تنفّس التّونسيّون الصّعداء أمس و هم يراقبون حالة الهدوء التي ميّزت مختلف مناطق العاصمة.. فالوضع الأمني لم تشبه أيّة شائبة و ظلّ السّير العادي للنّشاط عنوان المشهد العام في الشّوارع و السّاحات و الأسواق و مراكز المرافق العامّة... قبل ذلك كانت هناك تخوفات من ان تعمد بعض المجموعات المتطرفة إلى استغلال حالة الاحتقان الأمني والاجتماعي التي ميّزت المشهد الوطني على امتداد الأيام الثلاثة الأخيرة فتندس في صفوف المصلين وروّاد المساجد خاصة وأن اليوم يوم جمعة لبث الفوضى والتحريض على النظام والإخلال بالأمن العام... مثل هذه الأمور لم تحدث والحمد لله إذ لم تسجل أية محاولات إخلال بالأمن في أي من المساجد او الشوارع لا قبل صلاة الجمعة ولا بعدها.. وما من شك أن الطرف الذي يعود له الفضل أولا في ذلك إنما هم التونسيون أنفسهم الذين حزموا أمرهم وعزموا أن تكون «الكلمة» يوم أمس الجمعة للقانون لا للفوضى وللتعايش لا للتباغض. لقد برهن التونسيون بمختلف توجهاتهم السياسية وهم يمتثلون بالأمس لقرار السلطات بمنع التظاهر عن أنهم ينبذون الفوضى وأنهم مع مبدإ الالتزام بالقوانين والتمسك بالوحدة الوطنية.. على أن الاستنتاج الأهم والابرز الذي قد يحيل عليه «درس» الامس هو ذاك الذي يقول أن «مسألة» أمن التونسيين واستقرار أوضاعهم المعيشية ونجاح ثورتهم وتحقيقها لأهدافها الاجتماعية والسياسية النبيلة إنما هو بأيديهم وليس بيد أي طرف آخر. نقول هذا لا قياسا على هدوء الأوضاع الأمنية طيلة يوم أمس الجمعة وإنما أيضا اعتبارا لأن حالات الانفلات والعنف والفوضى التي جدت على امتداد الأيام الثلاثة الاخيرة الماضية لم تكن بدورها الا من صنع أيدي التونسيين أنفسهم أيضا!!! إن الاجتماع على مبدإ الوفاء للثورة ولدماء شهدائها الأبرار والعمل على تمتين رابطة الوحدة الوطنية ونبذ كل أشكال التطرف وعوامل التفرقة والتمييز بين التونسيين وإعلاء «كلمة» الدولة المدنية وسلطة القانون هو السبيل الوحيدة الى تحصين نسيجنا الاجتماعي والمضي قدما بمشروعنا الاصلاحي الثوري على طريق بناء الدولة التونسية الجديدة.. إنها مسؤوليتنا جميعا: دولة وأحزابا وقوى وطنية واجتماعية.. مسؤولية سنسأل عنها أمام الله والأجيال والتاريخ..