تكريم فريق مولودية بوسالم للكرة الطائرة بعد بلوغه الدور النهائي لبطولة إفريقيا للأندية    مارث: افتتاح ملتقى مارث الدولي للفنون التشكيلية    تحذير من هذه المادة الخطيرة التي تستخدم في صناعة المشروبات الغازية    كرة اليد: الترجي في نهائي بطولة افريقيا للاندية الحائزة على الكؤوس    وزيرة التربية : يجب وضع إستراتيجية ناجعة لتأمين الامتحانات الوطنية    حريق بوحدة تصدير التمور يُخلّف خسائر مادية بدوز الشمالية    سيدي بوزيد: انطلاق فعاليات الدورة التاسعة للمهرجان الدولي الجامعي للمونودراما    تونس تحتل المرتبة الثانية عربيا من حيث عدد الباحثين    الداخلية تشرع في استغلال مقر متطور للأرشيف لمزيد إحكام التصرف في الوثائق    سليانة: أسعار الأضاحي بين 800 دينار إلى 1100 دينار    كاردوزو: سنبذل قصارى جهدنا من أجل بلوغ النهائي القاري ومواصلة إسعاد جماهيرنا    هطول كميات متفاوتة من الامطار خلال الاربع والعشرين ساعة الماضية    باجة: تهاطل الامطار وانخفاض درجات الحرارة سيحسن وضع 30 بالمائة من مساحات الحبوب    الڨصرين: حجز كمية من المخدرات والإحتفاظ ب 4 أشخاص    قيس سعيّد يتسلّم أوراق اعتماد عبد العزيز محمد عبد الله العيد، سفير البحرين    الرئيس الفرنسي : '' أوروبا اليوم فانية و قد تموت ''    جريمة شنيعة: يختطف طفلة ال10 أشهر ويغتصبها ثم يقتلها..تفاصيل صادمة!!    قبلي : اختتام الدورة الأولى لمهرجان المسرحي الصغير    جندوبة: 32 مدرسة تشارك في التصفيات الجهوية لمسابقة تحدي القراءة العربي    تتويج السينما التونسية في 3 مناسبات في مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة    عاجل/ انتشال نحو 392 جثمانا من مجمع ناصر الطبي ب"خان يونس" خلال خمسة أيام..    القيروان: القبض على مقترفي عمليّة سرقة قطيع أغنام    روح الجنوب: إلى الذين لم يبق لهم من عروبتهم سوى عمائمهم والعباءات    لعبة الإبداع والإبتكار في رواية (العاهر)/ج2    الحمامات: وفاة شخص في اصطدام سيّارة بدرّاجة ناريّة    قضية سرقة وتخريب بمصنع الفولاذ بمنزل بورقيبة: هذا ما تقرر في حق الموقوفين..#خبر_عاجل    المهدية : غرق مركب صيد على متنه بحّارة...و الحرس يصدر بلاغا    Titre    التونسي يُبذّر يوميا 12بالمئة من ميزانية غذائه..خبير يوضح    خدمة الدين تزيد ب 3.5 مليارات دينار.. موارد القطاع الخارجي تسعف المالية العمومية    رئيس الجمهورية يجدّد في لقائه بوزيرة العدل، التاكيد على الدور التاريخي الموكول للقضاء لتطهير البلاد    بطولة كرة السلة: النتائج الكاملة لمواجهات الجولة الأخيرة من مرحلة البلاي أوف والترتيب    الكيان الصهيوني و"تيك توك".. عداوة قد تصل إلى الحظر    شهداء وجرحى في قصف صهيوني على مدينة رفح جنوب قطاع غزة..#خبر_عاجل    ماذا يحدث في حركة الطيران بفرنسا ؟    بطولة مدريد للماسترز: اليابانية أوساكا تحقق فوزها على البلجيكية غريت    الترجي يطالب إدارة صن داونز بالترفيع في عدد التذاكر المخصصة لجماهيره    اليوم: عودة الهدوء بعد تقلّبات جوّية    شهادة ملكية لدارك المسجّلة في دفتر خانة ضاعتلك...شنوا تعمل ؟    قفصة: تورط طفل قاصر في نشل هاتف جوال لتلميذ    كأس ايطاليا: أتلانتا يتغلب على فيورينتينا ويضرب موعدا مع جوفنتوس في النهائي    لا ترميه ... فوائد مدهشة ''لقشور'' البيض    كتيّب يروّج للمثلية الجنسية بمعرض تونس للكتاب..ما القصة..؟    