تم يوم 22 ديسمبر الماضي الاعلان رسميا عن تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة حمادي الجبالي. وبعد مائة يوم من مباشرتها لمهامها يمكن للمرء أن يقف عند بعض الأسئلة.. هل بالإمكان تقييم عمل حكومة منتخبة تعمل في ظل مرحلة انتقالية أعقبت ثورة أم أن عملية التقييم في ذاتها تعتبر أمرا مسقطا على وضع قد لا يخضع للمعايير الموضوعية المعتمدة في البلدان الغربية المتميزة بعراقة الديمقراطية والاستقرار.. والتداول السلس على السلطة؟ بعض الملاحظين يعتبرون عملية تقييم نشاط حكومة الجبالي بعد مائة يوم أمرا يدخل في باب الاجحاف لأن الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي ميزت الأشهر التي أعقبت هذه الثورة المجيدة اتسمت في أغلبها بالضبابية وسادتها حالة ارتباك بفعل الطفرة النوعية التي ولّدتها تراكمات الظلم والاستبداد والتهميش والتفقير والبطالة واختلال التنمية بين الجهات على مدى عقود. بينما يرى غيرهم من متتبعي الشأن الوطني أنه يحق للمواطن التونسي أن يطرح أسئلة عديدة حول مدى نجاح هذه الحكومة في سعيها لتحقيق الأدنى المطلوب أمنيا واجتماعيا واقتصاديا.. وحتى سياسيا تجاوبا مع تطلعاته وآماله وتناغما مع أهداف هذه الثورة. إن الارث ثقيل واعتماد المعايير الموضوعية في تقييم مدى نجاح هذه الحكومة في تلبية رغبات العاطلين عن العمل والمهمشين في القرى والأرياف ورجل الأعمال الذي شل نشاطه وصاحب المؤسسة الانتاجية الذي يعاني الأمرين..وفي الحدّ من حالة الاستنزاف التي تعيشها قطاعات حيوية عديدة مثل المناجم والسياحة، قد يجانب الحقيقة.. ولكن هذا لا يمنع من القول إن قلة الخبرة والتجربة في كيفية التعاطي مع بعض الملفات الحساسة أمر واقع.. كما أن حالة الارتباك التي سادت في ظروف تفترض الحسم والصرامة أمر لا يخفى على العيان. لقد دعا البعض إلى تطعيم هذه الحكومة بكفاءات تزخر بها تونس لمعاضدة جهود «الترويكا» في إدارة شؤون البلاد.. لتكوين فعلا حكومة وطنية لا حكومة محاصصة كما أقر غيرهم بضرورة التشاور بين القوى السياسية في الحكم وخارجه لتطويق عديد الأزمات المستفحلة.. ولكن..! إن هذه الحكومة التي أعلنت أيّام الحملة الانتخابية عن برامج ووعود كثيرة تبخرت بعد الاعلان عن هذه النتائج ستجد نفسها الآن أمام عملية المساءلة والمتابعة والتقييم بعد إعلان الجبالي عن البرنامج التنفيذي للحكومة.. وفي ذلك مسؤولية جسيمة عليها تحملها بحكم الانتظارات العديدة والمتنوعة لهذا الشعب.