مدير عام المصالح المختصة "وزير الداخلية كان يغربل التقارير قبل أن يوصلها للمخلوع" ما حكاية ماهر1 وماهر2 واصلت أمس الدائرة الجنائية بالمحكمة العسكرية الدائمة بتونس النظر في قضية شهداء وجرحى إقليمتونس الكبرى وزغوان وبنزرت وسوسة والمنستير ونابل خلال الفترة الممتدة بين 17 ديسمبر 2010 و14 جانفي 2011 في ثالث جلسة لها وكانت استنطقت في الجلسات السابقة بعض المتهمين واستمعت أمس إلى عدد آخر منهم. وانطلقت الجلسة في حدود الساعة التاسعة وأربعين دقيقة صباحا لتمتد إلى الساعة السادسة مساء مع استراحة لمدة ساعة بين الفترتين الصباحية والمسائية، وأحضر المتهمون الموقوفون كما حضر المتهمون المحالون بحالة سراح عدا متهمين تغيبا وأشارت هيئة المحكمة إلى أنه وقع تبليغهما الإستدعاء بصفة قانونية كما تغيب الرئيس المخلوع عن الحضور باعتباره محالا بحالة فرار في حين حضر محاميه. وبعد المناداة على المتهمين وتلاوة أسماء الشهداء والجرحى والمناداة على محاميي جميع الأطراف شرعت المحكمة في استنطاق المتهمين. وأول المستنطقين كان علي بن منصور المتفقد العام للأمن الوطني حيث ذكر أنه عين متفقدا عاما في 25 أوت 2007 وامتدت فترة عمله حتى 26 جانفي 2011 موضحا أن التفقدية العامة للأمن تقدم خدمات للمواطنين وخاصة للمقيمين خارج حدود الوطن وتقوم ببحث شكايات المواطنين والعرائض التي يقدمونها مشيرا إلى أن من مهامها أيضا التنسيق مع بقية هياكل الأمن ومع تفقدية رئاسة الجمهورية ومع الجيش والحرس الوطنيين. وأضاف المتهم أن وحدات التدخل لها تفقدية خاصة بها على رأسها عقيد وقال أنه أحيانا تأتيه تعليمات مباشرة من وزير الداخلية سواء بالمكاتبات أو عن طريق الهاتف دون المرور بالتسلسل الإداري.
"التفقدية العامة مغضوب عليها"
صرح المتهم علي منصور أمس أن التفقدية العامة للأمن كان مغضوبا عليها مشيرا إلى أن الأعوان والإطارات الذين يتم تعيينهم بها هم الذين يقع عزلهم من مناصبهم مؤكدا على أن التفقدية كانت مهمشة وأنه لم يحضر أي إجتماع بوزارة الداخلية خلال أحداث الثورة ولم يتصل به وزير الداخلية ملاحظا أن المدير العام للأمن الوطني اتصل به خلال تلك الفترة أربع مرات فقط مرة كانت في رأس السنة الماضية ومرة أخرى طلب فيها منه أن يرسل الإطار"سالم الجمني" إلى سيدي بوزيد لتعويض إطار آخر. مضيفا أن المرة الثالثة التي اتصل به فيها هي ليلة 13 جانفي إثر خطاب المخلوع حيث أمره أن يتحول إلى جهة رأس الجبل بعد سقوط شهداء هناك ومرة رابعة حول إخفاء أسلحة بميناء حلق الوادي كي لا تصل إليها أيادي المتظاهرين. وقال المتهم في تصريحاته أمس أنه لم يحضر اجتماعات "خلية أزمة" والتي كان يحضرها وزير الداخلية والمدير العام الأمن الوطني وآمر الحرس الوطني ومحمد الغرياني وغيرهم. وجوابا عن سؤال وجهه له القاضي حول سبب عدم تكليفه بأي تفقد في فترة الثورة أجاب أنه ربما لم يروا فائدة من التفقد في تلك الفترة مشيرا إلى أن القيادة قد تكون رأت أن ما حدث لم