حمّل المخرج السينمائي وزارة الثقافة والهيئة المديرة للدورة الأخيرة لأيام قرطاج السينمائية مسؤولية الإساءة للسينما التونسية وتهميشها بجميع أنماطها ومختلف الأجيال العاملة فيها كنتيجة حاصلة من الفشل في تنظيم الدورة الأخيرة لأيام قرطاج السينمائية لاسيما مهزلة حفل الافتتاح لأنه اعتبر ذلك ضربا للمشروع الثقافي عامة والسينمائي خاصة الذي يرنو الجميع إلى بنائه على أسس صحيحة في تونس ما بعد الثورة. كما عبر عن استيائه الشديد من الوضع والصورة التي وقف عليها الضيوف الأجانب المشاركون في المهرجان الدولي والتي بدا فيها المشهد الثقافي في بلادنا باهتا إن لم يكن تافها شبه منعدم حسب تأكيده. وعلل الحبيب المستيري موقفه هذا بأنه كان ينتظر شأن عدد كبير من أهل القطاع في بلادنا أن يكون المهرجان الدولي في دورته الأخيرة، وهي الأولى بعد الثورة، مناسبة لتحقق السينما التونسية قفزة نوعية على مستوى دولي ولتجنّح نحو العالمية بالاستفادة من هامش الحرية والديمقراطية كمسكب تحقق بفضل الثورة من ناحية ثم أن السنتين الأخيرتين حسب رأيه سجلت انجاز أكبر عدد من الأفلام بمخلف الأنواع والأنماط. وأضاف في ذات الإطار قائلا:" كنا ننتظر أن يكون المهرجان عرسا للسينما التونسية والكم الهائل من الأفلام التي انجزت خلال السنتين الأخيرتين لكن تأسفت كثيرا لما تعرضت له السينما التونسية من اعتداء وهذا ما لمسته من أغلب الحاضرين ممن جاؤوا لاكتشاف الفن السابع في بلادنا في أول مهرجان له بعد الثورة." إلا أن ما حصل ودفعه إلى الاستغراب هو أن جل الأعمال التونسية التي تم عرضها في المهرجان سواء في إطار المسابقات الرسمية للمهرجان أو خارجها لم تحظ بالاهتمام رغم أن أغلبها حسب تأكيده كان متميزا مستدلا بما تحصلت عليه من جوائز وتنويه في مختلف التظاهرات والمهرجانات الإقليمية والعالمية التي شاركت فيها. لكنه فوجئ عندما رأى أن عرضها كان عابرا. واعتبر هذا التهميش عبارة عن استهداف مباشر للفعل الثقافي في بلادنا إلى درجة أن البعض ظن أن المسألة غير اعتباطية وإنما تتخفى وراء الأمر أجندا معينة الهدف منها إحباط عزائم أهل القطاع الذين أبدوا من الحماس والرغبة في العمل والتطور في كنف الحرية وغياب آليات الرقابة والصنصرة لاسيما في ظل ما وجدوه من آفاق رحبة من قبل شركات انتاج وجهات أجنبية للتعاون في هذا المجال. الجانب الآخر الذي شكل مصدر وهن في هذا المهرجان الدولي والذي يطرح بدوره استفهامات كبرى يتمثل في الهنات التقنية التي بدت عليها أغلب قاعات العرض. وحمل وزارة الثقافة وهيئة التنظيم المسؤولية الكاملة في الاخلال بهذا الجانب لأنه لم يتم الاستفادة من الكفاءات التي تزخر بها بلادنا في هذا الجانب. وقفة حازمة ودعا محدثنا كل الفاعلين في القطاع من جمعيات ونقابات وغيرها من الهياكل الأخرى إلى التحرك العملي من أجل الدفاع عن المشروع الثقافي في بلادنا بما يخدم صورة تونس ويدفع إلى فتح المجال للتشجيع على اللإستثمار فيها بما يدعم تنمية القطاعات الثقافية والسياحية والاقتصادية. لأنه يعتبر أن السينما والصورة تعد المرآة العاكسة لمدى تطور الشعوب وتحضرها. كما أنه يعتبر ما تحمله من رسائل وتتيحه من حوارات ومطالب تعد أبلغ من رسائل الحوارات السياسية. لذلك اعتبر صورة تونس ومطلب كل التونسيين اليوم منوط بعهدة أهل الثقافة بدرجة أولى. من جهة أخرى دعا الحبيب المستيري سلطة الإشراف إلى عدم الاستهانة بالفعل الثقافي عامة والسينمائي خاصة مهما كان مصدره أو نوعه على اعتبار أنه يحمل في داخله مشروع حضاري وتنموي قادر على خدمة التنمية في بلادنا في هذه المرحلة الانتقالية الحساسة.