أكثر من نصف سكان العالم معرضون لأمراض ينقلها البعوض    "تيك توك" تتعهد بالطعن على قانون أميركي يهدد بحظرها    الجزائر: هزة أرضية في تيزي وزو    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    سعيد في لقائه بالحشاني.. للصدق والإخلاص للوطن مقعد واحد    "انصار الله" يعلنون استهداف سفينة ومدمرة أمريكيتين وسفينة صهيونية    اتحاد الفلاحة ينفي ما يروج حول وصول اسعار الاضاحي الى الفي دينار    وزارة الصناعة تكشف عن كلفة انجاز مشروع الربط الكهربائي مع ايطاليا    تونس: نحو إدراج تلاقيح جديدة    اسناد امتياز استغلال المحروقات "سيدي الكيلاني" لفائدة المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية    في أول مقابلة لها بعد تشخيص إصابتها به: سيلين ديون تتحدث عن مرضها    دراسة تكشف عن خطر يسمم مدينة بيروت    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    مصر: غرق حفيد داعية إسلامي مشهور في نهر النيل    خالد الرجبي مؤسس tunisie booking في ذمة الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف نميّز بين حرارة النقاش... و«الحوار البيزنطي»؟!
البرامج الرياضية على قنواتنا التلفزية:
نشر في الصباح يوم 01 - 03 - 2008

تكثفت البرامج الرياضية في القنوات الاذاعية والتلفزيونية في بلادنا، من (الاحد الرياضي) و(الشوط الثالث) و(وقت مستقطع) على قناة "تونس 7"، إلى (سويعة سبور)، و(بالمكشوف) على قناة حنبعل، و(سبور ايكسبريس) على اذاعة موزاييك، بالاضافة إلى «التحاليل» الرياضية التي تسبق احدى المباريات الهامة من البطولة وتعقبها كل أسبوع تقريبا، إن لم يحصل الأمر مرتين في الأسبوع في أحيان كثيرة...
صحيح أن الكرة، هي بمثابة الرئة التي يتنفس بها الشباب والشيوخ والنساء والرجال وأهل المال والأعمال، وصحيح أيضا أنها مشغل رئيسي من المشاغل السياسية للحكومة، تتابعه بدقة وبعيون مفتوحة، بالنظر إلى حساسيتها، وهو ما قد يبرر هذه «التخمة» من البرامج الرياضية التي يستغرق بعضها الساعتين أو يتجاوزها في كثير من الأحيان، بل أن برامج بعض القنوات تتبدل «رأسا على عقب» بسبب مباراة كرة قدم، أو برنامج رياضي يتناول حدثا كرويا «جللا».
كل ذلك يبدو مفهوما وقد لا تكون القنوات التلفزيونية التونسية، حالة شاذة في المشهد التلفزيوني الكوني، فجميع القنوات تخصص مساحات هامة من أوقات بثها للرياضة، بل للعبة كرة القدم بالذات.. غير أن هذه البرامج التي تبثها قنواتنا اصبحت تؤدي عكس ما تستهدفه.. فهي ترفع شعار «التثقيف الرياضي»، كهدف أساسي لهذا البرنامج أو ذاك، لكن نظرة دقيقة لهذه المادة التي تقدم للمشاهد التونسي، والمولعين برياضة كرة القدم بشكل محدد، قد لا تعكس هذا الشعار، بل يمكن القول دون تردد، أن المادة الرياضية المقدمة تساهم بقسط وافر في نوع من التسطيح في مستوى الثقافة الرياضية.. ويمكن للمرء عرض جملة من الملاحظات في هذا السياق بينها:
استنساخ مملّ...
** ان بعض هذه البرامج، تتنافس على استنساخ بعضها البعض، والحقيقة التي لابد من الإشارة إليها، أن برنامج (بالمكشوف) كان وراء عمليات الاستنساخ التي قام بها (الأحد الرياضي) و(الشوط الثالث) وبعض المواد التي تقدمها قناة 21 ايضا.. على اعتبار أن الحراك الذي ادخله (بالمكشوف) على المشهد الرياضي التلفزيوني، حرّك بعض السواكن، في اتجاه نوع من (الفوتوكوبي) خاصة في مستوى إضفاء مسحة من النقد على تلك البرامج..
