أحمد فريعة: «قبلت الوزارة لأن المخلوع تعهد بإجراء إصلاحات سياسية» ! واصلت أمس الدائرة الجنائية بالمحكمة العسكريّة الدائمة بتونس النظر في قضيّة شهداء وجرحى الثورة بكل من إقليمتونس الكبرى وزغوان وبنزرت ونابل وسوسة والمنستير والتي سقط فيها 42 شهيدا وأكثر من 70 جريحا أطلق عليهم الرصاص الحي خلال مشاركتهم في المظاهرات المطالبة بإسقاط النظام خلال الفترة الممتدة بين 17 ديسمبر 2010 و14 جانفي 2011. وخصصت هذه الجلسة لطرح أسئلة من طرف محاميي الدفاع والقائمين بالحق الشخصي على المتهمين عن طريق المحكمة فيما تقرر تخصيص الجلسة القادمة للمرافعات. انطلقت الجلسة حوالي الساعة التاسعة والنصف صباحا بتوجيه رئيس الدائرة بنداء لعائلات الشهداء لمد المحكمة أو المحامين بشهادات وفاة أبنائهم وذلك لتسهيل الإجراءات. في حين تغيب المكلف العام بنزاعات الدولة . ولاحظ ممثل النيابة العسكرية أن محامين تقدموا للنيابة لاستئناف التحقيقات المتعلقة بهذه القضية وأشار إلى أنه إذا ما ظهرت أدلة جديدة تكشف عن جناة لم تشملهم هذه القضية فعلى المحامين رفع دعوى قضائية في هذا الأمر فلاحظ الأستاذ شرف الدين القليل محامي عائلات الشهداء والجرحى أنه بإمكان النيابة العسكرية إثارة الدعوى ضد هؤلاء. وقدم الأستاذ القليل وثيقة ولاحظ أنها تعتمد عادة في مراكز الأمن وتسجل فيها الذخيرة التي تم استعمالها للتصدي للمتظاهرين وذكر أن وزارة الداخلية تحجم عن مد المحكمة بها ولاحظ أن الوثيقة تثبت وجود متهمين آخرين مورطين في قتل المتظاهرين ولم تشملهم التتبعات. ولاحظت الأستاذة الحداد أن الجريمة طمست منذ لحظة دخول القتلى والجرحى المستشفيات مضيفة أن طمس الحقيقة «موجه» في هذه القضية ويجب إجراء المزيد من الأبحاث. ووجه الأستاذ الهادي العبيدي مجموعة من الأسئلة لبعض المتهمين وكان أول سؤال لعلي منصور المتفقد العام للأمن الوطني سابقا حيث سأله عن كيفية إجراء عمليات التفقد قبل الثورة فأجاب أن المعمول به عادة هو برنامج شهري للتفقدية يتضمن ما تقوم به من أعمال وتفقد مضيفا أنها تعده بالتنسيق مع المديرين ويعرض فيما بعد على المدير العام للأمن الوطني للموافقة عليه ثم تصدر بعد ذلك أوامر تتمثل في تكليف كل عون تابع للتفقدية للقيام بمهامه في التفقد مضيفا أن هناك عمليات تفقد فجئية وأخرى معلنة على مستويات المناطق والأقاليم والفرق والمراكز الأمنية. ولاحظ أنه يتلقى أحيانا تعليمات عن طريق وزير الداخلية أو مدير عام الأمن الوطني فعارضه العادل التيويري مدير عام الأمن الوطني سابقا حول ما ورد في أقواله مبينا أن برنامج التفقدية يقوم به المتفقد العام بمفرده ثم يعرضه على مدير عام الأمن الوطني مبينا أن عمليات التفقد الفجئية مثلا يقوم بها علي منصور بمفرده ولا يعلم التيويري إلا بنتيجتها. وفي المقابل تمسك علي منصور بأن برامج التفقد ترسل قبل إنجازها للتيويري كما يحدد هذا الأخير التوقيت لإنجاز عملية التفقد، فيما لاحظ التيويري أنه طلب من علي منصور أن يتوجه إلى رأس الجبل يوم 13 جانفي 2010 قبل خطاب الرئيس المخلوع في حين عارضه علي منصور وأكد على أن التيويري طلب منه أن يتوجه لرأس الجبل على إثر خطاب المخلوع وأعلمه بسقوط قتيل وبعض الجرحى ملاحظا أن التيويري لم يكن يعلم العدد الحقيقي للقتلى والجرحى برأس الجبل. ولاحظ التيويري أنه بالنسبة للتقرير الذي