انسحبت أمس أغلبية الكتل المعارضة في التأسيسي مع انطلاق جلسة الحوار مع الحكومة، وعبرت ميّة الجريبي في تصريح خاطف ل «الصباح» ان ضبط تدخل كل نائب بدقيقة واحدة ليست سياسة بناء وهي من المضحكات المبكيات و«كأني بالحكومة تتكلم وجناحاتها ترد عليها» على حدّ قولها. تغطية: ريم سوودي وجهاد الكلبوسي
واضافت الجريبي «نحن ككتلة نريد حوارا حقيقيا يبني لمستقبل افضل نسعى من خلاله لايجاد حلول ونتشبث بدورنا كمعارضة ونرفض ان نكون ديكورا ونلعب دورا شكليا في جلسة الحوار». وذكرت بأن الكتلة الديمقراطية سبق وان طالبت بلقاءات مع كل من وزيري الداخلية والشؤون الخارجية وذلك لمدى ارتباطهما بما تطرحه الساحة الاجتماعية والسياسة من اشكاليات وتجاذبات تستوجب اعطاء هذا الظرف فسحة من الوقت الكافي لمعالجتها لا التضييق عليها بتحديد مدة التدخل وحمّلت في نفس الاطار رئيس المجلس الوطن التأسيسي مسؤولية انسحاب كتل المعارضة في حال عدم مراجعة توزيع حصص التدخلات، واعتبرت ان تشبث «الرئاسة» بموقف عدم مراجعة التوقيت رغم الطلب المقدم من المعارضة سعي لتفويت فرصة حوار حقيقي بين المعارضة والحكومة على أمهّات القضايا والإشكاليات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي أرهقت الشعب التونسي. وفي السياق ذاته تساءل نائب العريضة الشعبية الحسني الفرحاني عن كيفية ايصال صوت الشعب وقضاياه في دقيقة واحدة؟ وطالب بالاقتداء بديمقراطيات الانظمة الغربية التي توزع حصص تدخل النواب في مساءلات الحكومات مناصفة بين المعارضة ونواب الحكومة. وفي نفس الاتجاه احتجّ النائب مراد العمدوني على الطريقة التي اعتمدتها رئاسة المجلس في توزيع وقت التدخل معتبرا ذلك محاولة لتضليل الراي العام وباسمه وباسم الاحزاب التي يمثلها قال:» اعلن انسحابنا من الجلسة فنحن انتخبنا الشعب من اجل تبليغ صوته».
الرئاسة.. ترد
ردا على تدخلات نواب المعارضة, قال مصطفى بن جعفر رئيس المجلس الوطني التأسيسي ان انسحاب المعارضة محاولة لمغالطة الراي العام،وذكر انه لا يستغرب احتراز الكتلة الديمقراطية على «دقيقة تدخل»وانما استغرب قرار انسحاب بقية كتل المعارضة الاخرى التي كانت وافقت على هذا التوزيع في اجتماع رؤساء الكتل اول امس. وردا على تحميل الجريبي له مسؤولية انسحاب المعارضة قال بن جعفر»انتم من ترفضون فرصة التواصل لانكم تريدون الظهور اعلاميا». واضاف «هذه جلسة حوار وليست لمحاسبة الحكومة ويبدو انّ هناك تنديدا بديكتاتورية الاغلبية وفي الحقيقة هذه ديكتاتورية الاقلية... وان اسلوب مغادرة القاعة مناف للارادة الشعبية خاصة ان المعارضة تهدد في كل فرصة بالمغادرة والانسحاب». وبين ان تنظيم الجلسة العامة يعود الى مكتب المجلس الذي حددها بمدة زمنية في حصتين صباحية ومسائية، موزعة بين مداخلات الوزراء (ساعتان) ومداخلات النواب (بين ثلاث واربع ساعات). وعن تساؤل خميس قسيلة حول كيفية مواصلة الجلسة ونصف القاعة شاغرة وفي غياب كتل المعارضة الامر الذي يبعث برسائل غير مطمئنة للشعب التونسي مطالبا رئيس المجلس برفع الجلسة والاتصال برؤساء كتل المعارضة للتوافق، اوضح بن جعفر ان الجلسة ستتواصل لان النصاب موجود قائم رغم انسحاب المعارضة و»لو كانت هناك رغبة حقيقية في الحوار لما تصرف بعض النواب المحترمين بهذا الشكل». هذا وقد اعلن بن جعفر اثر انسحاب المعارضة عن تواصل الجلسة المخصصة للحوار التي اقتصرت على حضور نواب «الترويكا» وعدد محدود جدا من بقية نواب المعارضة مع كل من وزير الداخلية ووزير الخارجية ووزير الشؤون الاجتماعية ووزير الفلاحة وذلك بتدخل ممثلي الحكومة اولاّ ثم بإعطاء الكلمة فيما بعد الى النواب.
