تضاعفت في الفترة الأخيرة ظاهرة الرسم على الجدران والمحولات في عدد من مدن تونس الكبرى، وبالرغم من أنّ غالبية هذه الرسوم التي تعرف أيضا ب»التاغ» تحمل في طياتها رسائل توعوية أو تهدف إلى تجميل المدن، إلا أنّ عددا لا يستهان به منها يضمّ رسائل سياسية واضحة أو تمسّ من الأخلاق الحميدة. وبخصوص هذه التجاوزات وكيفية تعامل البلديات معها، اتصلنا بالجهات الرسمية لنتعرف عن التدابير التي من الواجب اتخاذها. يصف مصدر مسؤول بدائرة الوردية التابعة لبلدية تونس أنّ عملية الرسم على الحيطان والمحولات أصبحت بمثابة الظاهرة في الفترة الأخيرة، مشيرا إلى أنّه باستثناء الإعلانات والمعلقات الإشهارية التي تخضع لضوابط محددة والتي تتدخل البلدية لإزالتها في حال تجاوزت المدة القانونية، فإنّ بقية أنشطة الرسم الأخرى التي عادة ما يقوم بها طلبة الفنون الجميلة أو دور الشباب مثلا أو مواطنون عاديون لا تخضع لتراخيص. ويضيف المصدر المسؤول أنه في غياب الضوابط القانونية بإمكان أيّ كان أن يرسم أو يكتب ما يريد على الجدران العامة وبإمكان أيّ كان أن يزيل ذلك، فقد عمد بعض المواطنين وعلى حسابهم الخاص إلى إزالة بعض الرسومات التي رأوا فيها مسّا بالأخلاق الحميدة. شعار النازية أما كاتب عام بلدية المروج عادل بالطيب فقد أفادنا أنّ البلدية خصصت عاملا «مجندا» لإزالة هذه المخالفات مسلحا بوعاء طلاء أبيض وفرشاة. وفي حال لاحظ أعوان البلدية رسما مخالفا أو تقدّم أحد المواطنين بشكوى في هذا الخصوص، يتكفّل هذا العامل بإزالة الرسم. وفي هذا السياق قامت البلدية بإزالة 6 رسوم من بينها لوحة تحمل شعار النازية. ويشير بالطيب إلى أنّ الأمر عدد 6 لسنة 2004 والذي يحدد التراخيص التي من الممكن أن تمنحها البلدية أو من الواجب أن تمنح لطالبيها إذا ما توفرت فيهم الشروط لا ينصّ على وجود ترخيص خاص بالرسم على الجدران والفضاءات العمومية. وبذلك تكون الحالة الوحيدة التي تمّ فيها الرسم على الحيطان بإشراف البلدية خلال ذكرى 9 أفريل الأخيرة، فلجان البلدية أطروا مجموعة من الرسامين والمبدعين لتجميل المدينة والاحتفال بهذه الذكرى. مخالفات عدّة وقد عدّد كاتب عام بلدية المروج الحالات التي تعمد خلالها البلدية إلى إزالة الرسوم وهي عندما تحمل رسائل تحرض على العنف والفوضى أو تتضمن مسّا بالأخلاق الحميدة أو تضمّ شعارات سياسية تابعة لهذا الحزب أو ذاك أو تضرّ بالأملاك الخاصة. ولا يتعلّق الأمر برسائل سياسية أو دينية مبطنة أو برسوم مخلة بالآداب العامة أو حتى رسوم تحريضية فقط، بل يؤكّد المصدر المسؤول بدائرة الوردية التابعة لبلدية تونس أنّ بقاء الأمر دون ضوابط قانونية قد يخلّ بجمالية المدينة كما أنّ عددا من الرسوم تضمّ عبارات غير مفهومة وفيها رموز دينية وأخلاقية، لذا يدعو إلى ضرورة تنظيم هذه العملية، من خلال حماية حق المبدعين في التعبير عن أفكارهم ووضع الأطر اللازمة لتطوير فن الرسم على الجدران في تونس، دون أن يكون في ذلك مسّ بالضوابط العامة أو الأخلاق الحميدة أو تغليب لون سياسي على آخر.