قال عبد الرّحمان الهذيلي رئيس المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية أمس في ندوة صحفية حول الهجرة السّرية إن 40 ألف تونسي غادروا البلاد بعد الثورة بطرق غير قانونية، وبيّن أن الدراسات التي أجراها المنتدى كشفت أن 24 بالمائة من المهاجرين غير الشرعيين هم تلاميذ. و كشف ان عددا كبيرا من "الحرّاقة" نساء وأطفال وهو يدل على انسداد الآفاق أمام الكثير من التونسيين خاصة سكان الأحياء الشعبية بالعاصمة والقصرينوالقيروان وسليانة والكاف إذ أصبحوا يلوذون بقوارب الموت هربا من البطالة والفقر المدقع. وبين أن العديد من العائلات التي فقدت أبناءها تتحرق منذ سنة ونصف إلى معرفة مصير هؤلاء المفقودين وهي تعاني من التهميش وتطالب من الجهات المسؤولة إيلاء عناية أكبر بهذا الملف من أجل معرفة الحقيقة. وأضاف :" منذ موجة الهجرة السرية الأولى ومغادرة نحو 5400 شاب البلاد مباشرة بعد 14 جانفي مستغلين تردّي الوضع الأمني وسوء الأحوال الجوية بدأنا نشعر أن الأمر أضحى على غاية من الخطورة لأننا لم نتعود سابقا على هجرة سرية بهذا الحجم، لذلك أجرينا تحقيقا في جرجيس لمعرفة أسباب هذه الهجرة، ثم أتممنا الجزء الثاني من هذا التحقيق في لمبدوزا." وأضاف :" لقد تبيّن لنا أن هؤلاء الشبان هم من أبناء الأحياء الشعبية الفقّيرة، كما اكتشفنا أن من يؤمّنون هذه "الحرقات" ينتمون إلى عصابات خطيرة وهم سماسرة ووسطاء لا يولون اية اهمية لسلامة الناس ولا يبالون بأرواحهم، وفي نفس السّياق كشفت الدراسات التي أجريناها حول الهجرة السرية أن 55 بالمائة من المهاجرين هم من القاطنين بحزام الفقر في العاصمة وتالة القصرين وأرياف القيروان وسليانة والكاف". تحرّك بطيء للحكومة و لدى حديثه عن فاجعة "الحرقان" الأخيرة التي جدّت خلال الليلة الفاصلة بين الخميس والجمعة الماضيين لاحظ الهذيلي أن الحكومة التونسية لم تتعامل مع هذه الحادثة بالسرعة المطلوبة حتى أن وزراء إيطاليين كانوا سباقين في التحول إلى المكان من كاتب الدولة التونسي وأكد أن المنتدى لا يتعامل مع هذه الكارثة وهذه الفاجعة الانسانية في إطار مزايدات سياسية بل يرغب في ايجاد حلول.. و دعا لتكوين لجنة تحقيق في ملف الهجرة السرية ممثلة من الوزارات والمجتمع المدني والعائلات لأن المجتمع المدني لا يستطيع أن يقوم بهذه المهمة بمفرده ولا يستطيع النفاذ إلى المعلومات اللازمة كما يرغب.. مراجعة و في نفس الإطار أفادت الأستاذة سعيدة قرّاش أن ما يلفت الانتباه هو اتساع الرقعة العمرية والجنسية للمترشحين للهجرة غير القانونية وهو دليل على نمو تمعّش المنظمين لها.. و تجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن الدراسات التي أجراها المنتدى حول الهجرة السرية والتي شملت نحو 300 ملف بينت أن 36 بالمائة منهم تتراوح اعمارهم بين 20 و24 سنة و11 بالمائة بين 15 و19 سنة و37 بالمائة بين 25 و29 سنة و 12 بالمائة بين 30 و34 سنة و2 بالمائة بين 35 و39 سنة و2 بالمائة تتجاوز اعمارهم 40 سنة. و شدّدت قراش على أن الحكومة التي جاءت بعد الثورة مدعوة لعدم قبول مناقشة الاتفاقيات مع الاتحاد الاوروبي في مجال الهجرة بنفس الكيفية التي كانت في عهد بن علي فالأمر تغير والكل يعلم أن أوروبا في حاجة إلى يد عاملة.. وذكر عمر المستوري رئيس جمعية عائلات ضحايا الهجرة السرية أن السلطات الإيطالية أكدت لأهالي المفقودين أن هؤلاء المفقودين لم يدخلوا إيطاليا وهم يريدون معرفة جواب واضح من السلطات التونسية.. وأضاف أن المجتمع المدني والإعلام لم يوليا مسألة المفقودين ضحايا الهجرة السرية الإهتمام اللازم. وعبر عن استغرابه من تنامي أخطبوط سماسرة الهجرة السرية ومن صمت الأمن عليه. وقدم نيكانور هاوون الناشط بالمنتدى تفاصيل ضافية عن الفاجعة الأخيرة قبالة السواحل الايطالية ولاحظ أنه كان بالإمكان انقاذ الموتى والمفقودين. و عبر محمد عطية ممثل الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان عن تضامن الرابطة مع أهالي الموتى والمفقودين ودعا المجتمع المدني الوطني والدولي إلى التحرك من أجل احترام حق السفر وحق الولوج والتنقل الذي يعد من الحقوق البسيطة للمواطن. نقص الإغاثة وفي حديث معه بين عبد الرزاق الحاج زكري الخبير المستشار في قضايا الهجرة والمدير التنفيذي للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان أن الفرنتاكس أي الجهاز الذي يؤمن مراقبة الحدود الأوروبية، له إمكانيات كبيرة لمراقبة البحار، وله طائرات ومراكب مجهزة بأحدث التقنيات التي تساعد على معرفة كل ما يحدث فيه لكن حينما يتعلق الأمر بفواجع انسانية لمهاجرين سريين في عرض البحر لا تتدخل رغم اطلاق صرخات الاستغاثة.. وأكد محدثنا أن تونس مطالبة أيضا بتوفير المعدات اللازمة لإغاثة من يحتاجون النجدة في مياهها الإقليمية. وذكر بالحاج زكري أنه يجب مناقشة قضايا الهجرة السرية بعمق وتحديد المسؤوليات، والتأكيد على مسألة حرّية التنقل وعلى ضرورة احترام حقوق المهاجرين غير الشرعيين ومقاومة الرق الجديد الذي ظهر خاصة في ايطاليا حيث يقع استغلال المهاجرين غير الشرعيين استغلالا فاحشا خاصة في القطاع الفلاحي، إضافة إلى مقاومة شبكات التهريب والعصابات التي تدير الهجرة السرية..