في حين اقترحت بعض الوجوه السياسية الفاعلة في المشهد السياسي التونسي منذ ثورة 14 جانفي إجراء استفتاء يحدد مدة صلاحية المجلس التأسيسي ومهامه ترى "هيئة الإنقاذ بالتنظيم" حلا آخر حدثنا عنه المهندس الخبير رائد المراكشي المنسق العام للهيئة المتحصل على الإجازة في قانون الأعمال في الحوار التالي: لم نسمع من قبل عن "هيئة الإنقاذ بالتنظيم" فمن انتم ومن خول لكم نقد أعمال الحكومة واقتراح بديل عن المجلس التأسيسي أوطريقة للحد من مدة صلاحيته وتقنين سلطه؟
تضم "هيئة الإنقاذ بالتنظيم" عشرات الناشطين التونسيين في الحقل الافتراضي من المهتمين بالشأن العام وهم إطارات تونسية من مختلف الحساسيات والانتماءات السياسية (مهندسون وجامعيون ورجال قانون وأعمال وإعلام..) أغلبهم مستقلون منتشرون في كامل جهات الجمهورية وخارج حدود الوطن جمعهم حب تونس والاتفاق على مصلحتها التي تقتضي حاليا الاعتماد على الهياكل لا على الأشخاص خاصة وأن المسار الديمقراطي يتعرض لأخطار توجب إنقاذه بإحكام التنظيم للوصول إلى تكريس سيادة الشعب في أقرب الآجال حتى يسترجع المواطن ثقته في السلطة لتستقر وتتضح الرؤيا للمستثمرين هؤلاء الذين لا غنى لتونس عنهم لتنهض باقتصادها وتشغل اليد العاملة العاطلة.
مبدأ التناصف إجراء ديماغوجي
ترى "هيئة الإنقاذ بالتنظيم" أن قانون انتخاب المجلس التأسيسي يعاني من عدة نواقص وسلبيات وان لها القدرة على التصحيح فهل من تفسير؟
قامت هيئتنا بدراسة قانون انتخاب المجلس التأسيسي وتحليل المسار السياسي المعتمد ورأت أن به نواقص وجوانب سلبية يمكن تصحيحها وهي مثلا: اعتماد الانتخاب على القائمات والنسبية في توزيع المقاعد مع أكبر فواضل يولد مجلسا تأسيسيا متكونا من فسيفساء من الحساسيات السياسية غير المتكافئة التمثيل وفيه تضخيم اصطناعي لعدد المترشحين(أكثر من1500 قائمة لحوالي200مقعد) وهذا مكلف للمجموعة الوطنية ومقلق للناخب ويبعد المنتخبين عن قاعدتهم ولا فائدة منه خصوصا وأن هدف المجلس التأسيسي الأساسي ليس تطبيقا لبرنامج اجتماعي واقتصادي بل التوافق على أرضية مشتركة للعمل السياسي بل إن المجلس المنتخب بهذه الطريقة سوف يمدد في حالة عدم الاستقرار المكلفة خصوصا وأن مدة عمله يمكن أن تستمر لعدة سنوات. كما ترى هيئتنا ان اعتماد التناصف بين الرجال والنساء يتعارض مع مبدأ منع التفرقة بين المواطنين على أساس الجنس ويعتبر إجراء ديماغوجيا لا يؤدي في الواقع إلى التناصف بين المقاعد المسندة بين الرجال والنساء. ثم إننا نرى أيضا أن انتخاب مجلس تأسيسي يوم 23أكتوبر وانتظار كتابة دستور جديد وتفعيله والتمادي في الاعتماد على هياكل مؤقتة وغير ممثلة لإرادة الشعب تشل أجهزة الدولة وتزيد في الانهيارالأمني والاقتصادي والاجتماعي. كما أن إمكانية سحب الترشحات قبل48 ساعة من موعد الانتخابات غير منطقية إذ تفتح الباب لتظليل الناخب ويمكن أن يترتب عنها إسقاط قائمات بطريقة تعسفية.
