ما عرفناه عن النظام البائد أنه دائما يمارس سياسة المكيالين، فكلما اشتكى شخص من ظلم أو تذمر من تصرفات مسؤول أو تقصيره إلا وعاد عليه ذلك بالوبال فيصبح المتظلم في مقام الظالم، ويحرم من عدة امتيازات كانت من حقوقه، ولكن بعد الثورة خلنا أن هذه الممارسات الديكتاتورية»هربت» مع المجرم بن علي وولّت بلا رجعة وأصبحت العلاقة بين المواطن والمسؤول»صافية لبن» ولكن يبدو أن بعض أزلام النظام البائد- ممن مازالوا يرتعون في مكاتبهم ويتحملون المسؤوليات مازالوا أيضا يحنون لعهد الطاغية بعد أن"رضعوا" طيلة 23 سنة من حليبه. فالمواطنة سعيدة بنت عبد القادر بن عمروهي امرأة مطلقة- تكفل ابنين(تلميذان) وتعمل بالمعهد الثانوي علي بلهوان دون مرتب لا من وزارة التربية ولا من مجلس الولاية ولا حتى من منظمة التربية والأسرة بل إن عددا من الموظفين تكفلوا بمساعدتها شهريا بنحومائة دينارعلى ان تقوم ببعض أعمال النظافة بالمعهد عطفا منهم عليها وهي المسكينة التي لا»والي ولا تالي لها»- كانت تقدمت منذ مدة إلى السلط بمدينة نابل لمساعدتها فتم إدراجها بقائمة العائلات المعوزة وسلمتها الشهرالفارط أول منحة معوزين. وصادف ان نشرت المسكينة بعد أيام نداء على أعمدة صحيفة»الأسبوعي» إلى وزير التربية ووالي نابل لانتدابها بمصالح وزارة التربية وترسيمها حتى تطمئن على مستقبلها وقوت طفليها، ولكن هذا النداء لم يتقبله البعض ب»روح الثورة» بل اعتبروه مسا من شأنهم ومن»أسيادهم»، إذ بتوجه المواطنة المسكينة لتسلم منحة المعوزين أعلموها أنها لن تنال بعد اليوم مليما واحدا وطلبوا منها التوجه إلى الصحيفة لتمتعها بالمنحة !! لن نعلق هذه المرة على هذه الدعوة وردة الفعل تجاه هذه المواطنة التونسية بل سنترك القراء يعلقون ونفسح المجال للمسؤولين»الأحرار» للتفاعل مع هذه»العَملة» المسيئة لهم ولثورة 14 جانفي واتخاذ ما يرونه صالحا لتشعرهذه المواطنة انها تعيش فعلا في تونس ما بعد 14 جانفي.
مواطن يطلب حقه في العفو العام حسين بن عمار الهمامي يبلغ من العمر 56 سنة؛ أب لثلاثة أبناء أكبرهم 29 سنة وأصغرهم 21 سنة: اثنان منهم متخرجان من جامعات تونس و بانتظار باب الرزق وثالثهم سيتخرج بعد صيفين.. كان حسين يشغل خطة فني سام بالشركة التونسية للكهرباء والغاز بإقليم باجة تحت الرقم الآلي 50337، مارس العمل النقابي في سنوات الشدة و نشرت ضده قضية من أجل المؤامرة المقصود بها تبديل هيئة الدولة والانتماء إلى جمعية غير مرخص فيها وعقد اجتماعات محضورة رسمت بالمكتب الثاني بمحكمة باجة الابتدائية بتاريخ 31 مارس 1993 تحت عدد 2/ 10269 انتهت بالحفظ لعدم كفاية الحجة حسب قرار قاضي التحقيق وتسلم المعني بالأمر من المحكمة المذكورة شهادة في الحفظ بتاريخ 10 أفريل 1993 أمدنا بنسخة منها. ويؤكد محدثنا أنه تم إيقافه من قبل الجهات الأمنية لمدة 71 يوما ولم يتم إعلام وكيل الجمهورية إلا قبل انتهاء المدة ب 04 أيام وهو ما ترتب عنه عزله عن عمله بحجة مغادرة العمل منذ 26 / 11 / 1992 إلا أنه لم يدرج بعد صدور المرسوم عدد 01 لسنة 2011 المتعلق بالعفو العام ضمن المتمتعين بالعفو العام لذلك اتصل بالجهات المعنية وراسل الرئيس المديرالعام للشركة التونسية للكهرباء والغازورفع أمره لوزير العدل إلا أنه لم يحصل على رد إيجابي وهو يذكر أن عددا من معارفه من ولايات بن عروس وسوسة وتونس والمنستير، في نفس وضعيته ، تمتعوا بحقوقهم وأمدتهم المحاكم بشهادات في التمتع بالعفو العام وقد أمدنا بدوره بنسخ منها. فلماذا لم يتمتع حسين بالعفو العام خصوصا وهو يؤكد أن إيقافه التحفظي كان السبب الرئيسي لغيابه عن العمل وبالتالي عزله وحرمانه من قوته وإحالته على البطالة لمدة 21 سنة أصيبت خلالها زوجته بانهيارعصبي أودى بحياتها والرجل اليوم ، حسب قوله ، متأزم بانتظار لفتة صادقة تعيد له اعتباره وتمكنه من حقه حتى يحس بأن شيئا ما تغير حقيقة في تونس . حسين يتنقل يوميا من مكان إلى مكان متأبطا محفظة مليئة بالملفات ويطرق كل الأبواب.. أبواب الأمل في تونس الكرامة والأمل لعله ينتصر لنفسه ولأبنائه من سنوات الجمرالتي عاشوها. المنصف العجرودي