قرر المجلس الوطني التأسيسي تأجيل العطلة النيابية إلى 13 أوت الجاري...ويأتي قرار التأجيل بعد النقاشات المطولة في الجلسات العامة المتعاقبة طوال الايام القليلة الماضية حول مشروع الهيئة الوقتية للقضاء العدلي.. هذه النقاشات التي وصلت الى طريق مسدود بسبب التجاذبات السياسية وتغليب المصلحة الحزبية على المصلحة الوطنية. إن المصادقة فصلا فصلا على الفصول 38 للقانون الأساسي للهيئة تتطلب الأغلبية المطلقة.. وهذا الأمر عجز النواب خلال الجلسات الماضية عن تحقيقه في ظل انقسام حاد بينهم حول مسائل جوهرية تتعلق بالهيئة الوقتية للقضاء العدلي منها تركيبة الهيئة.. استقلاليتها المالية والادارية.. تركيبة مجلس التأديب وهل هي تقريرية ام استشارية... لقد توقف النواب عند الفصل الاول وكان الانقسام جليا حول مفهوم استقلالية الهيئة.. بين مدافع عنها ومحترز ومتحفظ.. ولم يتمكنوا من تجاوز الفصل الاول في غياب تحقيق الاغلبية المطلقة. ان هذا الوضع الذي وصفه وزير العدل بالفراغ القضائي له تداعيات كثيرة على نسق عمل المجلس التأسيسي الذي تنتظره ملفات عديدة وجوهرية متراكمة للنقاش والحسم.. كما ان تعطيل الهيئة القضائية سيؤثر حتما على الحركة القضائية والنُقل السنوية للقضاة.. اضافة الى تعزيز الانطباع السائد لدى الرأي العام الوطني وهو ان «عقلية الغنيمة» اصبحت «العملة الرائجة» داخل هذا المجلس على حساب التوافق ووضع مصلحة البلاد فوق كل اعتبار حزبي. ان رفض استقلالية الهيئة الوقتية للقضاء العدلي بتعلة التخوف من «التغول» يعكس محاولات لتدجين السلطة القضائية ومسعى لتكريس هيمنة السلطة التنفيذية.. وفي ذلك تهديد جدي لهذه الاستقلالية المنشودة وانتكاسة حقيقية لمسار الاصلاح الثوري. إن المجلس التأسيسي مطالب اليوم بتجاوز هذا الفشل وعليه أن يخرج القضاء العدلي من حالة الفراغ الذي يعيشه بتطويق الخلافات بين الكتل النيابية لتفادي هذا الشلل والالتزام بمبدإ الاستقلالية الكاملة للهيئة طبقا للمعايير الدولية.