على الرغم من مرور 3 أيام على المؤتمر فان الكثير من المسائل تتّسم بالغموض نظرا الى ان لوائح المؤتمر لم تنشر بعد ويفهم من ذلك ان النقاش والاختلاف في المؤتمر ينحى منحى داخليا وليس خارجيا بمعنى أن المؤتمر التاسع لحركة النهضة يمثّل على مايبدو فضاء لحسم قضايا سياسية وتنظيمية وتجاذبات حزبية أكثر من امكانية وصفه بأنه مؤتمر سياسي وليس تنظيميا وكنّا نعتقد أن المؤتمرات التنظيمية ميزت فقط الأحزاب والحركات السياسية التي تتخللها صراعات وتمزّقها ايديولوجيا عميقة وكنا نعتقد كذلك أن حركة النهضة ستنأى بنفسها عن هذه الصراعات ذات الطبيعة العقدية لما أبدته من مرونة سياسية كبيرة وقدرة على المناورة أثناء الانتخابات واثناء تشكيل التحالف الحاكم بصورة خاصة لكن عمق الخلافات التي يتفق الخبراء بين شرعيتين شرعية الداخل والخارج وشرعية السجنية وشرعية الهجرة وبين التيارات المتمسكة بالاسلام الأصولي ونظيرتها المتمسكة بالاسلام السياسي يبدو أن كل خلاف طفا على السطح نظرا لأهمية المؤتمر كمحطة تاريخية وهو المناسبة التي تشكل الفرصة الأهم لاثارة تلك الصراعات والتي ستحسم بشكل او باخر ولكن ذلك سيكون على حساب الطبيعة السياسية للمؤتمر حيث من المفترض أن يكون النقاش حول المشهد السياسي القادم الذي تنبئ أحداثه القادمة بتفاعلات سياسية كبيرة في علاقة بمكوناته الداخلية حيث تحتشد قوى سياسية قديمة جديدة وقوى أخرى تعتبر نفسها صمام أمان الثورة التي لم تحقق أهدافها وكذلك في علاقة بمشهد خارجي يريد أن يفرض أحداثه ويقوم برسم نمط الثورة التونسية حتى ينسحب على بقية الثورات العربية لكي يضمن مصالحه. تشابك بين الداخلي والخارجي وهنا يلاحظ أنّ هذا التشابك بين الداخلي والخارجي مطلق أو من المفترض أن تبعث كلاهما حركة النهضة بفصائل سياسة واضحة تنتظر القوى السياسية الداخلية تثبيت المشهد الديمقراطي التعدّدي التداولي الذي ينزع عن حركة النهضة مابات يروج من انها مشروع استبدادي جديد ويضع النقاط على الأحرف في علاقة بالقوى الأجنبية في رسالة واضحة يستشفّ منها أن مشروع الثورة التونسية هو مشروع وطني مستقل لايقبل التدخل فيه من أي مكان وبأي تعلة وهذا المشروع الوطني بناء على ذلك سيقطع مع المنوال الرأسمالي الذي من ضمن نتائجه الثورة التونسية وبالتالي حماية الشرائح الاجتماعية من كل مظاهر البؤس والفقر والتهميش والبطالة وذلك عبر تمكينها من الثروة الوطنية فاذا لم تأت حركة النهضة في لوائحها العامة على هذه الخيارات وعدم توضيحها بالقدر الكافي فسيتأكد حينئذ ان الحركة قد غرقت في قضاياها التنظيمية مما منعها من تناول القضايا السياسية المركزية لعامة الشعب وهي التي تعنيه في حقيقة الأمر في حين المشاكل أن المشاكل التنظيمية للحركة لاتعني الا ابناء الحركة أنفسهم.