تزور تونس هذه الأيام الدكتورة والكاتبة غريد الشيخ لتقديم منجزها المتمثل في «المعجم في اللغة والنحو والصرف والمصطلحات العلمية والفلسفية والقانونية الحديثة» وهو اكبر عمل معجمي لغوي في العصر الحديث أنجزته امرأة عربية. و غريد الشيخ هي صاحبة ومديرة دار النخبة للتأليف والترجمة والنشر ببيروت وقد عرفت بغزارة إنتاجها الأدبي وكثرة الدراسات التي تناولت مثلا أدب قاسم أمين وفدوى طوقان ومي زيادة وعبد العزيز خوجة وشروحها لدواوين كبار الشعراء العرب ومن بينها شرح ديوان أبي القاسم الشابي وجرير وحافظ إبراهيم وامرئ القيس وغيرها. تحدثت غريد عن معجمها خلال سهرة الإبداع التونسي العربي التي نظمتها «منشورات كارم الشريف» مؤخرا فقالت أنها حاولت أن تخرج هذا المعجم إلى النور في هذا العصر ليساهم في الحفاظ على اللغة العربية التي إن أضعناها أضعنا هويتنا العربية وتاريخنا ومستقبلنا وانه اخذ من اهتمامها أكثر من 11 سنة من العمل الجماعي مع نخبة نيرة من المختصين في اللغة والصرف والنحو وعلم المصطلحات. وأضافت أن الحاجة أصبحت اليوم متأكدة إلى كتب تحيط بجانب كبير من مفردات اللغة وتراكيبها وكل ما يتصل بهذه المفردات والتراكيب من معان ومدلولات تشرح وتبسط وتزود بمدلولات فكانت المعاجم ووضحت أن دافعها إلى تأليف «المعجم في اللغة والنحو والصرف والمصطلحات العلمية والفلسفية والقانونية الحديثة» هو عملها في تحقيق المخطوطات واضطرارها الدائم لاستخدام المعاجم ووقوفها على قصور القديمة كما الحديثة منها عن استيعاب مفردات اللغة العربية كلها وهذه هي الثغرة التي حاولت أن تسدها بانجازها لهذا المعجم. الخروج من المنهج العشوائي وعن طريقة عملها في انجاز معجمها قالت غريد رغم ان (المعجم ) هو معجم عصري وجامع لمصطلحات العلوم القديمة والحديثة فأنها والمجموعة التي عملت معها استندوا إلى المعاجم العربية المهمة المعروفة واختاروا المعاني البعيدة عن الوعورة مع الرجوع إلى القاموس المحيط وتاج العروس ولسان العرب في حال اختلفت المعاجم بالنسبة إلى جذر الكلمة خاصة من دون استبعاد أية كلمة قد تطرأ لباحث أو شارح شعر أو أدب قديم مليء بألفاظ ماتت أو تكاد. وأكدت في تفسيرها لسبب ابتعادها عن أسلوب الانتقائية السائدة في المعاجم اللغوية القديمة على انه كان عليها الخروج من منهج الجمع العشوائي المعمول به والذي يسيء إلى اللغة والأمة معا والعودة إلى النهج الذي يحترم اللغة العربية من خلال الاستبقاء على ألفاظ اللغة الأم حتى تلك التي أكل الدهر عليها وشرب خاصة ان دواوين العرب وآدابهم وعلومهم ومقاماتهم وخطبهم ومعلقاتهم مازالت تستعمل ومازال الباحثون يعودون إليها بألفاظها ومعانيها. كل هذا الحرص أنتج على ما يبدو معجما متميزا بشواهده التوضيحية التي اعتمدت على آيات من القرآن الكريم إلى جانب الشواهد اللغوية العربية الأخرى التي تتصف بقصرها وفصاحتها وسلامة صوغها وسلاسة معناها فلا تشكل -والكلام هنا لغريد بن الشيخ- :»صعوبة لغوية جديدة تشرح الصعب بالصعب كما نلحظ في كثير من المعاجم العربية التي لا تؤدي وظيفتها في الشرح والتفسير بل ان الشواهد الموجودة في المعجم تجمع بين الفائدة الثقافية والحضارية والفكرية وهي مدروسة بدقة كي توضح معنى الكلمة أو مدلولها وتبين طريقة استعمالها للباحث فإذا بالكلمة تنهض من هدوئها المعتاد وتكتسي ثوبا يدل على حضارتنا اللغوية التي تستحق ان نرفل بها .» تلافي معضلة همزات الوصل والقطع ويتسم «المعجم في اللغة والنحو والصرف والمصطلحات العلمية والفلسفية والقانونية الحديثة» بسمة الموسوعية والإحاطة والشمول إذ جمع بمنطق لغوي حضاري كل مجالات المعرفة من فنون وآداب وعلوم قديمة وحديثة بالإضافة إلى القواعد العربية التي لم يفلت منها شيء خارج المعجم أما عن معضلة ما يسمى همزات الوصل والقطع التي تعاد طباعة المعاجم العربية عشرات المرات وتوزع بهمزاتها المخجلة فقد أكدت غريد على انه تم تلافيها حتى لا يتضرر منها التلاميذ الصغار والباحثون وطلاب العلم. وتحدثت غريد عن إخراج المعجم فبينت أنها حرصت على أن يتماشى مع التطور الحاصل في الطباعة والتصفيف واستخدام الحرف الواضح وعلى إحكام ضبط نطق الكلمات وإملائها ليتمكن المستخدم من التقاطها على صورتها الصحيحة ومن ثم استخدامها على وجهها السليم.