يكن يستدعي المؤاخذة مشيرا إلى أنه أعد تقريرا حول أحداث رأس الجبل حيث سقط ثلاثة شهداء و9 جرحى مؤكدا على أن تقريره لم يصل إلى وزير الداخلية أحمد فريعة. ولما لاحظ له القاضي على أن من مهامه إجراء تفقد من تلقاء نفسه لاحظ أنه يقوم بالتفقد من تلقاء نفسه في العمليات البيضاء حيث يعلم عن وقوع حادث أبيض ويراقب عمل الأعوان وكم من الوقت يستغرقون للتحول إلى مكان الحادث. ملاحظا أنه يعتقد أن الرئيس المخلوع كان يعتبر استعمال "الكرتوش الحي" مسألة عادية وقد فهم ذلك من خلال خطابه الأخير، مضيفا أنه عندما تحول إلى جهة رأس الجبل لاحظ وجود كميات كبيرة من عبوات الخراطيش الفارغة أمام أحد مراكز الأمن كما لاحظ وجود طلق ناري في العمق لا مبرر له مؤكدا على أنه لم يلاحظ أي آثار لحرق المركز ولا يوجد أي عون مجروح. وأضاف المتهم أن إطلاق النار قد يكون تم بطريقة عشوائية ومتتالية وقد يكون صدر من فوهة سلاح رام ماهر ملاحظا أن أحد الشهداء برأس الجبل كان يحمل إصابة بين العينين ودون أن تمس إحداهما مما يدل على أنه أصيب بطلقة من رام ماهر. وأشار المتهم إلى أن هناك مسؤولية تتحملها القيادات الأمنية بسبب عدم تأطيرها لأعوانها مؤكدا على أنه ليست هناك أي وحدة أمنية مسلحة تعمل تحت إمرته. وبسؤال القاضي له عن السبب الحقيقي وراء عدم قيامه بتفقد من تلقاء نفسه وهل أنه يعود إلى خوفه من التعرض للعقوبات قال أنه لا يخاف من أية عقوبات ولكنه يعمل تحت إمرة المدير العام للأمن الوطني ويتلقى التعليمات منه، مضيفا أن ضميره مرتاح، وحول تفسيره لقول المخلوع في خطابه "بكل حزم" قال أنه يعتقد أن بن علي سمح باستعمال كل الوسائل لردع المتظاهرين وفسر كلام المخلوع "يزي مالكرتوش الحي" بأنه سمح قبل ذلك باستعمال الرصاص الحي للتصدي للمتظاهرين.
القناصة من هم
وبسؤال المتهم عن القناصة قال إنه يعتقد مثلا حول حادثة رأس الجبل أن الأعوان هم الذين أطلقوا النار على المتظاهرين مضيفا أنه لو دخل عنصر غريب عنهم لألقي عليه القبض على الفور. وبمواجهة القاضي له بتصريحات بعض المتهمين وقولهم أنه كان متخاذلا أكد على أنه منضبط وينزل للميدان في كل الأوقات وقام بواجبه على أكمل وجه رغم أنه على أبواب تقاعد مضيفا أنه طيلة حياته المهنية لم يطلق رصاصة واحدة حتى في أحداث الخبز عندما كان رئيس منطقة بالمهدية. ولاحظ المتهم أنه لم يقع تشريكه في أي إجتماع خلال أحداث الثورة في حين أنه كان يشارك سابقا في الإجتماعات التي تقع في الحالات العادية كالمقابلات الرياضية. "علي السرياطي كان مهيمنا على وزارة الداخلية" أثناء استنطاقه لاحظ المتهم أن علي السرياطي كان مهيمنا على وزارة الداخلية وكان يتصل بكل القيادات الأمنية وذكر أنه في إحدى المرات اشتكى له شخص من مدير أحد الأقاليم وقال أن هذا الأخير هدده ولما استفسر هو أي علي منصور- مدير الإقليم المعني أخبره أن السرياطي هو من أعطاه تعليمات ليقوم بتهديده. وترحم المتهم في خاتمة تصريحاته على أرواح الشهداء.
