في خضم الحملة الانتخابية استعدادا لانتخابات المجلس الوطني التأسيسي بدا السؤال الأكثر إلحاحا، ما هي الخيارات المنتظرة يوم 24 أكتوبر أي يوما بعد الانتخابات؟ هل سيتعهد المجلس التأسيسي باعداد وصياغة الدستور والمواصلة مع الحكومة الحالية والرئيس فؤاد المبزع أم أن المجلس التأسيسي سينتخب رئيسا جديدا وحكومة جديدة لتكون البداية من نقطة الصفر من جديد.. كل السيناريوهات مطروحة، وكل الخيارات جائزة لكنها تبقى حسب جل الملاحظين والفاعلين في الشأن السياسي مرتبطة بمدى تناسق المجلس التأسيسي المنتخب وهنا يقول الأستاذ فاضل موسى عميد كلية العلوم القانونية والسياسية بتونس «كل السيناريوهات واردة فمن يدعو الى الاستفتاء يحصر دور المجلس التأسيسي في صياغة الدستور بينما تواصل الحكومة المؤقتة عملها حتى الانتخابات لكن في حالة عدم الأخذ بالاستفتاء يصبح الامر متعلقا بالاحزاب المنتخبة وبالقوى التي سيقع افرازها وهي التي يمكنها أن تقرر حسب الانتماءات وهل يمكن لمكونات المجلس أن تتجمع أم لا...؟ مجلس في شكل مكتب دراسات! من حيث المبدأ تبدو للمجلس التأسيسي الحرية في تحديد الخيار وما يهدف اليه المنتخبون فإما حصر دور المجلس في صياغة الدستور ليبقى عبارة عن مكتب دراسات مهمته ضبط الأطر اللازمة والحفاظ على الحكومة أو إقالتها وبالتالي فإن كل المسائل مرتبطة بالتحالفات التي سينتجها المجلس التأسيسي خلال انتخاب رئيس له وانتخاب النواب واللجان التي ستعمل في ما بعد.. التحالفات والائتلاف بين المنتخبين الذي سيظهر خلال انتخاب مكونات المجلس أمر طبيعي لكن من خلال الرئيس المنتخب للمجلس يتبين الخيط الأسود من الأبيض بخصوص الخيار الذي سيطرح لذلك يقول الأستاذ فاضل موسى عميد كلية العلوم القانونية والسياسية بتونس «..السيناريو الذي أفضله شخصيا هو أن يجتمع المنتخبون للمجلس التأسيسي لاقرار طريقة وفاقية والعمل مع بعضهم البعض للوصول الى نتيجة وفاقية أيضا تقضي بترك الحكومة الحالية تعمل بصفة طبيعية مع خضوعها لمراقبة المجلس التأسيسي كأن تعرض كل شهرين تقريرا لحصيلة الأعمال التي قامت بها والتي أنجزتها على المجلس التأسيسي وهكذا يحصل الوفاق بين المنتخبين وجميع المكونات». الممكن وغير الممكن ما يتحدث عنه الأستاذ فاضل موسى هو السيناريو الأقرب الى الواقعية لكن اختلاف وجهات النظر حوله عديدة خاصة إذا تعلق الأمر بالحديث عن وزارات السيادة خلال ال 12 شهرا من عمر المجلس التأسيسي الذي (منطقيا) تعود اليه كل السلطات والذي من مشمولاته الأولية أيضا تعيين رئيس ووزير أول وتكوين وزارة لكن عديد الاطراف تدعو الى ضرورة الوفاق فصاحب الأغلبية من المؤكد أنه سيستأثر بوزارات السيادة وهنا ينبّه عديدون الى ضرورة اختيار أكفاء لمثل هذه الوزارات ومن المحبذ أن يكون لهذه الكفاءات باع وذراع على غرار الفائمة المستقلة لرضا بوزريبة التي تدعو الى منح وزارات السيادة وبخاصة العدل والداخلية الى مستقلين أكفاء يمكنهم تحييد مؤسسات الدولة.. أصحاب الأغلبية والعدل والداخلية! التوجه العام لهذا الملف يؤشر على أنه سيكون من الصعب بمكان تحييد وزارات السيادة عن أصحاب الأغلبية في المجلس التأسيسي، فالمسألة غير سهلة ومرتبطة بالأشخاص أيضا ففي حال صعود حزبين بالأغلبية وكونا ائتلافا لن يفرطا في هذه الوزارات وعلى هذا الاساس تدعو عديد الأطراف المتداخلة في الساحة السياسية الى ضرورة دراسة كل هذه المسائل من الآن وتحديد موقف واضح لأنه اذا ما وقع انتظار انتخاب المجلس التأسيسي لتبدأ في ما بعد المشاورات حول كيفية تحديد الحكومة أو التفكير في الاقتصار على تحوير وزاري وغير ذلك من السيناريوهات الممكنة سيضيع الكثير من الوقت وقد تتجاوز فترة وجود المجلس التأسيسي السنة ..وتلاحظ الأطراف ذاتها أن الامر مرتبط بمدى تناسق المجلس خاصة أن جل الأحزاب لها مشاريع دساتير لا تختلف كثيرا عن بعضها البعض وفي صورة كانت رئاسة المجلس قادرة على المسك بزمام الأمور قد يتم التوافق الى صياغة دستور حتى قبل الآجال المحددة لذلك...