بتاريخ الأمس الخميس 22 نوفمبر 2012 تكون قد مرت سنة كاملة على انعقاد الجلسة الافتتاحية للمجلس الوطني التأسيسي، أول هيئة دستورية منتخبة ديمقراطيا بعد الثورة.. مجلس عهد إليه أساسا بوضع دستور جديد يؤسس للجمهورية الثانية ثم وفي الأثناء الاشراف على السلطة التنفيذية وتولي التشريع إلى حين تنظيم انتخابات عامة... هذه الذكرى الأولى لانتصاب المجلس الوطني التأسيسي أرادها البعض مناسبة لتقييم أدائه والوقوف على «منجزاته» ومعرفة ما إذا كان قد أوفى بوعوده خاصة في مجال كتابة الدستور الجديد وفق الأجل المحدد ابتداء (سنة على أقصى تقدير(.. بالمنطق الحسابي الصرف يبدو المجلس وكأنه قد أخفق فعلا في «امتحان» الانتهاء من وضع دستور جديد في أجل عام واحد.. فلقد مضى العام وليس هناك سوى مسوّدة لهذا الدستور الموعود.. مسوّدة لم يقع الشروع في مناقشتها إلا بتاريخ 23 أكتوبر المنقضي.. ولكن هل يعني هذا أن الحصيلة سلبية بالكامل وأن الحصاد هزيل؟... الذين سيكتفون بالنظر إلى النصف الفارغة من «كأس» التأسيسي سيذهبون إلى القول بأن «الحصاد» هزيل بالفعل.. وأما أولئك الذين سينظرون إلى النصف الآخر من «الكأس» (نصفها المملوء) فسيذكرون أن هذا المجلس تمكن بالمقابل من المصادقة على ميزانية الدولة وأنه انبثق عنه ائتلاف حكومي متحالف نعم ولكنه تعددي وغير متجانس وأنه انتخب رئيسا للجمهورية وأنه في رحابه تجري حوارات ثرية وديمقراطية لا عهد للحياة السياسية في تونس بها وأن لجانه التشريعية المختلفة تعمل بجد وحماس من أجل الاضطلاع بمهامها كاملة... صحيح،،، هناك «ظواهر» سلبية طبعت ولاتزال أداء المجلس الوطني التأسيسي لعل أخطرها تلك التجاذبات السياسية التي ميزت علاقة كتله النيابية بعضها ببعض والتي حولته في بعض الأحيان إلى فضاء للتطاحن والمزايدات السياسية. كذلك هناك من بين النواب المحترمين من يبدو وكأنه غير مستشعر بالكامل لمسؤولياته التاريخية (بعض الجلسات العامة علّقت بسبب عدم اكتمال النصاب بفعل غياب النواب !) وهو ما يحتّم الحرص من قبل النواب أنفسهم قبل غيرهم على حماية صورة النائب في عيون المواطنين وحفظ هيبة المجلس الوطني التأسيسي.