تنطلق اليوم الدورة التاسعة والعشرون لمعرض تونس الدولي للكتاب وتحدو الكثيرين من الأطراف المعنية به من عشاق الكتاب والمطالعة ومهنيين ومهتمين به صناعة وترويجا ومبدعين وهياكل مختصة مثل اتحاد الناشرين واتحاد الكتاب التونسيين ورابطة الكتاب الأحرار ونقابة الكتاب ونادي القصة آمالا عريضة. فهؤلاء الذين انخرطوا بحماس وجدية في تنظيم الدورة وفي تنشيط الكثير من فقرات برنامجها حركهم وعد بالقطع مع الرقابة والوصاية على النشر ورفع كل أشكال التضييق على الكتاب والمبدعين وتحرير الإنتاج الثقافي والفكري ودعم فرص ترويج الكتاب في الداخل والخارج. -هؤلاء- لهم انتظارات عديدة من هذه الدورة التي تلتئم بعد ثورة وتروج لتكريس أهدافها ومبادئها التحررية أهمها أن لا ننسى أننا أمة كتاب أمرنا الله بان نقرأه لنؤسّس مجتمعا. أي أن لا يكون إقبالنا على شراء الكتاب من معرض تونس الدولي فقط للتباهي به أو لتزيين رفوف المكتبات في منازلنا وإنما يجب ان يكون من أجل مطالعته وفهم مقاصده وما يطرحه من أفكار قابلة للتطبيق وصالحة لتشكيل وعي جديد بواقعنا العربي بصفة عامة والتونسي بصفة خاصة لعلنا بهذا الوعي نتمكن من التأسيس لمستقبل يصان فيه مشروعنا المجتمعي من كل مظاهر المغالاة والتعصب ومن بناء ذهنية جديدة تقوم على الحوار والتسامح وتؤمن بتقليص المسافات بيننا وبين الآخر من أجل إزالة الحواجز المانعة من بلوغ فكر الآخر وتبني ما يصلح منه لمجتمعنا وإزالة الأحكام المسبقة والأوهام الزائفة وردم الهوة بين الثقافات والاقتناع بأنه لا يحق لطرف ما أن يدعي امتلاك التأويل الوحيد والتقييم الوحيد الممكنين لعمل فني أو إبداعي معين.. طبعا على ان نستثني من هذه الكتب مؤلفات الشعوذة والأفكار الشاذة والدعوات الصريحة والضمنية للتطرف والعنف والعنصرية وغيرها من الاتجاهات المتعارضة مع القيم الإنسانية المتفق عليها. وينتظر المثقفون أيضا أن يجدوا في هذه الدورة إجابة عن سؤال كثيرا ما أرقهم وهو هل أن النشر والتوزيع والتصدير مسائل تقنية تجارية أم سياسية ثقافية؟ وهل يمكن للناشر العربي أن يكون صاحب رؤية إستراتيجية استشرافية تجعله يقطع مع قارئ الصدفة وزائر الصدفة وضيف الصدفة وحريف الصدفة.