تونس الصباح قررت أمس الدائرة الجناحية الثامنة بالمحكمة الابتدائية بتونس 1 إطلاق سراح نصر الدين بن سعيدة مدير جريدة "التونسية" بعد أن استنطقته واستمعت إلى مرافعات الدفاع فيما أجلت النظر في القضية إلى جلسة يوم 8 مارس القادم، وقد قوبل إعلان المحكمة عن إطلاق سراحه بالتصفيق الحار من قبل الحاضرين بقاعة الجلسة من محامين ومن ممثلين عن منظمات حقوقية وعن النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين. وصرح أمس نصر الدين بن سعيدة عند استنطاقه حول التهم التي وجهت له والمتعلقة بوضع وبيع نشرات وكتابات إلى العموم من شأنها النيل من الأخلاق الحميدة وكذلك المس من صفو النظام العام طبق أحكام الفصل 121 من المجلة الجزائية أن الصورة التي وقع نشرها تتعلق بنجم رياضي تونسي الأصل ويحمل الجنسية الألمانية مضيفا أن اللاعب كان مرتديا لملابسه ملاحظا أن شكل الصورة عبارة عن لقطة إشهارية وتتضمن بعدا جماليا، مؤكدا على أنه لم تكن لديه أية نية للمس من الأخلاق الحميدة. وبسؤال القاضي له عن التهديدات التي وردت عليه من مجهولين عبر الهاتف القار يوم صدور العدد الذي تضمن الصورة المذكورة أجاب أن لا علم له بالتهديدات المذكورة ذاكرا أنه بمجرد حضور أعوان الأمن إلى مقر عمله أذن للعاملين معه بسحب العدد الذي صدرت فيه الصورة من جميع الأكشاك بتونس. وبسؤال المحكمة له إذا ما كان يريد من خلال نشر تلك الصورة أن يعبر عن رأي أو موقف صرح أنه نشر خبرا عاديا يتعلق بشخصية رياضية وهو في النهاية رأي فني لأن للصورة بعدا جماليا.
20 محاميا للدفاع
وبإفساح المجال لمحاميي المتهم قدم ما يزيد عن 20 محاميا إعلامات نيابة للدفاع عن بن سعيدة وبطلب من المتهم وهيئة الدفاع استهل الأستاذ عبد الرؤوف العيادي المرافعات فلاحظ أن موكله صحفي نشر خبرا مرفوقا بصورة مضيفا أن نشرها لم يلحق أي ضرر لأي طرف ولا تستوجب ايقاف ثلاثة صحفيين وسحب العدد الصادر في ذلك اليوم من الأكشاك مشيرا إلى أنه في غياب أي ضرر يعني غياب الركن المادي في هذه القضية. وأضاف الأستاذ العيادي أن الفصل 121 من المجلة الجزائية جاء بموجب قانون شرع سنة 2001 في عهد النظام البائد حيث كانت قضايا الرأي والصحفيين تثير احتجاجات من طرف المنظمات الحقوقية، ملاحظا أن هذا القانون جاء في إطار سياسة قمعية حيث سحب المخلوع ذلك القانون من مجلة الصحافة وأقحمه في المجلة الجزائية كي يخفف الضغط من طرف المنظمات الحقوقية لأنه كان أداة من أدوات القمع والاستبداد. وأضاف أن موكله لم يرتكب أي ذنب ورغم ذلك صدرت ضده بطاقة ايداع بالسجن مشيرا إلى أنه ورد بالشكاية أن "تلك الصورة لم يتعود عليها المواطن" ملاحظا أن المواطن التونسي ليست غريبة عنه مثل تلك الصورة إذ نشاهد على شواطئنا نساء بلباس البحر وطلب الحكم بعدم سماع الدعوى في حق موكله.
مجلات الموضة على الخط
وبإعطاء الكلمة للأستاذ شكري بلعيد لاحظ أن الفصل الذي أحيل بموجبه موكله وقع ترحيله من مجلة الصحافة إلى المجلة الجنائية كي تتم محاكمة الصحفيين على أنهم مجرمو حق عام مضيفا أن هذه القضية وردت فيها تعليمات من جهة رسمية ملاحظا أن ما يدل على وجود تلك التعليمات حجز عدد الجريدة الصادر في ذلك اليوم والتنكيل الواضح بموكله مشيرا إلى أنها عملية تنكيل خارجة عن إطار القانون لأن الفصل 121 تحدث عن الصورة. والصورة موضوع هذه القضية تم أخذها من الأنترنيت مضيفا أن الوكالة التونسية للأنترنيت كان صدر حكم ضدها بغلق جميع المواقع الإباحية ملاحظا أن هذه الصورة لو كانت إباحية فلماذا لم يقع تتبع الوكالة المعنية. وأضاف أن المئات من مجلات الموضة تباع في الأكشاك وتحوي صورا لنساء شبه عاريات ولم تثر النيابة العمومية أية قضية لتتبع أصحاب تلك المجلات كذلك الشأن بالنسبة للوحات الإشهارية المتعلقة بأدوات الزينة ذات الماركات العالمية المثبتة على واجهات عديد المحلات، ملاحظا أن النيابة لم تحرك ساكنا إزاء تلك الصور. وأضاف أن هناك قاعدة دولية تحكم الصحافة والإعلام وتقول أن الخبر مقدس والتعليق حر مضيفا أن تلك الصورة جزء من الخبر ومدير الجريدة عندما نشرها كان يمارس عمله طبقا لعرف معمول به على المستوى الدولي، ملاحظا أن إيقاف موكله كان من ورائه أناس يريدون تكبيل الحرية والنيابة العمومية تنحاز بوضوح لضرب الحرية.
النيابة تطلب
ولاحظ محام آخر أن مرسوم مجلة الصحافة وضع في الهيئة العليا لحماية الثورة والانتقال الديمقراطي والفصل 121 سبق وأن حوكم بمقتضاه رئيس الجمهورية منصف المرزوقي وكذلك محمد عبو ورئيس المجلس التأسيسي ملاحظا أنه إذا ما تواصل التمشي في هذا المنحى وهذا الفصل فسيقع التصدي إليه، وبإعطاء الكلمة للنيابة العمومية طلب ممثلها تطبيق القانون والإذن بالنفاذ العاجل.