منظمات تونسية تدعو سلطات الشرق الليبي إلى إطلاق سراح الموقوفين من عناصر "قافلة صمود"    من تطاوين: وزير التربية يشرف على انطلاق مناظرة الدخول إلى المدارس الإعدادية النموذجية    عاجل/ ارتفاع حصيلة القتلى الاسرائيليين بالضربات الصاروخية الايرانية    "سيطرنا على سماء طهران".. نتنياهو يدعو سكان العاصمة الإيرانية للإخلاء    حماية حلمها النووي ..إيران قد تلجأ إلى النووي التجاري ؟    تعيين التونسية مها الزاوي مديرة عامة للاتحاد الافريقي للرقبي    جندوبة: اجلاء نحو 30 ألف قنطار من الحبوب منذ انطلاق موسم الحصاد    وزير الصحة: مراكز تونسية تنطلق في علاج الإدمان من ''الأفيونات''    عاجل/ إضراب جديد ب3 أيام في قطاع النقل    الشيوخ الباكستاني يصادق على "دعم إيران في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية"    جندوبة: الادارة الجهوية للحماية المدنية تطلق برنامج العطلة الآمنة    "مذكّرات تُسهم في التعريف بتاريخ تونس منذ سنة 1684": إصدار جديد لمجمع بيت الحكمة    الدورة الأولى من مهرجان الأصالة والإبداع بالقلال من 18 الى 20 جوان    الكأس الذهبية: المنتخب السعودي يتغلب على نظيره الهايتي    عاجل/ هذا موقف وزارة العدل من مقترح توثيق الطلاق الرضائي لدى عدول الإشهاد..    إجمالي رقم اعمال قطاع الاتصالات تراجع الى 325 مليون دينار في افريل 2025    منوبة: الاحتفاظ بمربيّي نحل بشبهة إضرام النار عمدا بغابة جبلية    في قضية ارتشاء وتدليس: تأجيل محاكمة الطيب راشد    الكاف: فتح مركزين فرعيين بساقية سيدي يوسف وقلعة سنان لتجميع صابة الحبوب    كيف نختار الماء المعدني المناسب؟ خبيرة تونسية تكشف التفاصيل    القيروان: 2619 مترشحا ومترشحة يشرعون في اجتياز مناظرة "السيزيام" ب 15 مركزا    كهل يحول وجهة طفلة 13 سنة ويغتصبها..وهذه التفاصيل..    منذ بداية السنة: تسجيل 187 حالة تسمّم غذائي جماعي في تونس    كأس العالم للأندية: تشكيلة الترجي الرياضي في مواجهة فلامنغو البرازيلي    ابن أحمد السقا يتعرض لأزمة صحية مفاجئة    عاجل : عطلة رأس السنة الهجرية 2025 رسميًا للتونسيين (الموعد والتفاصيل)    دورة المنستير للتنس: معز الشرقي يفوز على عزيز دوقاز ويحر اللقب    الحماية المدنية: 536 تدخلا منها 189 لإطفاء حرائق خلال ال 24 ساعة الماضية    تأجيل محاكمة المحامية سنية الدهماني    10 سنوات سجناً لمروّجي مخدرات تورّطا في استهداف الوسط المدرسي بحلق الوادي    صاروخ إيراني يصيب مبنى السفارة الأمريكية في تل أبيب..    كأس العالم للأندية: برنامج مواجهات اليوم الإثنين 16 جوان    وفد من وزارة التربية العُمانية في تونس لانتداب مدرسين ومشرفين    خبر سارّ: تراجع حرارة الطقس مع عودة الامطار في هذا الموعد    طقس اليوم..الحرارة تصل الى 42..    