بقلم: عمر بنور ككل ثورة في الكون أنجبت الثورة التونسية شعاراتها الخاصة بها، من قبيل " خبز وماء بن علي لا " وتبين أن لا أحد يؤمن بهذا الشعار، فإن كانت مطالب العاطلين عن العمل أمرا مشروعا فإن الإجحاف في الطلب عند بقية الفئات لا مبرر له. وأما شعار "Dégage" فاستعمل في غالب الأحيان في غير محله وأما الشعارات الأخرى فكان بعضها مترجما لأهداف الثورة وطموحات المجتمع، والبعض الآخر يخدم مصالح فئات خاصة. الشعار الأول" الشعب يريد إسقاط النظام " كان حوله إجماع تام فاستجاب له القدر وسقط النظام بأعجوبة لم نكن ننتظرها في تلك اللحظة، وسرعان ما انتشرت العدوى إلى أنظمة أخرى فمنها ما قضى نحبه ومنها ما ينتظر. الشعار الثاني "الشعب يريد إسقاط الحكومة" أسقط اثنتين في ظرف شهرين معنى ذلك أنه قادر على إسقاط حكومة كل شهر، وإن شاء الله، إن أراد فهو فاعل، رغم أن شعوبا أخرى كاليونان أو إسبانيا سعت إلى ذلك لكنها لم تفلح. الشعار الثالث "الشعب يريد إسقاط الدولة" لم يرفع علنا لكنه تجلى من خلال الممارسات والمعاملات، ومازال الكثيرون يراهنون على تحقيقه ويسعون إليه، فما سمي بالثورة المضادة وما نشهد من اعتصامات واضرابات وتطاحن بين الأحزاب وإثارة قضايا ليست من اهتمامات الشعب ولا من اهتمامات من أنجزوا الثورة، كلها مؤشرات تدل على أن هؤلاء يريدون إسقاط الدولة، وتحويل تونس إلى صومال ثانية أو إلى عراق. الشعار الرابع "الشعب يريد إسقاط الشعب" هو ظاهر لمن يدقق النظر وخفي عن الآخرين، أما الشعب الأول فهو الخاصة التي نصبت نفسها وصيا على العامة وهي التي سرقت الثورة من أصحابها واغتصبت إرادة الشعب، وأصبحت تتكلم باسمه وتحدد مصيره نيابة عنه. وأما الشعب الثاني فهو العامة أو الدهماء أو السواد أو القصر البلهاء المتخلفون ذهنيا وسياسيا أي الدواب الصم البكم الذين لا يعقلون. فالخاصة هي الآن تحتل الساحة وتتحكم في مصير البلاد والعباد، تسعى إلى إسقاط الشعب وتغييبه،وهو صامت ينتظر. الشعار الخامس "الشعب يريد إسقاط الشعب" هو عكس الرابع، سيرفعه الشعب الثاني في هذا الشعار أي العامة الخرساء البكماء التي ستتكلم وتعبر عن مواقفها في الوقت المناسب فتسقط الشعب الأول أي الخاصة التي تدعي القيادة والوعي والحكمة ستسقطه بالانتخابات. وذلك أن مجموعة منه ستهزمها صناديق الاقتراع، أما الأخرى التي ستظفر بمقاعد في المجلس التأسيسي فستنتحر، لأنها ستجد نفسها عاجزة عن تحقيق انتظارات الشعب في غياب برامج عملية واقعية، فكيف ستجابه قضايا من قبيل التشغيل والتنمية الاقتصادية والتوازن بين الجهات والأمن وإصلاح كل ما أفسده الدهر والنظام السابق. سينتصر الشعب بإذن الله في الانتخابات التي تلي المجلس التأسيسي وسيميز الغث من السمين،" فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض".