سجلت أسعار الغلال الصيفية بداية من مستهل شهر رمضان ارتفاعا كبيرا لم يسبق أن بلغته في مثل هذه الفترة من السنوات الماضية. ولعل الغريب أن العديد من أنواع هذه الغلال تعتبر في ذروة انتاجها وهي متوفرة في كل جهات البلاد انتاجا وتسويقا. ولو استثنينا الدلاع الذي استقرت اسعاره بين 280 مليما و300 مليم للاحظنا أن بقية الغلال قد باتت أسعارها من نار. فالبطيخ قد استقرت أسعاره في حدود 600 مليم والعنب 3200 مليم والعوينة 2800 مليم والتفاح 4200 مليم والاجاص 4200 مليم والخوخ من 2800 مليم الى 4600 مليم واللوز 1900 مليم والتين 4200 مليم إلى 8400 مليم، هذا خلافا للدقلة التي تروج ب6000 مليم وغيرها من بعض الغلال الأخرى التي لا يمكن حصر أسعارها على اعتبار قلة انتاجها وتوجيهها للتصدير. هذا الواقع كنا قد نبهنا له يوم تحدثنا حول مظاهر إغراق السوق قبيل رمضان وفي مستهله، مشيرين إلى أن ظاهرة إغراق السوق سوف تنتهي بسرعة لتفسح المجال إلى إرتفاع الأسعار، وهي خطة يعتمدها التجار والفلاحون ليوهموا الجميع بالرخاء وتوفر الانتاج واستقرار الاسعار، لكن سرعان ما ينقلبون على هذا الواقع الذي كانت عليه السوق، وبالتالي على قرارات وزارة التجارة وآلياتها الرقابية، وبالتالي على المواطن الذي يجد نفسه بين مطرقة قرارهم في ترفيع الأسعار والحاجة إلى التزود في هذا الشهر الذي تتكاثر فيه الطلبات. إن هذا الانفلات في الأسعار وترك الحبل على الغارب ليس إلا دليلا على عدم تفعيل آليات وزارة التجارة في الواقع، وغياب دور كافة المنظمات والمجتمع المدني أيضا، وهو ضرب من ضروب الانفلات الذي طغى في الأسواق وضرب مصداقية مسالك التوزيع الرسمية التي ما عادت تخضع للمتابعة والمراقبة اللصيقة، وما عادت تمثل مرجعا لكل الأسعار طبقا للآليات التي تحكمها. وبعد كل هذا فإننا نتساءل: إلى أين تسير الأمور؟ وماذا يريد هؤلاء التجار الذين أطلقوا لأنفسهم العنان لتطويع الاسعار إلى أهوائهم ورغباتهم ونهمهم؟ فهل بعد هذا الغلاء يمكن الحديث عن قرارات حكومية وعن مراقبة وعن آليات ردع وتنظيم لنشاط السوق؟ وهل بعد هذا يمكن أن يثق المواطن في قدرة أي طرف عن ارجاع الأمور إلى نصابها؟