علمت "الأسبوعي" من مصادر مطلعة أن الحكومة استجابت المؤقتة لاقتراح أحد أعضاء لجنة المصادرة المتعلق بدمج لجنتي المصادرة والتصرّف في هيكل موحّد وذلك بهدف مزيد تفعيل عمل اللجنتين وضمان التنسيق بينهما بالإضافة إلى تدعيم اللجنة بالموارد البشريّة والإمكانيّات الماديّة واللوجستيّة الضروريّة. ومن المنتظر أن يتولى رئاسة هذا الهيكل رئيس الحكومة المؤقت حمادي الجبالي ممّا أثار ردود فعل متباينة. «الأسبوعي» اتصلت بسامي الرمادي رئيس جمعيّة الشفافيّة الماليّة ويونس الزمزمي ممثّل وزارة أملاك الدولة والشؤون العقاريّة في لجنة المصادرة بالإضافة إلى سامي الطاهري الناطق باسم الاتحاد العام التونسي للشغل لرصد موقفهم من هذه المسألة. تمّ إحداث لجنة المصادرة صلب وزارة أملاك الدولة والشؤون العقاريّة بمقتضى المرسوم الرئاسي الصادر في مارس الماضي، وتتولّى جرد ممتلكات وعقارات المخلوع وزوجته وأصهاره وأتباعه إضافة إلى مصادرتها. في حين تتولّى لجنة التصرّف اتّخاذ التدابير اللازمة لضمان المحافظة على السير العادي للشركات، وأمام تشتت مسار المصادرة بين مختلف اللجان ممّا يؤدّي إلى غياب رؤية واضحة حول مآل الأملاك المصادرة، تمّ إقرار تأسيس هيكل يدمج اللجنتين. رئيس الحكومة هو الأنسب! في هذا الإطار، قال يونس الزمزمي ممثّل وزارة أملاك الدولة والشؤون العقاريّّة في لجنة المصادرة ل«الأسبوعي»: «إنّ ما يهمنّا هو تفعيل نسق التصرفّ في هذه الممتلكات المصادرة التي أصبحت تمثّل عبئا على ممتلكات الدولة، ورئاسة حمادي الجبالي لهذا الهيكل تسهّل عمل اللجنتين». إذ أكد الزمزمي أنّ أعضاء من لجنة المصادرة قدّموا اقتراح إدماج اللجنتين في هيكل يتمتّع بالاستقلاليّة التامّة ويكون تحت إشراف وزير الماليّة أو رئيس الحكومة. وعن مدى استقلاليّة هذا الهيكل الذي يرأسه الجبالي، قال محدّثنا: «لن يكون للسلطة السياسيّة أيّ تأثير على قراراتنا، فسلطة الإشراف لا تعني التبعيّة والمفهوم الإداري المتعوّد عليه، وإنّما يجب على الحكومة أن تكون طرفا في هذا الهيكل لأنّ ذلك مفروض عليها». وفسّر ذلك باعتبار أنّ الهيكل سيتخذ قرارات إستراتيجيّة في توظيف الأموال، مما يحتّم على الحكومة تحمّل مسؤوليّتها الوطنيّة والتاريخيّة، قائلا: «يبقى رئيس الحكومة المخاطب الوحيد والأمثل لأنه سيضمن تخصيص ميزانيّة للهيكل إضافة إلى توفير الوسائل اللازمة لتسهيل عملنا». يجب الابتعاد عن التوظيف السياسي من جهته، قال سامي الرمادي رئيس جمعية الشفافيّة الماليّة ل«الأسبوعي»: «جيّد أن يقع إدماج اللجنتين ولكن لا يجب رئاسة هذا الهيكل من قبل رئيس الحكومة المؤقت». وفسّر قوله باعتبار أنّ الحكومة المؤقتة لديها عدّة مشاكل و»من الضروريّ تخفيف العبء عليها»، على حدّ تعبيره مضيفا أنّ الحكومة غير قادرة حاليّا على حلّ مشاكل الدولة حتّى يقع إلهاؤها بملفّ حساس. وأكد الرمادي على وجوب استقلاليّة هذا الهيكل لتجنب التوظيف السياسي. كما دعا إلى وجوب رئاسة هذا المجلس من قبل شخص مستقلّ ذو خبرة في المجال. ويرى محدّثنا أنّ محافظ البنك المركزي هو الشخصيّة الأجدر لرئاسة هذا الهيكل. كما اعتبر أنّ دور الحكومة يقتصر على التسّلح بالإرادة السياسيّة لاسترجاع الأموال المنهوبة وتوفير ظروف نجاح عمل الهيكل قائلا: «من الأفضل أن تسرّع الحكومة في التفويت في الشركات المصادرة وعرضها للبيع لأنّ إدارة هذه الشركات تكون ناجحة إذا كان المشرف من الخوّاص». تداخل بين السلط! أكد سامي الطاهري ل«الأسبوعي» أنّ عمليّة الإدماج ضروريّة باعتبار أنّ العمل المتكامل ضروريّ. لكنّه تساءل عن سبب رئاسة هذا الهيكل من قبل الجبالي، قائلا: «كان من الممكن التنسيق مع الجبالي ولكن لم يقع تعيينه على رأس هذا الهيكل فذلك يؤدّي إلى تداخل بين السلط ممّا قد يؤثر على إدارة الملفّات والتعامل معها». وأكد على أنّ نجاح الهيكل هو رهين استقلاليّته مشيرا في هذا الإطار إلى نجاح عمل الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات ولجنة تقصّي الحقائق حول الرشوة بفضل استقلاليّتهما. وعن إمكانيّة رئاسة هذا الهيكل من قبل محافظ البنك المركزي، قال الناطق باسم الاتحاد العام التونسي للشغل: «إن كان البنك المركزي مستقلا فمن الممكن وضع محافظ البنك على رأس الهيكل ولكن إن لم يكن كذلك فمن المحبّذ الابتعاد عن تعيينه لأنّ في هذه الحالة سيصبح ممثّلا للسلطة». تجاذبات في الآراء حول وضع الجبالي على رأس الهيكل الذي يدمج لجنتي المصادرة والتصرّف، فهل تبدأ الحكومة التفكير في تعيين شخصيّة مستقلة على رأس هذا الهيكل لضمان استقلاليّته؟