تونس الصباح: قبل أيام قليلة من انطلاق موعد دورة جديدة للتكوين المهني وهي دورة فيفري 2008 كشفت نتائج سبر للآراء أجراه المرصد الوطني للشباب أن 53 بالمائة من الشباب المشاركين فيه يعتبرون أن برامج التكوين المهني تواكب التطور العلمي والتقني بصفة ضعيفة.. في حين نجد 31 بالمائة منهم يعتبرون مواكبة هذا التطور متوسطة و15 بالمائة فقط يعتبرونها جيدة.. ولا شك أن المهتمين بقطاع التكوين المهني سيأخذون هذه النتائج بعين الاعتبار.. فالشباب التونسي يتطلع إلى تحسين ظروف التكوين في مراكز التكوين المهني وخاصة إلى توفير التقنيات المتطورة والتكنولوجيات الحديثة في تلك المراكز ويطمح إلى أن يجد سبيلا نحو سوق الشغل إثر التخرج ويتوق إلى تكثيف عمليات التكوين بالتداول بين مراكز التكوين المهني والمؤسسات المشغلة حتى يضمن حظوظا أوفر للظفر بموطن شغل. أما أهم مطلب فيكمن في توفير عدد كبير من البقاع المفتوحة للمتكونين في الاختصاصات المطلوبة أكثر من غيرها في سوق الشغل إضافة إلى تجديد الاختصاصات من حين إلى آخر.. إذ تبين بالكاشف أن جل مراكز التكوين المهني تحافظ على نفس الاختصاصات التي تكون فيها طيلة سنوات فهي في كل عام تكون عددا كبيرا من الشبان في نفس الاختصاص وبمرور السنوات يصبح من الصعب على المتكونين إيجاد مكان لهم في سوق الشغل نظرا للمنافسة الكبيرة بينهم خاصة وأنهم ينشطون في فضاءات ضيقة ثم لكثرة المتخرجين في نفس المجال.. ولا شك أن مطالبهم مشروعة.. فلو يتم تجديد الاختصاصات التي توفرها مراكز التكوين المهني دوريا ستكون النتائج أفضل.. وإذا استحال ذلك يتعين توفير عدد كاف من المبيتات لفائدة المتكونين فهناك الكثير منهم يحرمون من متابعة تكوين مهني معين في أحد المراكز نظرا لأنه بعيد جغرافيا عن مقرات سكناهم ولأن إمكانياتهم المادية لا تسمح لهم بتوفير السكن الخاص. وفي هذا السياق علمنا أن الوكالة التونسية للتكوين المهني ستعمل خلال سنة 2008 على استكمال بناء 3 مبيتات وإعداد الدراسات لنحو 11 مبيتا. ولكن هذه المبيتات لا تكفي إذا ما نظرنا إلى طاقة استيعاب قطاع التكوين المهني الحالية (57 ألف عرض تكوين خلال السنة تكوينية 2007 2008 نجد 48 ألف منهم بالوكالة التونسية للتكوين المهني و5 آلاف بالقطاع الخاص والبقية في عدة هياكل عمومية أخرى مثل وكالة الإرشاد والتكوين الفلاحي والديوان الوطني التونسي للسياحة ووزارة الصحة العمومية ووزارة الدفاع الوطني).. ثم أنه ستقع إعادة هيكلة 5 مراكز 4 مراكز تكوين وتدريب ومركز قطاعي والانطلاق في أشغال إعادة هيكلة 4 مراكز: 2 مراكز تكوين وتدريب و2 مراكز قطاعية وإعداد الدراسات لستة مراكز: 4 إعادة هيكلة وإحداثان جديدان. الهجرة بالإضافة إلى الرغبة في تنويع الاختصاصات وتجديدها بالمراكز وتوفير إمكانيات أكبر للإقامة داخل مبيتات مراكز التكوين المهني فإن الهاجس الذي يعيشه الكثير من رواد مراكز التكوين هو تحسين مهاراتهم بالقدر الكافي قصد البحث بعد التخرج عن فرص شغل خارج البلاد وخاصة في البلدان الأوروبية.. فمنذ سنوات تبين أن إيطاليا مثلا تحتاج سنويا إلى يد عاملة مختصة في بعض الحرف.. وأنها تفتح أبوابها للراغبين في الهجرة من أصحاب الشهادات في التكوين المهني.. ولكن تبين أيضا أن العديد من المهاجرين يجدون عند الالتحاق بهذا البلد صعوبة في الاندماج بسهولة في سوق الشغل نظرا لأن التكوين الذي تلقوه لا يفي بالحاجة ونظرا لعدم مسايرتهم للتطور التكنولوجي في قطاع التكوين المهني وهو ما يضطر الكثير منهم لتغيير تخصصاتهم هربا من البطالة. وخلافا لهذه الفئة فهناك من الشبان من لا تستهويه الهجرة ويطمح إلى إيجاد فرصة عمل في أحد المشاريع الضخمة التي سيقع انجازها في تونس خلال الخماسية القادمة خاصة في قطاعات البناء والكهرباء والمهن ذات العلاقة بهذا المجال.. قطاع البناء في هذا الإطار يمكن التذكير بأن الوكالة التونسية للتكوين المهني دعمت عروض التكوين في قطاعات البناء والأشغال العمومية وبلغت نسبة الزيادة 50 بالمائة حيث بلغت عدد البقاع في هذا الاختصاص 6600 بقعة في سبتمبر الماضي.. كما نجد اهتمام بالتكوين في مجال اللحام والتركيب المعدني وذلك بزيادة في طاقة التكوين بنسبة 32 بالمائة وتم في شهر سبتمبر الماضي توفير 2060 بقعة. هذا وتمت مراجعة بعض الاختصاصات وتطويرها إلى 54 مهنة جديدة منها 14 مهنة في البناء و9 مهن في الأشغال العمومية و8 مهن في اللحام والتركيب المعدني و6 مهن في الكهرباء و8 مهن في سياقة معدات الحظائر. وسيتم تنفيذ برنامج تكويني خصوصي في مجالات البناء والأشغال العمومية واللحام وينتظر أن يتجاوز عدد المستفيدين منه خلال سنة 2008 الألفين. وبالنظر إلى قائمة الاختصاصات المتاحة للتكوين المهني في دورة فيفري 2008 يمكن الإشارة إلى أن اختصاص البناء ماثل بكثافة.. فللحصول على شهادة الكفاءة المهنية في البناء يمكن للشبان الالتحاق بعديد المراكز القطاعية الكائنة ببن عروس والمرناقية وسليمان وقرمبالية وتيبار وتالة وساقية الزيت بصفاقس وقابس وغيرها.. كما نجد العديد من المراكز التي تكون في اختصاص كهرباء البناء.. ولا شك أن توفير الاختصاصات المطلوبة في سوق الشغل أمر يطمح إليه جميع المتكونين في قطاع التكوين المهني ولكن يجب أن يواكب التكوين نسق التطور التقني والعلمي حتى لا يبقى خريج مركز التكوين المهني خارج السرب وحتى لا تضطر الشركات الراغبة في انتداب خريجي التكوين المهني إلى البحث عن حاجياتها خارج البلاد.