ألقت الزيارة الأخيرة التي أداها الوزير الأول السابق الباجي قائد السبسي الى قطر بظلالها على المشهد السياسي بشكل أعادت معه التساؤلات عن توقيتها وغاياتها بل ان بعض الاطراف ربطتها بمبادرته التي أطلقها يوم 26 جانفي الماضي والتي تبعها في افريل الماضي ب»نداء تونس» الذي وجد تجاوبا من عديد الاحزاب والقوى السياسية حيث توقف في محطة اجتماع المنستير الذي احدث رجة في الساحة السياسية قبل ان يخفت بريقه ويلف الغموض مصيره. ولئن اكدت المعطيات ان زيارة الباجي قائد السبسي الى قطر كانت استجابة لدعوة سابقة من الديوان الاميري القطري فقد كشفت خفاياها تأكيده على الجانب القطري على ضرورة تفعيل الاتفاقيات التي أبرمت في زيارته الى الدوحة العام الماضي باعتبار ان الاستثمارات التي تم الاتفاق المبدئي في شانها ليست من اجل الحكومة الانتقالية ولا الحكومة المؤقتة بل من اجل تونس.كما اشارت نفس المصادر الى ان مبادرته السياسية كانت بعيدة عن برنامج الزيارة . بعيدا عن المبادرة وكان المنتج السينمائي طارق بن عمار قد اكد انه لمس دفاع الباجي قائد السبسي عن تونس الثورة اثناء حضوره اللقاء الذي جمع الوزير الاول السابق وبعض المسؤولين القطريين حيث سعى الى التشجيع على جلب الاستثمارات القطرية والخليجية .واضاف بن عمار ان السبسي كان دائما رجل دولة يبذل جهوده من اجل مصلحة تونس في كل تنقلاته ومحطاته سواء للبلدان العربية او الغربية . ولئن اكد بوجمعة الرميلي ان زيارة الباجي الى قطر كانت بعيدا عن تفاصيل مبادرة «نداء تونس» التي لم يتطرق اليها وانما ركز جهوده من اجل مساعدة الدولة والوقوف الى جانبها لان هدفه نجاح الحكومة وعودة الهدوء الى مختلف المناطق بما يساهم في نجاح مرحلة الانتقال الديمقراطي فان محمد لزهر العكرمي اعتبر ان تحركات السبسي تتكامل مع الديبلوماسية الرسمية ولا تتناقض معها وهي مسألة موجودة في العالم وتونس أصبحت تعددية وليست لطرف واحد ثم ان قائد السبسي وظف زياراته لخدمة وطنه وليس لاغراض سياسية ضيقة كما قد يتبادر الى أذهان البعض. «طبخة « مفاجئة وفي الوقت الذي لف فيه الغموض مبادرة الباجي قائد السبسي بعد انعدام توضح الرؤى بشأن كيفية تفعيلها وتجسيد مختلف جوانبها في ساحة سياسية متشعبة ومعقدة تتلاطمها أمواج التجاذبات وتعصف بها الصراعات بعد ان وجدت تجاوبا لافتا أثبته نداء الوطن بالمنستير واغرت عديد القوى السياسية يبدو ان اعضاء المبادرة يجهزون ل»طبخة» سياسية مفاجئة وفقا لاخر المعطيات تطبخ على نار هادئة تحت «هندسة» و»تكتيك» الباجي قائد السبسي لتكون خطوة حقيقية على درب خلق توازنات سياسية . وهذا التمشي أكده محمد لزهر العكرمي أحد أعضاء تفعيل المبادرة الذي كشف ان العمل على تجسيد المبادرة يتواصل وفق عمل مدروس يتماشى مع المعطيات العامة للوضع السياسي وتطوراته المتلاحقة . واضاف انهم بصدد تكوين لجان تفكير والاستجابة للطلبات المتزايدة من مختلف مناطق الجمهورية على حد تعبيره .