النادي الصفاقسي: الهيئة التسييرية تواصل المشوار .. والإدارة تعول على الجماهير    تعاون تونسي إيطالي لدعم جراحة قلب الأطفال    كأس المغرب 2023-2024: معين الشعباني يقود نهضة بركان الى الدور نصف النهائي    باريس سان جيرمان يقسو على أتليتيكو مدريد برباعية في كأس العالم للأندية    صفاقس : الهيئة الجديدة ل"جمعية حرفيون بلا حدود تعتزم كسب رهان الحرف، وتثمين الحرف الجديدة والمعاصرة (رئيس الجمعية)    "صباح الخير يا تل أبيب"!.. الإعلام الإيراني يهلل لمشاهد الدمار بإسرائيل    بعد ترميمه فيلم "كاميرا عربية" لفريد بوغدير يُعرض عالميا لأوّل مرّة في مهرجان "السينما المستعادة" ببولونيا    بوادر مشجعة وسياح قادمون من وجهات جديدة .. تونس تراهن على استقبال 11 مليون سائح    لطيفة العرفاوي تردّ على الشائعات بشأن ملابسات وفاة شقيقها    زفاف الحلم: إطلالات شيرين بيوتي تخطف الأنظار وتثير الجدل    الإعلامية ريهام بن علية عبر ستوري على إنستغرام:''خوفي من الموت موش على خاطري على خاطر ولدي''    قابس: الاعلان عن جملة من الاجراءات لحماية الأبقار من مرض الجلد العقدي المعدي    إطلاق خط جوي مباشر جديد بين مولدافيا وتونس    باجة: سفرة تجارية ثانية تربط تونس بباجة بداية من الاثنين القادم    هل يمكن أكل المثلجات والملونات الصناعية يوميًا؟    موسم واعد في الشمال الغربي: مؤشرات إيجابية ونمو ملحوظ في عدد الزوار    تحذير خطير: لماذا قد يكون الأرز المعاد تسخينه قاتلًا لصحتك؟    من قلب إنجلترا: نحلة تقتل مليارديرًا هنديًا وسط دهشة الحاضرين    المدير العام لمنظمة الصحة العالمية يؤكد دعم المنظمة لمقاربة الصحة الواحدة    قافلة الصمود فعل رمزي أربك الاحتلال وكشف هشاشة الأنظمة    خطبة الجمعة .. رأس الحكمة مخافة الله    ملف الأسبوع .. أحبُّ الناس إلى الله أنفعُهم للناس    طواف الوداع: وداعٌ مهيب للحجيج في ختام مناسك الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



..أولى خطوات االتقشفب في تونس!
ملف: خنق القروض و"الروج".. ترفيع الأسعار والأداءات
نشر في الصباح يوم 05 - 11 - 2012

تعيش مختلف دول العالم ظرفية اقتصادية صعبة أرهقت الاقتصاديات الكبرى وخاصة أوروبا التي تشهد أزمة حرجة، حيث أثرّت في الاقتصاد التونسي الذي يرتكز على نسبة مبادلات تجارية مع دول الاتحاد الأوروبي تصل إلى 80%.
وما زاد الوضع الاقتصادي تعقيدا هو المرحلة الانتقالية التي مرّت بها البلاد حيث أدّت كثرة الاعتصامات وتضررّ عديد المؤسسات وتوقفّ بعضها عن العمل لفترة مقابل إفلاس البعض الآخر بالإضافة إلى تحويل عدد آخر من المستثمرين وجهتهم نحو المغرب الأقصى بحثا عن الاستقرار الأمني.
كما ساهم ضبط ميزانية السنة الجارية على مرحلتين في عدم الاستقرار الاقتصادي، حيث وجدت حكومة حمادي الجبالي نفسها مجبرة على تقديم مشروع ميزانية تكميلي صادق عليها أعضاء المجلس الوطني التأسيسي ،خاصة من قبل كتل المعارضة، تحت الضغط نظرا إلى ضيق عامل الوقت الذي لم يمكنهم من الاطلاع جيدا على مشروع الميزانية والعمل على تعديل بعض ما ورد فيها.
ولعل إقالة محافظ البنك المركزي مصطفى كمال النابلي ساهمت في عدم تحقيق نسبة النمو المنتظرة، فتعيين محافظ بنك مركزي جديد يستوجب منحه القدر الكافي من الوقت لفهم الواقع الاقتصادي للبلاد، لكن أطل علينا فيما بعد محافظ البنك المركزي الحالي الشاذلي العياري ليقدّم تقريرا يحوي تقريبا نفس المقترحات التي سبق وتحدثّ عنها النابلي، وهو ما يعكس خسارة عامل الوقت الذي كان من الممكن استثماره في البحث عن حلول أخرى من شأنها النهوض بالوضع الاقتصادي.
