أحيى كريم شعيب ورحاب الصغير عرضا فنيا مشتركا في إطار ليالي قرطاج مساء أول أمس بفضاء النجمة الزهراء بسيدي بوسعيد. وهو العرض الذي طرح أكثر من تساؤل حول العروض التي تمت برمجتها في إطار مهرجان قرطاج الدولي في دورته الحالية في تونس ما بعد الثورة من قبيل ما هي أسباب عزوف الجماهير عن حضور العروض الفنية لا سيما بالنسبة للعروض التي أحياها بعض الفنانين التونسيين الذين لهم قاعدة جماهيرية في تونس كما أنهم قادرون على إمتاع وتقديم عروض متميزة؟ فأغلب الحفلات سجلت حضورا محتشما للجمهور التونسي وهو ما أثر سلبا على كل العروض تقريبا ، خاصة أن أغلب العروض احتضنتها فضاءات بالضاحية الشمالية للعاصمة باعتبارها الجهة التي ما انفكت تشهد، في الأمسيات وإلى ساعات متأخرة من الليل، إقبالا متزايدا من التونسيين في شكل أفراد أو جماعات وعائلات ليرتادوا المقاهي والفضاءات بحثا عن لحظات الاستمتاع والترفيه خارج البيوت. وهو ما رصدناه خلال الأمسية التي انتظم فيها هذا العرض أي على بعد أمتار من فضاء النجمة الزهراء بسيدي بوسعيد حيث كانت الأماكن والمقاهي والشوارع والأنهج تعج بالمواطنين لتختلط همساتهم المتعالية وسط سكون الليل بأصوات الأنغام والموسيقى المنبعثة من المقاهي والمح0لات التجارية المفتوحة على غرار جورج وسوف وغيره من الأغاني الطربية العربية. طبوع وحدها قاسم مشترك وخلافا لما كان متوقعا لم يكن العرض المشترك الذي أحياه كل من كريم شعيب ورحاب الصغير في مستوى ما هو منتظر من هذا الثنائي لأن القاسم المشترك بينهما يتمثل في ميلهما لنوعية متميزة من الأغاني وقدرتهما على آداء الأغاني الطربية والمواويل وتميز ذوقها الفني والموسيقي. حيث لم تتجاوز مدة العرض الساعة وعشرون دقيقة وقد أمنه موسيقيا سبعة عازفين على راسهم المايسترو حمدة عزالدين الوسلاتي وكان نصيب الجزء الأول منه لكريم شعيب الذي غنى على امتداد أربعين دقيقة ستة أغان اختار أن تكون لعمالقة الطرب العربي والتونسي بدأها ب"كل مرة" للسيد مكاوي في"يالي ظالمني" لعلية " والورد جميل "لأم كلثوم "وقلي اعملي إيه قلبي" لمحمد عبد الوهاب وصولا إلى "ما حبيتش" لعلي الرياحي و"كي جيتينا" للهادي الجويني التي انتشت معها الأعداد القليلة من الجماهير الحاضرة شأن الأغاني التي قدمها في وصلته الغنائية القصيرة حتى أنه بدا مستعجلا مما دفع بعض الحاضرين للقول أنه قد يكون متعاقدا مع مناسبة أخرى دفعته للتعجيل بانهاء وصلته ومغادرة المكان. أما الجزء الثاني من السهرة الذي أثثته رحاب الصغير فلم يحد عن الاختيارات والمستوى الذي قدمه شريكها في الجزء الأول منها. والاستثناء بالنسبة لهذه الفنانة التي ما انفكت تعمل على تثبيت اسمها ولونها في الساحة الغنائية التونسية والعربية كفنانة متخصصة فيما هو طربي وذوق فني راقي من حيث الموسيقى والكلمة الهادفة والمعبرة وهو ما سعت إلى تأكيده من خلال تحيتها للحاضرين ولتونس الثورة والكرامة والحرية وتأدية أغنية "طلعت شمس الحرية" من إنتاجها الخاص وهي أغنية جديدة كتب كلماتها ولحنها حمدة عزالدين الوسلاتي وأردفتها بأغنية "يا ديرتي مالك علي لوم" للراحلة اسمهان ومثلما وعدت في بداية وصلتها أن عنوان السهرة الذي اتفقت فيه مع كريم هو "كلثوميات" فغنت لكوكب الشرق "سرت الحب" ولوردة "في يوم وليلة". واستجابت لطلب بعض الحاضرين الذين طالبوا بالأغاني التونسية حيث غنت طبوع من المقامات التونسية منها " نا ناصحك يا قلبي ما تعشقشي" أبدعت في آدائها وأمتعت وقدمت وصلة من أغاني صليحة منها "عرضوني زوز صبايا" و"بالله يا حمد يا سيدي " و"ساقوا النجع" وختمت مشاركتها "بآليف يا سلطان". لتنتهي السهرة وسط أجواء من السكون الذي خيم على الفضاء وطغى على أغلب ردهات العرض الذي كان بالإمكان أن يكون أفضل مما كان نظرا لما يتميز به هذا الثنائي مقارنة بما هو موجود في الساحة الفنية في تونس.