واضاف «ان في أي عمل ذهني او بدني تحقق في البداية نسبة تقدم تتراوح بين 10 و15 بالمائة قبل ان تتضح الرؤية والمسالك وهو ما ينطبق على المبادرة التي بدأت تتضح ملامحها تدريجيا ويتعامل معها بأسلوب غير تقليدي حتى تكون في مستوى الانتظارات بما يجعلها قادرة على تحقيق التوازن السياسي الذي يفيد أكثر الديمقراطية ويساعد على المسار الانتقالي .» إطار قانوني في أجل شهر ومن جانبه اوضح بوجمعة الرميلي عضو تفعيل المبادرة ان مجهودات يومية تبذل لمواجهة الزخم الوطني الهائل من كل الجهات والفئات قصد الانخراط في المبادرة حيث تتواصل الاتصلات يوميا للاجابة على استفسارات المواطنين . وفي رده على سؤال حول الخطوات المقبلة من اجل تفعيل المبادرة قال الرميلي «نحن نسير نحو وضع اطار قانوني تنظيمي سياسي لبلورة المبادرة حتى تصبح كيانا سياسيا طبيعيا يعمل في الساحة الوطنية .ونحن الان بصدد حوصلة الافكار لنوضح المبادرة بشكل افضل وفي اطار أوضح في أجل اقصاه شهر حتى يكون لنا اطار قانوني واضح نعمل من خلاله على توحيد جهودنا خلال الصائفة» على قدم واحدة ولم يخف بوجمعة الرميلي عضو تفعيل المبادرة تفاؤله بنجاح المبادرة الذي تستمده من دعوتها الى توحيد قوى وطنية اصلاحية وديمقراطية على ارضية مشتركة وفقا لهدفين رئيسيين: أولا ,انجاح المرحلة الانتقالية الثانية وثانيا,خلق توازن سياسي جديد بعد الانخرام الذي خلق بعد انتخابات 23 اكتوبر بسبب التشتت والاستقطاب الاحادي الجانب الذي جعل الحياة السياسية عرجاء تسير على قدم واحدة وهو أمر غير مرغوب فيه في الديمقراطية الحديثة على حد تعبيره . ورغم تأثير التشتت وحالة التشظي والتصدع على احزاب المعارضة فقد شدد الرميلي على ان مبادرة الباجي قائد السبسي تملك حظوظ وافرة في خلق توازن نزيه وشريف وديمقراطي مفيد من شانه رأب الصدع الذي تعاني منه المعارضة. التوازن المنشود وانطلاقا من تأكيد المتابعين للشان السياسي ان المبادرة ثلاثية الأبعاد..هدفها الاول توليف جبهة سياسية أو قوة حزبية تضاهي من وصل إلى السلطة عبر الانتخابات ثم تركيز المشهد الديمقراطي عبر إقرار التداول على السلطة بما يفضي الى بلوغ الغاية الاساسية وهي التقدم بتونس نحو مراتب لم تبلغها من قبل اعتبر الناشط السياسي والحقوقي عبد العزيز المزوغي ان مبادرة الباجي قائد السبسي وجدت تجاوبا لافتا في بداية طرحها لكن حصل نوع من الفتور بسبب بعض التردد على حد تعبيره .وتابع «لقد اتضح ان حركة النهضة تخشى كل مبادرة من شانها توحيد الصفوف وتسعى الى الاستفادة من تشتت المعارضة لذلك اقترح تفعيل هذه المبادرة والاعلان عنها رسميا مع تكثيف العمل الميداني في ظل تعطش مختلف الاحزاب والقوى للعمل المشترك بما يساهم في خلق التوازن المنشود خاصة ان حركة النهضة انكبت على اصلاحات جذرية مقابل حالة التشتت والتصدع التي تعيشها احزاب المعارضة.» وشدد المزوغي على تميز المبادرة وقدرتها على النجاح للسمعة الطيبة للوزير الاول السابق لدى مختلف الفئات في كل الجهات علي حدّ تعبيره.