وبعد 3 أشهر تقريبا من تعيين المحافظ الجديد، دقّ خبراء الاقتصاد "ناقوس الخطر" بسبب انهيار مدخرات البلاد، كما اتخذّ البنك المركزي مؤخرا جملة من الإجراءات لعلّ أهمها "خنق القروض والروج" بالإضافة إلى الترفيع في الأسعار والأداءات وذلك بهدف تطويق الوضع الاقتصادي وعدم انهياره كليا.
"الصباح الأسبوعي" فتحت هذا الملف وتناولت الوضع الاقتصادي بالتحليل بالتنسيق مع عدد من الخبراء والسياسيين.

معز الجودي
الطبقة الوسطى في طريقها للاندثار.. وعلى الحكومة التقشف أيضا !!
أصدر البنك المركزي غضون الأسبوع المنقضي بيانا إلى الرأي العام أبرز فيه أن احتياطيّ تونس من العملة الصعبة لا يتجاوز 95 يوما من العملة الصعبة وهو رقم غير مسبوق في تاريخ البلاد منذ أكثر من 30 سنة حسب ما ذكره لنا الخبير الاقتصادي معز الجودي,علما وأن احتياطيّ تونس من العملة الصّعبة في جانفي 2011 كان في حدود 145 يوما..
تدهور الوضع الاقتصادي وتدنّي احتياطيّ العملة الصّعبة دفعا بالبنك المركزي إلى اتخاذ جملة من الخطوات اعتبرت تعسفية في حق المواطن وصنّفها المختصون كأولى اجراءات سياسية للتقشّف في تونس..
وقد أكّد معز الجودي الخبير الاقتصادي عند اتصالنا به أن ما تقوم به الدولة عبر عدد من الاجراءات التي تشمل النفقات العمومية والنفقات الخاصّة للمواطن لكن في تونس نلاحظ أن سياسة التقشّف تمارسها الحكومة في شكل ضغط على المواطن وكأنها غير معنية بتطبيقها دون أن تجهد نفسها في الضغط على نفقات الدولة المعنية بالتقشّف واليك مثال الوظيفة العمومية فما تحتاجه الدولة من موظفين لتسيير المرفق العام لا يتجاوز في مطلقه 340 ألف موظّف لكن اليوم نجد لدينا ما يناهز 580 ألف موظّف ومن المنتظر أن يقع انتداب حوالي 30 ألف موظّف بعنوان سنة 2012 وبالتالي سيبلغ عدد الموظفين حوالي610آلاف موظّف وهو عدد مهول يرهق النفقات العمومية لئن يساعد على حلّ مشكلة البطالة فانه ليس له انعكاسات اقتصادية ايجابية وهو مجرّد قرار سياسي غير مدروس اقتصاديا لأن دعم القطاع الخاص وتكثيف الاستثمارات وتشجيعها هو الذي سيحلّ معظلة البطالة وينعش الاقتصاد في ذات الوقت.
الملف الاقتصادي ليس من أولويات الترويكا
وذكر الجودي أنه اذا كانت حكومة قائد السبسي قد جعلت من تنظيم انتخابات المجلس التأسيسي من أهم أولوياتها فان حكومة الترويكا كان من المفترض أن تولي اهتماماتها أساسا للملف الاقتصادي وبطريقة جدية.
لكن عكس ذلك فان حكومة الترويكا اقترفت عديد الهنات في هذا الملف من ذلك أن قانون المالية التكميلي لم تكن موارده واضحة أو واقعية بل انبنت على مجموعة من النوايا والتكهنات وهذا غير جدّي في قوانين المالية التي تفترض ضبط نفقات الدولة بدقة وكذلك ضبط موارده بالدقة ذاتها..وبالتالي لاحظ الخبراء أن هذا القانون انبنى على الاعتباطية والعشوائية.و يقول "وقد أهملت الترويكا إعادة النظر في مجلة الاستثمار التي ينظر فيها الآن ..كما كان يفترض أن تتخذ الحكومة الحالية إجراءات للإحاطة بالمؤسّسات الصغرى والمتوسّطة لتفادي إفلاس العديد منها خاصّة وأن لها دورا رئيسيا في تنشيط الاقتصاد الوطني وخلق مواطن الشغل..ونتيجة للتخبّط الاقتصادي انهارت القدرة الشرائية للمواطن وأصبح هذا المواطن غير قادر على الاستهلاك وتنشيط الاقتصاد بعد الغلاء الذي أصبحت تشهده الأسعار بسبب التهريب وعدم تعافي الإنتاج بالشكل المطلوب...و من الأسباب المباشرة لذلك عدم نجاعة وفاعلية العمل الحكومي الذي اتسم بالتباطؤ وغياب الخبرة خاصّة وأن عدد الوزراء الضخم الذي يناهز 80 وزيرا يعيق التحرّك الحكومي الفعال وذا الجدوى.
