تتميز العلاقة التي تربط المواطن والإدارة في سوسة بالتوتر وصعوبة التفاهم والتباين في المواقف حتى أصبحت ظاهرة معروفة لدى الجميع وعادة يمكن ملاحظتها عند العبور بأي إدارة عمومية فالصراخ وتبادل الإتهامات أحيانا والسب والشتم أحيانا أخرى من أبرز المعوقات التي تشوب هذه العلاقة. فما هي أسباب هذه الظاهرة وهل بالإمكان تجاوزها؟ تصل المفاهمة بين المواطن والإدارة إلى نقطة الصفر في اللحظة التي لا ترتقي فيها نجاعة الخدمات إلى المستوى المطلوب والمرضي للمواطن كما ترتبط بمدى تفهم الأخير وسلاسة تعامله مع الإدارة فتنطلق المواجهة بين الطرفين مثيرة مستوى أخلاقيا متدنيا يخلو من الإحترام لذات الإدارة وقوانين المؤسسات, تتعدد أسباب هذه الظاهرة ومن أبرزها الحالة النفسية للطرفين فرتابة الحياة والمشاكل العائلية تؤثر في مردودية التعامل بينهما وهو يعتبر خطأ شائعا في أغلب الإدارات فهناك مثل أمريكي يقول "لا تحمل معك العمل إلى المنزل" والعكس صحيح فالفصل بين العمل والحياة يدعم التوازن في التعاملات اليومية, كما يمثل التباين في المستوى الثقافي عاملا جوهريا إذ تصعب المعاملات عند التعامل مع مواطن ذو مستوى تعليمي متدن فيصبح إستيعاب المعلومة صعبا, لكن كل هذا لا يدحض الدور الرئيسي الذي تلعبه الإدارة في الحد من هذه الظاهرة إذ يمثل تحديد المسؤوليات لكل موظف عمومي ورسم الحدود الممنوع تجاوزها لجميع الأطراف دون تمييز الحل الأقرب والأمثل فنقضي بذلك على العادات السيئة للموظفين العمومين مثل التملص من المسؤوليات والتخاذل في العمل بكل ما يحمل من إستغلال لهواتف الإدارة في مكالمات خاصة ومغادرة أماكن العمل قبل الوقت المسموح والقانوني فالتقاعس في أداء الواجب على أكمل وجه مع إحترام المواثيق الوطنية المتفق عليها من أبرز النواقص التي تميز الإدارة اليوم رغم معلقة الإلتزام بخدمة المواطن الموجودة في جميع الإدارات العمومية والتي تنص على أن الإدارة ستلتزم بتوفير القبول الحسن لكل مواطن وبإرشاده وتوجيهه للحصول على الخدمة الإدارية في أفضل الظروف وبتقديم عناية خاصة للمواطنين ذوي الإحتياجات الخصوصية والإلتزام بالرد على كل المكالمات الهاتفية حينيا أو في أجل أقصاه 24 ساعة وبالإجابة عن كل بريد إلكتروني في أجل لا يتجاوز 48 ساعة والإلتزام بالإجابة عن كل بريد يوجه للإدارة في أجل أقصاه 21 يوما وبتعليل كل إجابة وفقا لمقتضيات الترتيب الجاري بها العمل والإلتزام بإعلام المتعاملين مع الإدارة في الإبان بكل تغيير في الإجراءات والمسالك الإدارية بالنسبة إلى الخدمات الإدارية التي تقدم في إطار مشمولاتها. تبقى مسألة تحسن العلاقة بين الإدارة والمواطن والترفيع في المستوى الخدماتي للإدارة رهين تحسن أو بالأحرى تغيرالمستوى الفكري والثقافي والعقلاني للمجتمع ككل فلن يؤثر الحزم في تطبيق القوانين والتضييق والرقابة بل سترفع من مستوى التوتر والرتابة لكن القناعة والمبدأ اللذان ينبثقان في ضمير وقلب المجتمع من خلال النوعية وزرع ثقافات جديدة تعتمد حقا على "الصدق في القول و الإخلاص في العمل".