بقلم: محمد الاسعد بنحسين* - إنّ هذا العدد المفرط من القنوات وهو بعدد النجوم والتوسع المذهل في تجارة التسلية الرخيصة المتعمدة لأبنائنا يخفي الكثير من المصائب والمخاطر، فجلّ الشركات المنتجة والعاملة في هذا القطاع هي شركات غربية ذات نشاطات ثقافية متغربة وبفهم غربي خاص لمعاني التسلية واللعب والترفيه ليتم غرسها في أبنائنا، ملفوفة بعقلية غربية مبيتة تتعامل مع قنوات الأطفال بكلّ جرأة وفي غياب المتخصصين، والدولة هي دائما الحاضر الغائب هذا قبل الثورة وننتظر منها التغيير الآن، نعلم أن التغيير مكلف جدا لذلك نتمنى أن يكون من داخل المنظمات الإعلامية العربية المهتمة بعالم الطفل؟ الخطر الإعلامي الغربي يسعى إلى أن يصبح الإعلام الأوحد، والإنتاج المثالي داخل ذهن الطفل في كل انحاء العالم هذا الطفل الذي يُشد الى مشاهدة الأفلام والمسلسلات والبرامج التي تخاطب فيه غرائزه الطفولية البريئة، لأنماط من التقليد، وقد يتأثر معه كذلك الأب الطيب لأنماط الثقافة الغربية ودهاليزها مما يخلق حالة من التشوه النفسي والقيمي لدى الجميع والطفل خاصة يصبح معها أمر التقويم صعب المنال مع التقدم في السن فيختزن تلك النماذج في منطقة لاوعيه، فيرتد على نفسه وعلى تاريخه وقد ينفصل عنه لاحقا. ليت لبراق هذا العصر عينًا فترى أن ثقافة الطفل عندنا تسير وفق ثقافة ليست منّا، ثقافة مغترة بنفسها، مفروضة بقوّة الإمكانيات المادية، فكم من تناقضات ستنبت داخل عقلية الطفل؟ فتكون الحاجز بين ما يدرسه في المدرسة وما يتعلمه في البيت وفي المسجد، وبين ما يشاهده عبر شاشات التلفزة إنها مجزرة ثقافية وفكرية موحشة و شنيعة. لا زالت محفورة في ذهني مقولة "بابا سنفور" يا "قوة مسنفرة سنفري معي وأبعدي عني الشرّ" ، يرددها صغارنا اليوم في أحاديثهم البريئة! يرددون هذا اللغط الوافد، هذا الوجع الثقافي دون وعي فماذا تعني كلمة سنافر ومن أي ثقافة جاءت؟ قيل انها تعني وهذا المعنى يؤخذ من أفواه السنافر! تعني القدرة الهائلة التي تنافس الرب في قضائه! أراني وقد تابعت الكثير من أجزاء "بابا سنفور" ، فهل هذه القوّة المطلقة التي يمتلكها بابا سنفور؟ هي رسالة رسول جديد؟ بل لعلها البابا المقدس عند المسيحيين كما يعتقدون، لازلت أذكر أنه في إحدى حلقات هذا المسلسل جاء "شرشبيل" إلى "سنفورة" في النوم وقال لها "أنا خلقتك لكي تساعديني"..! وكثيرا من هذه الآفات! إنّ واقع ثقافة الطفل عندنا تعيش أزمة حقيقية، تتمثل في عدم التجانس والتشتت بين ما يطرح عبر وسائل الإعلام، وما يتلقاه الطفل في البيت وما يدرسه في المدرسة أما االكتاب عندنا فعاد الى القرون الأولى ولا يؤدي دوره بل أصبح محضنة محبوسا داخلها الطفل حتى عودة الآباء! نحن لا نملك إعلاما ينطق بثقافتنا وينطلق منها موجها لأبنائنا، نحن ندبلج، نترجم، فقط ونترك السم في المسلسل ليتجرعه أبناؤنا، حذار فتحت اللهيب رماد..!! السندباد الذي قرأناه ويحتل مساحة من تفكيرنا ضمن ألف ليلة وليلة ونحنّ إليه حتى يومنا هذا وكم أدخل البهجة على قلوبنا، تحول الآن بهذه المسلسلات الغربية إلى نصف إلاه ينغرس في أبنائنا كالإبر التي لا توجع أجسامنا من لدن طبيب ماهر! فهل تعلمون أن بعض الأطفال أصبحوا أثناء اللعب يصنعون من المساند ما يشبه النصب ثم يطوفون حوله ويسجدون له على هيئة ما يعرض لهم في نسخة السندباد الكرتوني عبر القنوات الغربية المدبلجة، ناهيك عن العري وأعمال السحر والشعوذة، وقصة الزعيم الأزرق الذي يسكن فوق السحاب وبيده إرسال البرق والرعد ورجاله زعماء الماء، الحجارة، الزيت والنار، يعني عودة الى الجاهلية الأولى! هكذا يتعرض الطفل كل يوم إلى شرخ في عقيدته منذ نعومة أظافره ليكون في ما بعد غير عارف بدينه مستنكرا له متمردا عليه! "لينا" تحث "عدنان" على البقاء حيا وهو معلق بالحديد داخل البحر، تنقل له لينا الهواء وتضعف لينا حين اللقاء حتى تتفجر قوّة "عدنان" تفل الحديد والبقية جنس وتعنيق.. يا أطفالنا لكم صبر أيوب. بخصوص أفلام "والت ديزناي" ثلاثية الأبعاد!، "علاءالدين" و "جعفر" هي أسماء عربية إسلامية تحتوي على أشياء لا تصدق ومحرفة بفعل فعلتها؟ بل وحتى البرامج التعليمية لم تخل من ذلك العبث ففي قصة "افتح ياسمسم"، شارع فسيح به مكتبة ومدرسة وحديقة ومطعم، وليس فيه ما ينبئ على أنّها قصة في الأصل عربية وطمس متعمد للهوية الإسلامية. يأتي الآن دور الثقافة اليابانية عن طريق "كابتن ماجد وعدنان ولينا والبوكيمون" والبقية معروفة، نحن كَمَيّت يُغسّل ويُقلب ذات اليمين وذات الشمال ولا حراك! و "الكابتن ماجد" العربي الذي يقابل فريقاً أجنبياً وتظهر ساعة الملعب في المسلسل اسم الفريق (japan) في مباراة مع فريق أوروبي ولا حياة للعرب؟