المواطن يدفع الفاتورة..دائما
سألت الخبير الاقتصادي عن الحلول التي لو اتبعتها الحكومة لكانت تلافت المشكل فأكّد أنه كان من المفترض أن تعتمد الحكومة حسب ما نصحنا به منذ مدة سياسية "قف و مرّ"والتي تعتمد على المرواحة بين إعادة تنشيط الاقتصاد وسياسة التقشّف من ناحية أخرى والذي بلغ عجزا بقيمة 4.5 % بداية من 2012 رغم أننا كنّا نتحكم فيه بحيث لم يكن يتراوح بين 3 و3.5 %وفي حالات يكون الحل الأنجع لتنشيط الاقتصاد هو الاستثمار العمومي الضخم وفي قطاعات منتجة مع التسريع بإرساء إصلاحات عميقة في منظومة الجباية.
ولأن مثل هذه الخطوات لم تقم بها الدولة في الوقت المناسب اضطرت الحكومة والبنك المركزي لاتخاذ هذه الاجراءات لتفادي الأسوإ ولكن هذه الاجراءات جعلت المواطن "يعفس "على الجمرة ويشهد عديد التغيرات السلبية من حيث تمويل الاستهلاك أو تدهور قدرته الشرائية والقرارات المتخذة من قبل البنك المركزي تعتبر قرارات مؤلمة لجودة العيش لكن مع ذلك لا بديل عنها حاليا ,لكن جهود البنك المركزي لوحدها غير كافية إذ يجب أن تقوم باقي الهياكل بالدور المطلوب منها وخاصّة وزارة التجارة وفرق المراقبة التابعة لها لتفادي التهريب وشطط الأسعار واحتكار السوق حتى نتمكّن قدر الإمكان من الضغط على الأسعار..وعلى الحكومة أن تنخرط بدورها في سياسة التقشّف وتضغط على نفقاتها الخاصّة وعلى النفقات العمومية.خاصّة وأن السنة المالية 2012/2013 ستكون صعبة أيضا على المواطن الذي سيجد نفسه في مواجهة ارتفاع في الأداءات وخاصّة الأداء الجبائي وهو ما سيثقل كاهله وهذا سيؤدّي شيئا فشيئا نحو اندثار الطبقة الوسطى التي اعتمد عليها كثيرا الاقتصاد التونسي للنهوض بها والتي بدأت في التلاشي منذ عهد بن علي..إذ أن التحوّلات الاقتصادية التي تشهدها البلاد الآن تؤدي نحو ظهور طبقة فاحشة الثراء ستعمل على تهريب أموالها للخارج وطبقة فقرها مدقع في حين ستندثر الطبقة الوسطى خاصّة في ظل عدم الاستقرار الاقتصادي والسياسي والانفلات الأمني."
منية العرفاوي

شروط في إسناد قروض السيارات.. وترفيع في التمويل الذاتي
اتخذت البنوك عدة اجراءات لترشيد المعاملات المالية للمواطن على غرار ما يعرف "بالروج" أو ما يصطلح على تسميته بالسحب على المكشوف التي تمثل تسبقة على الأجر وتسهيلا ظرفيا للحريف البنكي تسدد بمجرد تنزيل الراتب.. ولاحظ بعض البنكيين أن "الروج" غير مسموح به لكن البنوك اتخذته إجراء لتسهيل شؤون حرفائها واليوم يتم ترشيد استعماله لكن لا علاقة لهذا الاجراء بما صدر في منشور البنك المركزي..
ومن المسائل التي ركز عليها منشور البنك المركزي القروض وخاصة منها الموجهة للاستهلاك.. حيث تم الاحتفاظ بالشرط المعروف وهو أن لا يتجاوز الاقتطاع لكل قرض مسند 40 بالمائة من المرتب الخام لكل منتفع.
