بقلم: أروى الكعلي لا طالما مثلت الصين موطن العجائب، فبلد المليار والنصف لم يفوت فرصة منذ عودته إلى التاريخ حتى يغزو العالم بمنتوجاته واقتصاده الذي لم يتراجع للحظة. الصين كانت ومازالت تمثل أكثر مخاوف السياسة الخارجية الأمريكية التي «تحترق» بنار التنين الصيني الذي يبدو في رقصته الأسطورية أكثر قوة اليوم. الصين تماما مثل إيران تؤرق الأمريكان وتمنع عنهم قيادة العالم بمفردهم، حتى أن أصل اسم الصين اشتق من كلمة فارسية. لكنّ حسابات التاريخ والجغرافيا لم تمنع الصينيين من أن يكونوا شوكة في حلق إدارة أوباما التي باتت تتجه شيئا فشيئا نحو آسيا مبتعدة عن هموم الشرق الأوسط وتحدياته. آسيا هي الملعب الجديد الذي يحاول أوباما أن يتقن قواعد اللعب فيه ويتمرس بزواياه، والصين هي تلك النقطة السوداء الكبيرة التي تغدق على الأمريكان أمولا طائلة وتمتلك أضخم سندات في الخزينة الأمريكية. لا يدين أحفاد العم سام لأحفاد الفيلسوف الصيني كونفيشيوس بالمال فقط بل بالدور الذي تلعبه بيكين في مساعدة الدول الغارقة في أزماتها المالية وحماية المالية العالمية من خطر التضخم فقد باتت تمتلك مفاتيح الاقتصاد العالمي وتتحكم فيه كما تشاء. الموت الأمريكي القادم من الصين كما يحلو لعدد من المنظرين الأمريكان تسميته تقابله توقعات متواصلة في الأوساط الفكرية الأمريكية بانهيار الولاياتالمتحدة تارة أو انفجار الاقتصاد الصيني تارة أخرى الذي بلغ مستويات نمو غير معهودة والذي يواصل نموه بشكل متواصل بغض النظر عن الظرفية المالية العالمية. موت قد لا يكون اقتصاديا فقط بل دبلوماسيا أيضا في وقت يحاول فيه الصينيون الإدلاء بدلوهم في ملفات القضايا العالمية الكبرى من أبرزها ملف إيران النووي أو ملف الأزمة السورية الذي حذت فيه الحكومة الصينية حذو روسيا ورفعت حق النقض ضدّ القرار الذي يدين الأسد و«يمهد» لتدخل عسكري. في مواجهة التنين الصين الذي لا ينام تحشد الخارجية الأمريكية أوراقا عدة فمراكز الدراسات والبحوث الأمريكية لن تفوت فرصة حتى تجد «محلولا» عجيبا -لم يصنع في الصين- لتواجه به قوة «الإمبراطورية الصينية» وتعيد به مشعل القيادة إلى الديار الأمريكية.