لكن هذه المسحة النقدية، جاءت سحطية، بل هي عملية «ترقيعية» لثوب ممزّق، لم يعد يصلح لأي من الفصول الأربعة، وكان الأولى بمعدّي بعض البرامج، مراجعة فلسفتها وأسلوبها وطريقة التقديم والمضمون، ضمن رؤية تنافسية شاملة، وليس مجرد «تركيب» لبعض الفقرات والأسئلة والإخراج والموسيقى التصويرية، من دون أن يغير ذلك أسلوب التقديم وطريقة التناول ومضمون الطرح والشخوص المكلفة بذلك (من فنيين ومحللين ومقدمي البرامج)...
** وتسبب تعدد البرامج الرياضية كذلك، في انتاج نوع من «الحوار البيزنطي» الذي لا يتقدم بالرياضة في البلاد، ولا يرتقي بوعي المشاهد الرياضي التونسي، بل ولا يقدم له مادة اخبارية أو تحليلية جديدة.
فما معنى الدخول في حوار مع رئيس جمعية حول غيابات بعض المسؤولين على بنك الاحتياط، وما الذي سيفيد المشاهد، من محاولة الازعاج الوهمية لأحد المسيرين بشأن التفريط في هذا اللاعب أو ذاك، بذريعة أن الجمهور هو الذي يسأل عن ذلك... أو مساءلة بعض رؤساء الأندية عن سبب سفره إلى باريس أو ايطاليا أو مبرر وجوده في سوسة أو بنزرت أو صفاقس، وهكذا دواليك.. من أسئلة سطحية تكرّس الإسفاف، وتعكس نوعا من الضحالة في تفكير بعض معدّي أو معدات هذه البرامج.
والحقيقة، أن هذا الأسلوب في مناقشة مسيرين رياضيين، يعكس فهما مغلوطا للنقد أو «الحوار الجريء»، اذ لا معنى لحوار «يبهذل» المسؤول، بذريعة الجرأة والشجاعة والنقد وإحراج هذا الاسم أو ذاك... صحيح أن الهدف هو استقطاب اوسع عدد ممكن من المشاهدين، ولنقلها صراحة، انها محاولة «لافتكاك» بعض المشاهدين من قناة أخرى (حنبعل تحديدا)، لكنه مسعى فاشل لانه حوّل بعض البرامج (على غرار الشوط الثالث) إلى مادة ثقيلة على الأنفس، ركيكة على الآذان، ممجوجة على العيون.. تستفز (سلبيا بالطبع) وتزعج بل وتقرف أحيانا كثيرة...
برامج أو أكاديميات
** الأخطر من كل ذلك، أن مقدمي بعض البرامج الرياضية يدخلون الاستوديو باعداد غير مكتمل، وكأن المهم هو تمرير حلقة من البرنامج على حساب المضمون والمحتوى...
وهو ما يستشف من طرح بعض التساؤلات التي تبدو «خارج الموضوع» أو في غير سياقها، أو انها مغلوطة احيانا، بحيث يضطر الضيف إلى تصحيح معطياتها، ومع ذلك يقول له المنشط، «موش مشكل، المهم جاوبني»..
** تحولت بعض التحاليل الفنية إلى «دروس» في الرسوم التكتيكية، إلى درجة يخيل للمرء أنه في حصة بأحد الأكاديميات الرياضية.. وبدا بعض «المحللين» الفنيين وكأنهم في حجرات الملابس يلقنون لاعبيهم بعض الأخطاء والجوانب الدقيقة من المباراة في نوع من «استعراض العضلات» الفنية، والواقع أن التحليل الفني لمباراة كرة القدم في استوديو تلفزيوني ، له شروطه ومحدداته، فهو مجرد «أفكار/ مفاتيح» لفهم المباراة، وليست الغاية منه تكوين مدربين من بين المشاهدين... انظروا إلى البرامج الرياضية على القنوات الفرنسية والايطالية وحتى بعض القنوات الرياضية العربية المتخصصة، سيتجدون أن للتحليل الفني اطاره وضوابطه واهدافه الواضحة...