أما الجديد في المسألة ما يتعلق بقروض السيارات فبالنسبة إلى عربات الأربعة خيول يكون المنتفع مطالبا بتمويل ذاتي في حدود 20% من قيمة القرض المسند في المقابل فإنه بالنسبة إلى قرض شراء عربة ما فوق 4 خيول يكون المنتفع مطالبا بتمويل ذاتي يفوق 40% من حجم القرض المتحصل عليه.
وأصبحت البنوك تقوم بترشيد القروض الاستهلاكية بصفة خاصة بالنظر إلى شروط البنك المركزي ومنها مطالبة البنوك المانحة لقروض باحتياطي اجباري لدى البنك المركزي كلما تجاوزت السقف المحدد من القروض المسموح بمنحها وبخصوص الاجراءات المتخذة من قبل البنك المركزي ذاتها يرى أهل الذكر أنها مرتبطة بعدة عوامل أبرزها نقص السيولة عند البنوك ونقص في المدخرات من العملة الصعبة..
هذه الإشكاليات لا يتحمل مسؤوليتها المواطن رغم التكالب على قروض الاستهلاك بل هناك عدة عوامل منها الصعوبات الاقتصادية العالمية وتحديدا اقتصاد الاتحاد الأوروبي الذي له علاقة مباشرة بالاقتصاد الوطني بالاضافة إلى الصعوبات الداخلية فإنتاج الفسفاط مثلا معطل نتيجة الاحتجاجات وغلق الطرقات والسكك الحديدية.
مقابل كل هذه الصعوبات يتم استغلال العملة الصعبة للواردات رغم أن نسبة كبيرة منها تهم المواد الاستهلاكية دون أن يوظف عليها حتى الأداء على الضريبة (18%) وهو ما انجر عنه تضاعف الاستهلاك مقابل غياب المداخيل ويكفي القول أن 25% من الواردات تهم مواد التجميل..
وحسب البنكيين تعتبر هذه الاجراءات ظرفية من أجل انقاذ الوضع وترشيد المصاريف واستعمال العملة الصعبة حفاظا على احتياطي العملة..
عبد الوهاب الحاج علي

في اجتماعاته السنوية بطوكيو
بماذا أوصى صندوق النقد الدولي تونس؟
شارك محافظ البنك المركزي الشادلي العياري في أعمال الدورة السادسة والستين من الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك العالمي في طوكيو في الأسبوع الثاني من شهر أكتوبر الماضي.
صندوق النقد الدولي عمل خلال هذا الاجتماع على دعوة المشاركين على غرار تونس إلى اتخاذ إجراءات جوهرية لاستعادة الثقة، هذه التوصيات التي أكد صندوق النقد ضرورة أن تتبعها تونس -وغيرها من البلدان الأخرى التي تسعى إلى إعادة الثقة في اقتصادها وسياساتها المالية- تتعلق با وا و اول اء وإح ا ا.
إلا أنّ التقرير الذي أصدره الصندوق في طوكيو تحت عنوان "الدول العربية في المراحل الانتقالية: التوقعات الاقتصادية والتحديات الرئيسية"، قدم توصيات المؤسسة المالية العالمية بشكل أكثر تفصيلا.
في تونس يرى صندوق النقد الدولي أنّ المخاطر مازالت موجودة خاصة نتيجة تراجع الصادرات جراء تباطؤ النمو في أوروبا إضافة إلى الظرفية الاجتماعية والسياسية التي تمر بها البلاد. لذا تدعو المؤسسة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة من أجل دعم النمو قصير المدى في تونس تتمثل بالأساس في اعتماد جملة من السياسات مجتمعة للحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي.
ويوصي التقرير أن تعمل السياسات النقدية على التقليص من ضغوط التضخم المالي وتعديل سعر الفائدة ما من شأنه أن يساهم في استقرار الاحتياطات الأجنبية الرسمية. ويرى أن تعديل سعر الفائدة وأسعار المحروقات من شأنه أن يساعد على الحفاظ على الاقتصاد الكلي.
ويوصي صندوق النقد كذلك بضرورة إعادة هيكلة القروض باعتماد المعايير الدولية من أجل الحد من القروض المتعثرة. أما على مستوى الإجراءات طويلة المدى فهو يدعو إلى إعادة هيكلة القطاع المالي وإعادة الرسملة بما يتماشى مع المعايير الدولية وتحسين سياسات تسيير البنوك.