مديرعام المصالح المختصة
وباستنطاق رشيد بن عبيد مدير عام المصالح المختصة صرح أنه عين في منصبه منذ فيفري 2010 حتى 26 جانفي 2011 ثم عين بعد بضعة أيام مديرا عاما للأمن العمومي ثم مديرا عاما للتكوين ثم أحيل على التقاعد الوجوبي ملاحظا أن مهمة إدارته تتمثل في الاستعلام على أمن الدولة الداخلي والخارجي وإدارة مكافحة الإرهاب وإدارة الحدود والأجانب وتحوي حوالي 4 آلاف عون. ملاحظا أن عملها الأساسي هو استقراء المعلومة الأمنية، وبالنسبة لأحداث الثورة صرح أن هناك تقارير حينية وهناك تقارير تحليلية لتلك الأوضاع موضحا ذلك بأن هناك تقارير حول مشاركات الاتحاد العام التونسي للشغل في المظاهرات ومشاركات حاملي الشهائد العليا ودور الأحزاب المعارضة أيضا في الاحتجاجات، مضيفا أنه خلال الجلسات التي حضرها بوزارة الداخلية اقترح أن يقع إبقاء الأمن جانبا وتشريك الوزارات والهياكل المعنية الأخرى موضحا أنه تمت الاستجابة جزئيا لمقترحاته ولكن التدخل الأمني بقي على حاله. هستيريا في الداخلية أوضح المتهم أنه على إثر سقوط أول شهيد حصلت حالة من الهستيريا في وزارة الداخلية موضحا أنه تم التدخل من قبل العادل التويري بعد استعمال السلاح، مضيفا أنه سقط شهداء بعد ذلك بسبب حصول إنفلات أمني وأصبحت هناك فوضى عارمة. وصرح المتهم أنه رفع تقريرا ذكر فيه أنه ليست هناك ضرورة لترشح المخلوع لانتخابات 2014 وقال أنه ذكر ذلك في جلسة أيضا فالتفت وزير الداخلية رفيق القاسمي إلى عادل التويري وقال له "رشيد بن عبيد أصبح يقوم بالسياسة". وذكر المتهم أن رفيق القاسمي كان "يغربل" التقارير الإستعلاماتية فيرسل البعض منها للرئيس المخلوع ويبقي البعض الآخر مؤكدا على أنه كانت تصدر برقيات من وزير الداخلية حتى إذا تعلق الأمر بقتل الكلاب السائبة ولكن لم تصدر أية برقية بالنسبة لقتل الشهداء. وأضاف المتهم أن هناك نقصا في وسائل التصدي للمتظاهرين بطريقة سلمية على غرار خراطيم المياه التي لم يقع التزود بها منذ سنة 1977. وأضاف أن السرياطي كان يتصل به في وضعيات خاصة وتحديدا إذا ما كان هناك أمر يتعلق بأقارب المخلوع. ولاحظ المتهم أن هناك ظروفا ميدانية جعلت الأعوان والقيادات الأمنية تتصرف بذلك الشكل على غرار حالة الإرهاق التي كان عليها الأعوان ونومهم في الحافلات وبقائهم لمدة طويلة دون أن يغيروا ملابسهم وأحذيتهم مؤكدا على أن الأعوان لم يتلقوا أية تعليمات لإطلاق الرصاص الحي مشيرا إلى أن ذروة الحركات الاحتجاجية هي التي زادت من سقوط أعداد الشهداء مشيرا إلى أن الوزارة لم تكن مستعدة لها لا من حيث التدريبات ولا من حيث التجهيزات. وقال المتهم أن هناك اعتقادا سائدا في الداخلية بأن ما حدث كان في إطار الدفاع الشرعي عن النفس. وعن تصريحات الوزير الأول السابق محمد الغنوشي التي قال فيها أن المخلوع عزم على إسقاط بين ألف و3 آلاف قتيل صرح أنه لم يسبق له وأن سمع بتصريحات كهذه ملاحظا أن الغنوشي سبق وأن صرح لوسائل الإعلام أن المخلوع أبعده عن المسائل الأمنية. وبسؤال المحكمة له إذا ما كان للأمن رأسان أحدهما في الرئاسة والثاني في الداخلية قال أنه لا يعتبر نفسه مسؤولا عن سقوط شهداء وأنه قام بواجبه كما يمليه عليه ضميره.
