أخبار تونس– قاربت العطلة الصيفية و مواسم راحة الموظفين على الانتهاء وآن أوان الرجوع إلى الحياة العادية وإلى العمل بنظام الحصتين. فسارع التونسيون إلى الإدارات محملين بما يلزم من مستندات لاستخراج ما يلزمهم من وثائق حالة مدنية وتسجيل عقود وغيرها من المعاملات الإدارية. وقد حرصت الإدارة التونسية على تسهيل شؤون المواطنين من خلال عديد الإجراءات الرامية إلى تجنب الاكتظاظ. ويندرج في هذا الإطار قرار الديوان الوطني للبريد فتح 24 مكتب بريد إضافي بمختلف جهات الجمهورية للعمل خلال حصة ليلية من الساعة التاسعة مساء إلى الحادية عشر ليلا منذ 10 سبتمبر الجاري والى غاية عيد الفطر بهدف تسهيل قضاء شؤون المواطنين ومزيد تيسير المعاملات البريدية والمالية خلال النصف الثاني من شهر رمضان. وكان الديوان قد فتح 25 مكتب بريد للعمل في حصة ليلية وذلك منذ 7 سبتمبر الجاري. كما يتم تدريجيا توفير عديد المعاملات على الشبكة العنكبوتية على غرار توسيع مجال الخدمات المقدمة للمواطنين والمؤسسات والعمل على تعميمها مثل التصريح الجبائي عن بعد والتّجارة الخارجيّة عن بعد ووثائق الحالة المدنيّة والتّسجيل بالجامعات عن بعد وتعميم مراكز النّداء لتقديم خدمات الإرشاد والتّوجيه والإعلام الإداري. وقد حرصت تونس من خلال برنامج التحديث الإداري المدرج ضمن المخطط 11 للتنمية إلى الاقتراب من المؤشرات المسجلة ببلدان منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية في أفق سنة 2030 والاستلهام من تجاربها في صياغة محاور هذه الاستشارة الوطنية وتطبيق مبادئ الحكم الرشيد بالمصالح الإدارية العمومية بما يجعل الإدارة التونسية مواكبة للعصر. وقد تم في إطار ترسيخ الإدارة الالكترونية والخدمات الإدارية عن بعد إحداث بوابة الخدمات الإدارية “سيكاد” التي توفر خدمات تقدمها مختلف الوزارات والمصالح العمومية والإدارة عن بعد بالإضافة إلى تجسيم خطة وطنية تتعلق بربط 11 وزارة بشبكة اتصالات إدارية مندمجة ومؤمنة ذات سعة تدفق عالية قبل نهاية السنة الحالية تسمح للإدارة بالقيام بالتبادل فيما بينها عبر التراسل الالكتروني للوثائق والتطبيقات المعلوماتية والتخاطب مع المواطنين والمؤسسات. وينتظر أن يتم في موفى المخطط 11 للتنمية ربط كل الوزارات عبر هذه الشبكة فيما بينها بصفة آلية مركزيا وجهويا. وقد تميزت سنة 2008 بالنسبة لقطاع الوظيفة العمومية بتنظيم الاستشارة الوطنية حول تحديث الوظيفة العمومية التي أذن بها الرئيس زين العابدين بن علي في خطابه بمناسبة الذكرى العشرين للتحول بهدف تدعيم برنامج التحديث الإداري. وتندرج هذه الاستشارة في إطار الجهود المبذولة طيلة السنوات الأخيرة من أجل تحديث آليات التصرف الإداري والنهوض بالتكوين المستمر للموارد البشرية بالوظيفة العمومية والارتقاء بجودة الخدمات المسداة تنفيذا للأهداف الواردة بالبند 11 من البرنامج الرئاسي لتونس الغد. إذ راهنت تونس على تطوير الإدارة وتحسين أدائها والرفع من جودة خدماتها وتقريبها من المواطن والمؤسّسات، وهو ما يخوّل بدوره الارتقاء بالإدارة إلى دور الشريك الفاعل في دفع مسيرة التنمية الشاملة للبلاد. وقد ظهرت البوادر الأولى لإرساء إدارة اتصاليّة، منذ الثمانينات، على إثر إنجاز العديد من المنظومات الإعلاميّة التي مكّنت من تجريد عديد الإجراءات الإداريّة من صبغتها الماديّة على غرار التصرّف في الموارد البشريّة وإجراءات متابعة نفقات الدولة من التعهد إلى الإذن بالدفع والتصرّف في العرائض ومتابعة التصرف في المأموريات بالخارج والتصرف في الدين العمومي . وقد تدعّمت هذه الإرادة في إطار البرنامج الرئاسي(2009-2004)، الّذي أقرّ ضرورة إرساء إدارة عصريّة، تخدم المواطن وتهيئ لاقتصاد جديد، من خلال تجسيم جملة من القرارات من بينها توفير موارد بشريّة مؤهلة للإدارة الاتصاليّة من خلال ضبط برامج تكوين جديدة في مجالات الإدارة الاتصالية والتطبيقات المعلوماتيّة الملائمة لها. وتأكيدا لما يوليه رئيس الجمهورية من أهمية لمزيد تحسين أداء الإدارة ومردودها والارتقاء بمستوى خدماتها بما يستجيب لتطلعات المتعاملين معها من مواطنين وباعثين ويعزز دورها في دفع المجهود التنموي، تم إحداث وحدة جودة الخدمات الإدارية بالوزارة الأولى بمقتضى الأمر عدد 2938 مؤرخ في 19 نوفمبر 2007 . وتتولى هذه الوحدة خاصة إعداد مخطط وطني للجودة بالإدارة العمومية ومتابعة تنفيذ التوصيات المتعلقة ببرنامج تعميم نظام الجودة بالمصالح الإدارية العمومية إضافة إلى وضع مؤشرات وطنية لتحسين جودة الخدمات الإدارية ومتابعتها وربط الصلة مع منسقي برنامج الجودة بمختلف الوزارات والتنسيق معهم بخصوص مشاريع الجودة القطاعية ولضمان القيام بمهامها على أحسن وجه، يمكن لوحدة جودة الخدمات الإدارية الاستعانة بكفاءات مختصة في مجال الجودة سواء منهم المباشرون أو المتقاعدون بالقطاع العمومي أو خبراء من القطاع الخاص وذلك بمقتضى عقود إسداء خدمات. وقد توفقت تونس بفضل هذه الإصلاحات الشاملة إلى احتلال المرتبة الثانية عربيا على مستوى شمال إفريقيا والشرق الأوسط في مجال تطور نظام الجودة والمرتبة 16 عالميا في مجال تبسيط الإجراءات الإدارية حسب التقرير الأخير لمنتدى “دافوس” الاقتصادي وهي تطمح إلى بلوغ مرتبة بلدان منظمة التعاون والتنمية بأوروبا من خلال تحديد نقاط الضعف ومواطن الخلل صلب المصالح العمومية والعمل على تجاوزها.