أضف إلى ذلك، أن التحليل الفني الرياضي، ليس من المهمات اليسيرة التي يقوم بها أي لاعب لمجرد انه كان لاعبا، أو مدربا لأنه درب هذا الفريق أو ذاك... إن التحليل الرياضي، إلى جانب كونه اختصاص، هو فن وهو بيداغوجيا، وليس ديماغوجيا من الكلام الفضفاض الذي يصب أحيانا في اتجاه هذا النادي أو ذاك، ضمن نوع من «الخبث» التحليلي لخدمة أغراض معينة، لايبدو المشاهد طرفا فيها اطلاقا..
التحكيم غير العفوي...
** اللافت للنظر في بعض هذه البرامج التي تشرك بعض الحكام لتقديم وجهة نظرهم بخصوص الأخطاء التحكيمية، أن هؤلاء يقدمون وصفة تحليلية تستبله المشاهد.. فالحكام انجزوا ما وعدوا، وادوا واجبهم على أحسن ما يرام، ولا وجود لأخطاء اثرت على نتائج المباراة والحال أن المشاهد التي تم تقديمها، تكاد تنطق بوجود ضربات جزاء لا غبار عليها ولا تحتاج إلى «مافيولا» أو كاميرات عديدة... لكنها لمسة يد عفوية ، ودفع عفوي والتحام عفوي، بل يكاد السيد الحكم المحلل، أن يقول لنا بأن وجود الحكم ذاته كان عفويا في المباراة... فهل إلى هذه الدرجة نخشى من كشف عورات التحكيم التونسي وأخطائه؟ وهل بلغ بنا الأمر إلى هذا المستوى من عدم احترام المشاهد التونسي، عندما نقدم له الأسود على أنه أبيض أو العكس..
إن هذه المافيولا بحاجة إلى إعادة نظر جادة أو الغائها تماما، لأن وجودها يسبب التوتر أكثر مما يؤدي إلى طمأنة الشارع الرياضي أو تثقيفه...
** واذا كان برنامج (بالمكشوف)، نجح في كشف عديد الملفات، ونبش في عديد القضايا المتراكمة منذ سنوات، وأوضح أن الحقل الرياضي (وبخاصة كرة القدم) يحتاج إلى مراجعة شاملة، قانونية واجرائية وتنظيمية وفي مستوى العلاقات بين الفاعلين الرياضيين، فإنه سقط كذلك - ومن حيث لا يدري - في فلسفة «النقد للنقد»، فكل شيء خاضع للنقد، حتى بعض المسائل الجانبية والهامشية التي تضر أحيانا بالقضايا والملفات الرئيسية، وكأن المهم هو توجيه سهام النقد، أو شن حملة على هذا الطرف أو ذاك، ضمن اوركسترا أقرب لقطع موسيقية نشاز، منها لمعزوفة مثيرة للاهتمام.
ليست هذه دعوة لالغاء برنامج ((بالمكشوف) وهو ما يتردد منذ فترة، فهذا البرنامج بات أحد المواد الأساسية لقناة حنبعل، ليس من السهل الاستغناء عنه أو حتى تعويضه، واذا ما اقدمت القناة على ذلك، فإنها تكون قد ارتكبت خطأ قد تندم عليه لاحقا... لكن المطلوب تعديل اوتاره، قبل أن يزيغ عن سكته ويبدل مشيته إلى مشية اخرى ربما أخلت بتوازنه...
إن الحقل الرياضي، وكرة القدم على وجه الخصوص، ملف شديد الحساسية، لأنه يتعلق بأوسع عدد من المشاهدين، لكنهم مشاهدون يتوفرون على حد أدنى من الوعي بالكرة وتفاصيلها، ولم يعد من الممكن ممارسة أي نوع من الاسفاف أو التسطيح ازاءهم.. لابد من فتح الملفات المتراكمة التي نخرها سوس أكثر من اربعة عقود من الزمن، لكن ينبغي أن يكون ذلك وفق رؤية واضحة وبمنهجية شفافة ودقيقة بعيدا عن كل اعتباط، وضمن اولويات واضحة، بعيدا عن أي خلط متعمد، على أن يتم ذلك في سياق حوار يعتمد مستوى محددا، وأفقا واضح المعالم...
فهل تشهد برامجنا الرياضية مراجعةترتقي بمستواها ومضمونها ام تحافظ دار لقمان على حالها في نوع من المكابرة التي لا تنفع المشهد التلفزيوني ولا المادة الرياضية المقدمة فيها؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.