أعدته الإدارة العامة للمصالح المختصة حول الوضع العام للبلاد أيام الثورة فلم يتمكن من تقديم ذلك التقرير للرئيس المخلوع خلال الإجتماع الذي عقده معه ومع رفيق القاسمي وآمر الحرس الوطني سابقا يوم 28 ديسمبر 2010 فلم يقدم نسخة منه للمخلوع لأن هذا الأخير لم يطلب الإطلاع على ما يقع من أحداث في تلك الفترة. وبسؤال القاضي لعلي منصور حول إذا ما كانت له علاقة بالرئيس المخلوع أكد هذا الأخير على أن لا علاقة له بالمخلوع وبعائلته. وفي سؤال آخر توجه به الأستاذ العبيدي لمحمد العربي الكريمي مدير قاعة العمليات سابقا حول إذا ما كان أحمد فريعة أعطى له تعليمات ليتصل بكافة الوحدات الأمنية ليطلب منها عدم إطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين أجاب أن فريعة لم يتصل به ولم يعطه تعليمات بعدم إطلاق النار. فتدخل أحمد فريعة ولاحظ أنه سمي وزيرا للداخلية مساء يوم 12 جانفي 2011 وكان صباح يوم 13 جانفي بمجلس النواب ومساء ذلك اليوم بمجلس المستشارين مضيفا أنه لم يكن يعلم بدواليب وزارة الداخلية مؤكدا على أنه طلب يوم 13 جانفي من رئيس ديوانه إعداد منشور لمنع استعمال الرصاص الحي ضد المتظاهرين مشيرا إلى أنه لم يكن يعلم أنه يجب المرور عبر قاعة العمليات المركزية لتبليغ تعليماته وأكد على أنه اتصل بقاعة العملية مبلغا إياها أنه لا يريد إراقة ولو قطرة دم واحدة. أما محمد العربي الكريمي فلاحظ أن قاعة العمليات أنشأتها وزارة الداخلية وجهزتها بأجهزة ذات تقنيات حديثة بتكلفة قيمتها 3 مليارات ومهمتها تبليغ المعلومات والتعليمات مضيفا أن كل المعلومات والتعليمات كبيرة كانت أو صغيرة تسجل في الإبان وتعرض على وزير الداخلية والمديرين العامين دون غربلتها ، مؤكدا على أنه لم يتلق أية تعليمات من فريعة بعدم إطلاق النار على المتظاهرين. وأضاف الكريمي أن المنشور الذي تحدث عنه فريعة كان موجها لبعض الأطراف ولم توجه نسخة منه لقاعة العمليات المركزية ملاحظا أنه حصل على نسخة منه من مدير عام الأمن الوطني. فرد عليه فريعة بأنه سلم المنشور لمدير ديوانه الذي تكفل بتسليم المنشور المذكور. وتدخل محمد لمين العابد آمر الحرس سابقا ولاحظ أن الحوصلة التي تعدها قاعة العمليات تصله في شأنها حوصلة يومية بعد أن يتم إعلامه حينيا بها مشيرا إلى أنه ليس مجبرا على إرسالها لوزارة الداخلية وصرح أنه بالنسبة لأحداث الثورة فقد كان يتم إعلامه بها في الحين ملاحظا أن كل التعليمات والمعلومات التي ترد على قاعة العمليات للحرس الوطني وإدارة الحرس الوطني يتم تسجيلها في دفتر يسمى بدفتر متابعة الأحداث اليومية. وأكد العابد أنه وبصفته آمرا للحرس الوطني فإنه لم يعط تعليمات بإطلاق النار أو استعمال القوة وقد اتخذ ذلك القرار بعد خطاب المخلوع الذي قال فيه أنه سيقع التصدي للمتظاهرين بكل حزم. وبسؤال الأستاذ العبيدي لأحمد فريعة حول الإجراءات التأديبية التي اتخذها عند سقوط ضحايا يومي 13 و14 جانفي 2011 أجاب فريعة أنه لا يمكنه في ظرف 24 ساعة التي قضاها على رأس الداخلية معرفة دواليبها واتخاذ قرارات ملاحظا أنه سعى منذ يومه الثاني كوزير داخلية إلى إصدار المنشور الذي يمنع استعمال الرصاص الحي نافيا تواطؤه مع أي كان أو التغطية على أي أحد للإفلات من أعماله الإجرامية مؤكدا على أنه قبل بهذه المهمة لأن المخلوع أعلمه أنه سيقوم بإصلاحات سياسية.