في ركن من أركان تونس الجميلة مدرسة في بطن مجموعة من الجبال الشاهقات وفي عمق غابات الريحان والفلين بمعتمدية عمدون من ولاية باجة اسمها "مدرسة سيدي مبارك" بهنشير الحمراء ومدرسة أخرى هي مدرسة "مرقاقة" الابتدائية الواقعة على مسافة من الأولى تلفها أشجار الأوكالبتوس والفلين. مدرستان من مدارس الجهة يلف أهلها الفقر وتدمي المسافات أقدام صبيانها ليتمكنوا من مصافحة السبورة وملامسة الدفء شتاء والراحة خريفا وربيعا لا يعبؤون بما ينتظر بعضهم من تهديدات كل صباح ومساء جراء فيضان الأودية وانتشار الحيوانات المفترسة على امتداد مسافات السير. وقد يكون لموجة الثلوج التي عمت المنطقة في الشتاء الماضي فضل في اكتشاف هذه الجهة من قبل الجمعيات والأفراد من أهل الخير وجعلهم يربطون معها مواثيق أخلاقية لم يتحدث عنها الناس كثيرا تجسمت في فيض من الإعانات والهبات المباشرة فكانت مؤسسة "شهداء تونس للعمل الخيري" حاضرة في محنة الشتاء بمدرسة سيدي مبارك لتزود المدرسة بمدفآت لكل قسم وكمية من المواد الغذائية المتنوعة تكفي لمدة شهرين كاملين مع إكساء كل تلاميذها (121 تلميذا) بملابس شتوية. ونظرا لما يربط مدير هذه المدرسة جمال الوسلاتي من علاقات طيبة بإحدى أعضاء هذه الجمعية فقد مكنته من مالها الخاص من عدد من الميدعات من أرفع طراز لكل تلاميذ المدرسة مع تمكين كل واحد من جميع الكتب المدرسية أحضرها المدير بمجهوده الخاص قبل افتتاح السنة الدراسية وسلمها للتلاميذ جميعا كما ساهمت جمعية "تواصل" في تبني مدرسة مرقاقة وقامت معها بنفس الشيء خلال " الثلجية " ثم عادت إليها قبل افتتاح السنة الدراسية 2012 / 2013 على سابق موعد مع المدير حمادي المديني الذي أحضر التلاميذ والأولياء ليعيشوا لحظات مؤثرة رغم تهاطل المطر وفرت فيها الجمعية المذكورة محافظ أنيقة بجميع مستلزماتها المدرسية من القلم إلى الكتاب وميدعات على عدد تلاميذ المدرسة (حوالي 80 تلميذا). كما أعلمنا أحد المدرسين بالمدرسة أن الجمعية ذاتها أرسلت في طلب مقاسات التلاميذ لتمكنهم من معاطف واقية من المطر وأحذية تجنبهم وقع البرد وأثر المسافات على أقدامهم الصغيرة. وقد تحولت "الصباح" للمدرستين لمتابعة الحدث هناك ولمست مدى غبطة التلاميذ وانشراحهم لأنها من المرات القلائل. وحسب تصريح متفقد الجهة يوسف الخلفي ان الظروف التي يدخل فيها التلاميذ ومحافظهم جاهزة ومعنوياتهم مرتفعة وهي عوامل تساهم في تغيير الوضع النفسي الذي كان يعاني منه الطفل بسبب الصعوبات التي يلاقيها ولي أمره لتوفير الأدوات والكتب المدرسية عند بداية كل سنة ويلاقيه المدرس لتجاوز ما يترتب عنه من انعدام الوسائل والأدوات الضرورية للانطلاق ما جعل الصعوبات تتضاعف من سنة إلى أخرى. أما اليوم والحال هذه فقد كان للجمعيات وأهل الخير من أبناء هذا الوطن الطيب مساهمة فعلية في احتجاب هذه الصعوبات ما قد يسهم بشكل أو بآخر في الدفع بعملية التحصيل إلى درجات أفضل.