المعارضة توضح..
افادت النائب سلمى بكار ل «الصباح» ان المطالبة بحضور وزيري الداخلية والشؤون الخارجية كان انطلاقا من أن الدبلوماسية الخارجية والوضع الامني يطرحان اشكاليات يتطلبان مراجعة. واضافت :»ان الكتلة النيابية للترويكا ليست بحاجة الى مساءلة الحكومة فهي حكومتها والاسئلة تأتي من المعارضة وليس من نواب الحكومة الذين هم ثلاثة اضعاف حصص الوقت المخصص للمعارضة ورغم مطالبتنا بمراجعة توزيع الوقت منذ اول امس لم نتلق ردا». وتساءل النائب قيس مختار هل يقبل الرأي العام ان يناقش نوابه الإشكاليات الاقتصادية وفزاعة السلفية في ثلاثين دقيقة وهي حصة الكتلة الديمقراطية. واعتبر إياد الدهماني ان اجتماع أول أمس لم يكن رسميا وإنما «كان لبحث التوافق فقط فتحديد الوقت المخصص لتدخل كل نائب تضبطه ندوة الرؤساء وهي لم تجتمع أول أمس «.وان انسحابهم يدخل في المطالبة المشروعة في حق المعارضة في مساءلة الحكومة. كما أبدى النائب أيمن الزواغي (عن العريضة الشعبية) عن الرفض القطعي لقرار رئاسة المجلس في ترتيب جلسة مساءلة الحكومة واعتبر ان هذه الممارسات تعود بنا الى أساليب النظام السابق. في المقابل اعتبرت النائب سنية تومية (عن كتل حركة النهضة) ان انسحاب المعارضة من جلسة اليوم (امس) يعدّ هروبا من المسؤولية ومن فرصة الحصول على إيضاحات من طرف أعضاء الحكومة في إطار مصارحة بينها وبين نواب الشعب علما وان نصف العلاج هو تشخيص الداء. ورأى رفيق عبد السلام وزير الشؤون الخارجية في تصريح خاطف ل «الصباح» ان قرار انسحاب نواب المعارضة يدخل في اطار مشهد الديمقراطيات الحديثة ومن حقهم الحضور من عدمه.
مداخلات الحكومة..
شهدت الحصة الصباحية لجلسة الحوار مع الحكومة تقديم مداخلتي وزير الداخلية والوزير المكلف بالعلاقات بين المجلس التأسيسي والحكومة. وفسر محمد الكيلاني الوزير المكلف بالعلاقة بين المجلس التأسيسي والحكومة ان إحداث هذه الخطة (أي تلك التي يتحملها) نسج على منوال ما هو موجود في الديمقراطيات الحديثة. ودعا جميع السياسيين والنقابيين والناشطين في المجتمع المدني أمام التحديات التي تفرضها الظرفية الحالية الى التواصل عبر الحوار البناء سعيا لتحقيق تطلعات الشعب. من جانبه قدم وزير الداخلية علي العريض تقييما عاما للوضع الامني الذي يعيش «فورانا» على حد قوله معتبرا انه تحسن نسبيا مقارنة بسنة 2010 أن وزارة تمسك احصائيات تؤكد ذلك وضرب مثلا بقوله» ليس من السهل على بلد مثل تونس تمرّ بثورة ان يتم فيها تنظيم مؤتمر دولي من حجم مؤتمر أصدقاء سوريا تزامنا مع خروج تنظيم اكثر من مسيرة». وبين انه لا يوجد في هذه المرحلة ما يهدد تونس من الخارج وكل تهديد وانفلات امني واشكاليات واضرابات واعتصامات فهي صادرة عن ابناء الوطن. واعلن العريض ان عدد أعوان الأمن الحالي لا يكفي في ظل المطالب المتزايدة للمواطنين وان خمسين بالمائة من المهمة التي يقوم بها رجل الامن حاليا لا تدخل في الواقع ضمن مهامه. وحمّل العريض الاتحاد العام التونسي للشغل مسؤولية العنف الذي صدر عن قوات الامن في المسيرة التي انتظمت السبت الماضي وبين ان اتحاد الشغل كان التزم بتأمين المسيرة في طلبه المقدم سلفا الى وزارة الداخلية، كما اشار الى ان اتحاد الشغل لم يأخذ بعين الاعتبار في اصراره على مواصلة اضراب عمال النظافة امكانيات الحكومة الحالية وطلبها تأجيل احتجاج هذا القطاع في هذا الظرف معلنا ان الحكومة الحالية لها نيّة تحسين القدرة الشرائية والدخل العام للتونسي بصفة عامة مع اعطاء الاولوية لذوي الدخل المحدود. كما تناول العريض في مداخلته ازمة تساقط الثلوج ومعضلة الفيضانات و»تنفيس» السدود.