مجلس وطني مؤقت لتسيير الدولة له كل صلاحيات الرئيس المؤقت
أصبح تحليل الوضع في تونس ونقد سير هياكل ومؤسسات الدولة والأحزاب ومنظمات المجتمع المدني هواية لدى البعض لعل المقصود بها هو تخويف الشعب التونسي ودفعه لسحب الثقة في من يسير دواليب الحكم بعد الثورة ومن يتأهب للخلافة لان كل هؤلاء النقاد والمعترضين على الكل وعلى كل شيء لا يقدمون اقتراحات ولا بدائل للمعمول به فهل لديكم مقترحات؟
نعم لدينا اقتراحاتنا ونعتقد انه من الأفضل ترك الخيار للمترشح والناخب بين التصويت على القائمات والتصويت على الأشخاص وان تقسم المقاعد بين المجموعتين حسب نسب مجموعة الناخبين كل حسب طريقته (الأشخاص باعتماد أكثر الأصوات والقائمات كما جاء في المرسوم) ونرى أيضا انه بالإمكان تنظيم انتخاب مجلس وطني مؤقت لتسيير الدولة له صلاحيات الرئيس المؤقت التشريعية والتنفيذية بالتزامن مع انتخابات المجلس التأسيسي المقررة ليوم 23 أكتوبر ويقع الترشح والتصويت لهذا المجلس على الأشخاص باختيار مترشح واحد من طرف كل ناخب بشرط أن يكون كل مترشح مدعما من حزب واحد على الأقل مرخص له وعند الفرز يتم إبعاد كل مترشح لا يتحصل على خمسة في المائة من الأصوات ويكون مجلس تسيير شؤون الدولة من باقي المترشحين وتؤخذ قراراته بأغلبية الوزن الانتخابي لكل عضو له صلاحيات رئيس الجمهورية المؤقت حتى يتفرغ المجلس التأسيسي لتحرير دستور جديد ونتجنب إعطاء صك على بياض فيكون من مصلحة أعضاء هذا المجلس إتمام عملهم في أقرب وقت ليتمكنوا من الانتقال إلى المرحلة الدائمة وحتى لا يهيمن أعضاء المجلس الدستوري على الحكومة ويشلوا أعمالها وفي المقابل تنتهي صلاحيات مجلس تسيير شؤون الدولة عند الانتقال إلى الوضع النهائي الذي يفرزه الدستور الجديد. ونقترح كذلك تنظيم انتخاب مجالس البلدية ولجان أحياء في كل العمد بالتزامن مع انتخابات المجلس التأسيسي لتفرز مجالس محلية ومجالس جهوية. ونرى انه لا بد من تنقيح الفصل28 من المرسوم بحيث يمنع سحب الترشحات قبل20 يوما من موعد الانتخابات وهذا الاقتراح إذا وقع تجسيمه في مشروع تنقيح المرسوم عدد35 يمكن من بناء هرم السلطة من جديد وانطلاقا من القاعدة.
لا شرعية الا لمن ينتخبهم الشعب
لماذا ترفضون الاستفتاء ألن يسهل الانتقال على أساس أردة الشعب؟
إن هيئة الإنقاذ بالتنظيم التي عملت على دراسة هذا الاقتراح منذ شهور تستغرب من عدم تفطن أصحاب القرار لخطورة ديمومة الوضع الاستثنائي الضبابي المؤقت حتى بعد انتخابات المجلس التأسيسي إلا في هذه الأيام، وتؤكد على أن اقتراح إجراء استفتاء بالتزامن مع هذه الانتخابات ليس الحل المناسب لأن السلطة لا يمكن إيقافها إلا بسلطة أخرى من نفس مستوى الشرعية وهذا الاستفتاء المفترض والذي لم يحدد مضمونه لن يسهل الانتقال إلى الوضع النهائي بل سوف يمدد في صلاحية الحكومة المؤقتة الحالية ويعطيها ضمنيا شرعية السهر على تنفيذ إرادة الشعب المجسمة في نتيجة الاستفتاء وهذا غير مقبول فلا شرعية إلا لمن ينتخبهم الشعب.