كان في الحسبان أن يجد المواطن خلال هذه الصائفة ظروفا ملائمة لقضاء فترات طويلية متمتّعا بالطبيعة خارج محلات السكنى على عكس ما حدث خلال الصائفة الماضية ولئن وجد العديد من المواطنين تبريرا للمصالح البلدية في صعوبة القضاء على الناموس الذي أزعج راحة الصغار وكذلك الكبار في ظل الظروف الصعبة التي واجهتها البلاد على امتداد الأشهر الاولى من سنة 2011 فإن الوضع اليوم أصبح مغايرا. فهل تمكنت البلديات من وضع آليات مجدية وناجعة للقضاء على الناموس.
المناطق الحضرية مهدّدة
الجميع يعلم أن الظروف المناخية التي مرت بها البلاد جعلت كل العوامل مناسبة لتكاثر أنواع عديدة من الحشرات وأبرزها حشرة «الناموس» التي تجد في برك المياه والغدران مكانا مفضّلا لديها للتكاثر إضافة الى أكداس الفضلات المنتشرة في كل الأماكن خصوصا المناطق العمرانية فمن المسؤول عن تردّي الوضع البيئي لهذا الحد: المواطن وتصرفاته اللامسؤولة أم السّلط البلدية بتقصيرها؟
الخطة وطنية والتدخل جهوي
لمعرفة الخطة الموضوعة اليوم لمقاومة الحشرات اتصلنا بوزارة الداخلية فأمدّنا مصدر مسؤول بأنّه قد تم الانطلاق في الإعداد للخطة بداية من شهر جانفي 2012 . وذلك من خلال دعوة البلديات لتوفير المستلزمات الضرورية لتنفيذ خطة مقاومة الحشرات من معدات ومبيدات والقيام بجرد شامل للمآوى المحتملة لتكاثر الحشرات. كما أشار مصدرنا الى أنّ البلديات وبالتنسيق مع المصالح الجهوية المعنية في تنفيذ برامج المقاومة العضوية والكيميائية للحشرات بجهر وتنظيف المجاري وأماكن ركود المياه وتقليع الاعشاب ومراقبة واستكشاف المآوى ومداواة الايجابية منها. وتمّ التنسيق مع مصالح وزارة التجهيز والديوان الوطني للتطّهير لجهر وتنظيف الأودية ومجاري المياه الراجعة لهما بالنظر. . هذه الاجراءات والأشغال تخص كل المناطق العمرانية الحضرية . أما في خصوص مقاومة الحشرات بالمناطق الريفية الشاسعة فقد تم توفير الاعتمادات المطلوبة لتمويل الطائرة والمقدرة ب 489 ألف دينار كما تم توفير الكمية اللازمة من المبيدات من قبل وزارة البيئة وتم الشروع في تنفيذ التدخلات الجوية لإبادة البعوض الريفي بداية من 24 مارس 2012 وذلك ببلديات تونس وحلق الوادي والمرسى ومقرين والزهراء ورادس وحمام الشط ورواد وسكرة وسليمان على مساحة 4325 هك وباستعمال 2163 لترا من المبيدات. هذه الخطة لا تقتصر على تونس وضواحيها بل تمتد الى ولاية نابل وسوسة والقيروان.
سبخة السيجومي الاستثناء
اعتبارا لموسم الأمطار الاستثنائي لهذه السنة عرفت سبخة السيجومي إرتفاعا غير مسبوق لمنسوب المياه ما جعل الديوان الوطني للتطهير يضاعف من مجهوداته ليصل الى ضخ حوالي 15 مليون متر مكعب من المياه من سبخة السيجومي منذ شهر سبتمبر 2011 ورغم ذلك فإن السبخة لا تزال تستوعب ما يقارب 14 مليون م3 . لذلك من المنتظر أن يتم التدخل في هذه الفترة باستعمال الطائرة للرش خلال شهر ماي المقبل باعتبار أن المداواة بالمبيدات تتطلب انخفاض مستوى المياه الى دون 40 صم. ومن المنتظر أن يتم التدخل بالتضبيب الحراري من قبل بلديتي تونس وسيدي حسين للتقليص من نسبة الإزعاج. رغم كل هذه المجهودات لابد من الاشارة إلى أن عديد المناطق بالبلاد تظل مهددة بإزعاج الناموس والمزعج حقا أن عدة مناطق من بلادنا ستعرف تدفّق عدد من السياح ورغم ذلك فإن عديد البلديات لم تحرك ساكنا بل ظلت «تتفرج» أمام قلة المعدات وصعوبة السيطرة على الوضع ليجد المواطن نفسه في مواجهة غير متكافئة إضافة لما يتسببه من أمراض جلدية.