مدير قاعة العمليات المركزية ينكر
بسماع تصريحات محمد العربي الكريمي مدير قاعة العمليات المركزية قال أنه ليس من القيادات الأمنية العليا وليس عضوا في المجلس الأعلى لقوات الأمن الداخلي مضيفا أنه ليست له وحدات أمنية ميدانية تأتمر بأوامره وليست له سلطة إلا على العاملين معه في قاعة العمليات وهم أربع مجموعات تتكون كل واحدة من 20 عونا. مشيرا إلى أن كل معلومة تصله يبلغها مباشرة إلى وزير الداخلية وكل المعلومات التي ترد منذ 2005 يقع تسجيلها بصفة آلية وبواسطة جهاز رقمي مؤكدا على أنه يتم تسجيلها بصفة كتابية في دفتر ولاحظ أن له كراسا خاصا به يسجل فيه كل المعلومات. مؤكدا أن القائد الميداني هو الذي يتحمل المسؤولية مشيرا إلى أن في المكناسي لم يسقط شهداء رغم أن الثورة كانت على أشدها في حين سقط شهداء في منزل بوزيان. ما حكاية ماهر 1 وماهر2؟
أثناء استنطاقه عرضت عليه المحكمة وثيقتين تتعلقان بحوصلة من قاعة العمليات حول إطلاق نار على مستوى مركز الحرس بالقصرين خلال مرور جنازة أحد الشهداء وتضمنت الوثيقة الرمز اللاسلكي لوزير الداخلية وهو ماهر1 والمدير العام للأمن الوطني وهو ماهر 2 ولم تتضمن هذه الوثيقة أية تعليمات من كليهما بعدم إطلاق الرصاص الحي. وعن القناصة أجاب المتهم أنه لم تصله أية معلومات عنهم ولا حتى عبارات "يشاع وجود قناصة" مؤكدا على أن قاعة العمليات ساهمت في نجدة وإسعاف المواطنين وسهلت مهمة الحماية المدنية. "الرئيس السابق فاشل سياسيا" وأضاف مدير قاعة العمليات المركزية أن الرئيس السابق فاشل سياسيا لذلك اختار الحل الأمني مضيفا أن وزارة الداخلية هي التي دفعت الفاتورة. وباستنطاق الشاذلي الساحلي مدير عام المصالح الفنية سابقا لاحظ أن الإدارة التي يشرف عليها تهتم بالاستعلامات وبالمعلومات المستقاة عن الأشخاص الذين يحوم حولهم شك وهم يحاولون كشفهم وتتبع نشاطهم مضيفا أنه أثناء الثورة لم يقع التنصت على أي واحد من الإطارات الأمنية ولم يتلق تعليمات للقيام بذلك مشيرا إلى أنه قد يكون وقع التنصت دون علمه مشيرا إلى أنه لم يسمع لا بالإذن بإطلاق النار ولا بالكف عن ذلك. وعن القناصة صرح أنه لم يسمع بأمرهم مضيفا أن عون أمن قتل بالوردية بدعوى أنه قناص في حين أنه عون أمن عادي وأب لأطفال وليس قناصا.
أحمد فريعة
باستنطاق وزير الداخلية الأسبق أحمد فريعة صرح أنه عين وزيرا للداخلية مساء يوم 12 جانفي 2010 مؤكدا على أن مدة تقلده هذا المنصب لم تتجاوز 48 ساعة وقال أن المخلوع طلب منه الإلتحاق يوم 13 جانفي بمجلس النواب والمستشارين ليلقي كلمة حول الوضع بالبلاد ملاحظا أنه في ذلك اليوم لم يكن بوزارة الداخلية ملاحظا أنه جامعي ويعد لبحوث حول مركز تكنولوجي لتحلية مياه البحر وتشغيل 4000 عاطل. وأضاف أن بن علي أخبره أنه مقبل على إصلاحات سياسية هامة بالتنسيق مع المعارضة وفتح المجال للحريات مؤكدا على أن التقرير الذي قدم له ليقدم المداخلة بمجلس النواب كان يحوي أرقاما خاطئة حول عدد الشهداء. وأضاف أحمد فريعة أنه طلب أن يقع إعداد منشور لإيقاف إطلاق الرصاص مضيفا أن المنشور أعد في ظرف وجيز في حين أن المنشور يتطلب أسابيع وأحيانا أشهرا ملاحظا أنه أول مرة خلال 40 عاما يقع إعداد منشور في أقل من يومين. وأضاف أنه في فترة الأحداث صرح عن طريق قاعة العمليات بالقول" ما نحب حتى قطرة دم في تونس" وأضاف أنه لو واصل بن علي رئيسا على البلاد ولم يقم بالإصلاحات التي وعد بها لكان قدم استقالته. كما تم استنطاق ضابط شرطة وأنكر ما نسب إليه وقال أنه لم يكن موجودا بالكرم حين سقط شهداء. ووقع استنطاق رئيس مركز سليمان الشاطئ وأنكر أن يكون أمر بإطلاق النار في حين صرح الأعوان الذين كانوا معه أنه أمرهم بإطلاق الرصاص دون أن يحدد الاتجاه. وبعد استنطاق المتهمين المذكورين قررت هيئة المحكمة تأجيل مواصلة الاستنطاق إلى جلسة يوم 24 جانفي الجاري.