أروى الكعلي

الخبير الجبائي لسعد الذوادي
الترفيع في المعاليم والأداءات جريمة لابد من استراتيجيا وطنية لمكافحة الفساد
التهريب الجبائي يكلفنا اكثر من 15 ألف مليار سنويا
كشف لسعد الذوادي الخبير الجبائي ان ما أتته الحكومة من ترفيع في المعاليم والاداءات يعتبر جريمة في حق من يقومون بواجبهم الجبائي وبالأخص المؤسسات المواطنة وكان من المفروض ان يحاكم عليها من حررها في ظل دولة قانون والسلطة الوطنية.
واضاف ان الحكومة لا يجب عليها الترفيع بصفة عمياء في معاليم جولان السيارات وانما كان عليها تضمين الدعم المتعلق بالمحروقات صلب معلوم الجولان بالنسبة للسيارات التي تفوق قوتها 6 خيول متسائلا: هل يعقل ان تمنح الدعم لاصحاب اليخوت التي يتجاوز بعضها قوته 1000 حصان.
وأشار الذوادي الى ان السلطة بصدد تحصين المتهرّبين من دفع الضرائب ومبيضي الاموال والجرائم الجبائية وبالاخص اولئك الذين استغلوا الثغرة الموجودة بصفة متعمّدة صلب احكام الفقرة الاخيرة من الفصل 16 من مجلة الحقوق والاجراءات الجبائية.
واستطرد قائلا: كما ان السلطة بصدد التغطية على اعمال الفساد والسمسرة في الملفات الجبائية من خلال رفضها تفعيل القانون ضد السماسرة والراشين والمرتشين وكذلك رفضها ادخال تحويرات على الفصول 39 و42 و60 من مجلة الحقوق والاجراءات الجبائية.
التخفيض في التأجير العمومي
وحول الاصلاحات التي ينبغي الاسراع باتخاذها لانقاذ الاقتصاد قال لسعد الذوادي انه لابد من التخفيض في التأجير العمومي الي النصف على الاقل باعتبار ان معدل العمل الفعلي للموظف داخل الادارة هو بضع دقائق فقط ومشكلة الاقتصاد التونسي عميقة جدا باعتبار ان لنا اكثر من 9 الاف مليار تكلفة التأجير العمومي مقابل انتاجية تكاد تكون منعدمة بل ان كثيرا من الموظفين لا ينتجون الا الفساد وهذا له تأثير خطير على المبادرة لان من يسعون الى بعث المشاريع يواجهون العراقيل من جراء الفساد الذي تضاعف داخل الادارة المختلة اليوم.
وضع استراتيجية وطنية
وشدّد الذوادي على ان السلطة الحاكمة بصدد اثقال كاهل المؤسسات المواطنة- والتي تحترم التشريع الجاري به العمل وتقوم بكل واجباتها- باعباء ومعاليم واداءات في الوقت الذي يتم فيه منافستها بطريقة غير شرعية من قبل المؤسسات المتهرّبة من دفع الضرائب وكذلك تخريب سيولتها بآلية الخصم من المورد.
واعتبر محدثنا ان حل هذه الازمة لا يكون الا بحلّ وحيد وهو الشروع في وضع استراتيجية وطنية واضحة المعالم لمكافحة الفساد باعتبار انه لا يمكن الحديث عن تنمية وعن نمو في ظل استشراء الفساد وهذا ثابت من خلال الدراسات العلمية التي اجراها برنامج الامم المتحدة الانمائي والكف عن إهدار المال العام في اطار ندوات فلكلورية لم يتمخض عنها أي شيء.
واضاف الذوادي ان هنالك اليوم تهربا جبائيا يكلفنا اكثر من 15 الف مليار وهو ما يدعو الى الشروع فورا في وضع استراتيجية وطنية لمكافحة التهرب الجبائي مثلما فعلت اليوم البلدان المتطورة التي تعيش أزمات مالية واقتصادية مثل اسبانيا واليونان وفرنسا. وتابع قائلا: التهرّب الجبائي يجب ان يكون في اطار مشروع قانون المالية لسنة 2013 الذي جاءت أحكامه ضحلة وتخريبية ومثقلة لكاهل المؤسسات المواطنة.
