقتصاديّة ومصلحة العائلات الّتي تمثل هذه المؤسّسات مورد رزقهم الوحيد وذلك لن يكون - في رأينا - الاّ بطمأنة رجال الأعمال والمستثمرين "المورّطين" من خلال ابقائهم - ما أمكن - بحالة سراح والايحاء لهم بأنّهم غير مستهدفين لا في أشخاصهم ولا في مشاريعهم وأنّ المساءلة القضائيّة ليست عمليّة تشفّ أوتصفية حسابات... فمجمّع مؤسّسات رجل الأعمال خالد القبّي مثلا - ودائما على سبيل الذّكر لا الحصر- الموقوف على ذمّة التّحقيق هو بصدد تنفيذ هذه الأيّام مجموعة من المشاريع في مجال الطّرقات والأشغال العامّة بقيمة 100 مليون ديناروهوما سيؤدّي الى توقّفها وخسارة مئات مواطن الشّغل اذا ما تواصل حبسه على ذمّة التّحقيق... علما أنّ مقاولات رجل الأعمال هذا تشغّل 1046 عاملا واطارا بصفة مباشرة فضلا عن ألفي موطن شغل بصفة غير مباشرة وهو ما يعني أنّ 3 آلاف عائلة تونسيّة ستبقى بلا مورد رزق اذا ما انفرط عقد مجمّع مؤسّساته - لا قدّر اللّه - رجاء، طمئنوهم- ما أمكن - ولا تجعلوهم يشعرون بالخوف والارتباك أوأنّهم مستهدفون...