كثر الحديث خلال الفترة الأخيرة عن وجود "ميليشيات" لحركة النهضة تسعى إلى تشويه صورة كلّ اعتصام ترى فيه مسّا من صورة الحكومة ومصلحتها، في مشهد يذكّرنا بميليشيات التجمع المنحلّ. وتأتي هذه الاتّهامات عقب خروج العديد من أنصار حركة النهضة في وقفات احتجاجيّة مضادّة يقع خلالها تخوين الطرف المقابل واتهامه ب»اللاوطنيّة والانتماء إلى أزلام النظام السابق». «الأسبوعي» استعرضت أهمّ الأحداث التي شهدت تدخلا من طرف أنصار حركة النهضة واتصلّت بالسيد الفرجاني عضو المكتب السياسي لحركة النهضة لمعرفة رأيه في هذه المسألة. مثل اعتصام باردو1 الذي نظّم إبّان انطلاق أشغال المجلس الوطني التأسيسي، أوّل اعتصام خرج فيه أنصار حركة النهضة الذين دعوا إلى وجوب قبول جميع قرارات «الترويكا» وتحديدا حركة النهضة في المجلس الوطني التأسيسي لكونها صاحبة الأغلبيّة الفائزة في الانتخابات. وشهد هذا الاعتصام عدّة مناوشات بين المعتصمين وأنصار حركة النهضة من قبل «مجهولين». حضور متواصل وعلى إثر التعيينات على رأس بعض المؤسسات الإعلاميّة العموميّة دون الرجوع بالنظر إلى أهل الاختصاص، نظم الصحفيّون يوم 9 جانفي الجاري وقفة احتجاجيّة لاقت انتقادات لاذعة من قبل عدد من أنصار النهضة الذين تهجّموا على الإعلاميين بعبارات هجينة. ويستمرّ تدخل أنصار الحركة ليصل إلى منع ممثلين عن هياكل المجتمع المدني وتحديدا جمعيّة النساء الديمقراطيّات والرابطة التونسيّة للدفاع عن حقوق الإنسان من أداء واجبهم. إذ أكدت بختة جمور عضو جمعيّة النساء الديمقراطيّات ل»الأسبوعي» أنّها تعرّضت للشتم من قبل أنصار الحركة والحكومة الذين منعوها وزميلتيها من الاتصال بالمعتصمين أمام مقرّ الحكومة في القصبة. إذ قالت جمور: «انتقلنا إلى القصبة على إثر اتّصال من قبل بعض المعتصمين هناك، لكنّنا طردنا واتّهمنا بكوننا نسعى إلى الركوب على الأحداث ونعطّل نشاط الحكومة». كما أكدت محدّثتنا تعرّض زميلتها إلى الاعتداء بالضرب أمام مرأى أعوان الأمن الذين لم يحرّكوا ساكنا. نكفل حريّة التعبير وأمام هذه الاتهامات وغيرها، نفى السيد الفرجاني عضو المكتب السياسي لحركة النهضة وجود ميليشيات لحركة النهضة، قائلا: «أعتبر تلك الاتهامات تشويها للحركة، وسنقوم بمقاضاة كلّ شخص يوجّه لنا هذا الاتهام دون دليل». كما استدرك قائلا: «نحن نحترم الرأي المخالف لنا وندافع عن حقّه في الإدلاء به، ولكن لا يملك أحد حقّ مصادرة رأي أنصارنا في التعبير». وأشار الفرجاني إلى عدم قدرة الحركة على منع أنصارها من الخروج والتعبير عن آرائهم خاصّة أنّهم يتصرفون معظم الأحيان بصفة فرديّة. ودعا محدّثنا إلى وجوب تطبيق القانون على الجميع، بما في ذلك أنصار حركة النهضة، في صورة وجود تجاوزات، «لا أحد فوق القانون»، على حدّ تعبيره. النهضة تعتذر وأمام تصريحات عضو المكتب السياسي لحركة النهضة السيد الفرجاني، حصلت «الأسبوعي» على نسخة من اعتذار صادر عن المكتب الجهوي لحركة النهضة بسليانة، على إثر اعتداءات لفظيّة من بعض منخرطي النهضة، وهو ما تبرزه الوثيقة المصاحبة. إذ أكد كاتب عام المكتب زهير الرجيبي في وثيقة الاعتذار تعهد الحركة بتحمل المسؤوليّة كاملة في ذلك. وقال الرجيبي ل»الأسبوعي»، «لولا ذلك الاعتذار لازدادت الأمور سوءا لأنّ جمعيّة الشباب المعطلين عن العمل هددّتنا بتصعيد الأمور إن لم نطلب الاعتذار». لا تخلو ديمقراطيات العالم من وجود أنصار للحزب الحاكم، وهو حقّ مشروع لحركة النهضة لا يمكن إنكاره. لكنّ الواجب يحتّم على الحركة تأطير أنصارها الذين لا يفوّتون فرصة للاعتداء ماديّا أو معنويّا على من يخالفهم الرأي، حتى لا نصل إلى مشاكل وخلافات نحن في غنى عنها. فالتأطير والتوعية ضروريّان خاصّة أنّ الحركة أعربت عن رفضها لهذه «التصرفات الفرديّة».