محمد صالح الربعاوي

خبير جبائي
التقشف في الميزانية أصبح ضرورة ولم يعد خيارا !
جراء الظرفية الاقتصادية والمالية التي تمر بها البلاد اتخذت جملة من الإجراءات تهدف بالأساس إلى العمل على الترفيع من موارد الدولة والتقليص من نفقاتها. ويمكن أن تظهر هذه الإجراءات على مستوى ميزانية الدولة. من بينها مثلا الحديث عن الترفيع في عدد كبير من معاليم الاستهلاك على غرار الترفيع في معلوم الجولان على السيارات بنسبة 25 بالمائة إلى جانب الزيادة في معلوم الطابع الجبائي للسفر ليتحول من 60 دينارا الى مائة دينار في ميزانية 2013.
إجراءات تهدف بالأساس إلى الترفيع من موارد الدولة لكنها في نهاية المطاف ستثقل كاهل المستهلك، إذ أنّ فرض معاليم جبائية إضافية على المؤسسات الاستثمارية سيدفعها إلى الترفيع من سعر منتجاتها وبالتالي فإن المستهلك هو من سيدفع من جيبه قيمة هذه المعاليم الجبائية وليست المؤسسة الاستثمارية كما يوضح ذلك الخبير الجبائي معاوية الكعبي الذي عمل مستشارا للمصالح العمومية بالإدارة العامة للأداءات سابقا وهو خبير لدى الهيئات الوطنية والعالمية في المالية والجباية ويعد دراسات حول الواقع الجبائي في تونس.
إلى جانب ذلك فإنّ مزيد فرض أعباء جبائية على هذه المنتوجات التي تشملها الخارطة الجبائية ليس الحل الأمثل برأيه فمن الأجدر البحث عن جوانب وعمليات إما لم تشملها الخارطة الجبائية أو أنها تنتفع بأنظمة تفاضلية وبالتالي يمكن اتخاذ إجراءات تتمثل في مراجعة هذه الأنظمة التفاضلية وهو ما يمكن أن يوفر موارد جديدة للدولة. وهذا الامر يندرج في إطار سياسة التقشف.
ويوضح الخبير الجبائي أن الضغط الجبائي في تونس بلغ حدّه الأقصى حسب المعايير الدولية ومن الأفضل عدم الترفيع فيه لأنّ مواصلة الترفيع فيه ستكون لها تبعات سلبية على جلب الاستثمارات الأجنبية.
التحكم في الدين العام
وفي وقت يرتفع فيه حجم الميزانية ب4,5 بالمائة من 2012 إلى 2013 يوضح الكعبي أن الأمر ليس كما يبدو، فهذا الارتفاع لا قيمة له إذا كانت نسبة التضخم تجاوزت نسبة 4.5 بالمائة، إلا أنه ارتفاع طموح على حد تعبيره قد يعطي انطباعا إيجابيا لدى المستثمر. كما يؤكد أن حجم الدين الخارجي مرجح للارتفاع في الميزانية القادمة على اعتبار انخفاض قيمة الدينار التونسي مقابل العملات الأجنبية. ونظرا إلى قيمة الدين الخارجي المرتفعة لم يعد اعتماد سياسة التقشف على حد تعبير الكعبي خيارا للنقاش بل ضرورة، نظرا إلى أن نسبة الدين الخارجي لا يجب أن تتجاوز 3 بالمائة من الناتج الداخلي الخام وقد تجاوزت اليوم في تونس تلك النسبة.
كما أن التأجير العمومي من النفقات الاعتيادية في الميزانية سيرتفع بالضرورة بسبب الزيادات التي تمت مؤخرا في الأجور، ما يعني أنّه عند اعتماد سياسة التقشف ستنزع الدولة نحو تخفيض النفقات التي ليست لها صلة بالاستحقاقات الاجتماعية ونفقات التنمية.
كما يرى الخبير المحاسب أنّه في الوقت الذي تتجه فيه الدولة نحو التقشف في المصاريف من الضروري أن تلعب الدور الأساسي في تنشيط الدورة الاقتصادية والأخذ بالمبادرة في إطلاق المشاريع الكبرى من أجل دفع عجلة الاستثمار وطمأنة المستثمرين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.