بدأت سنة 2012 تلملم "أوراقها" وتطوي آخر صفحاتها استعدادا للرحيل حيث انسلت الأيام انسلالا ولم تعد تفصلنا سوى سويعات قليلة عن استقبال سنة جديدة لعلها تنسينا الاخفاقات السياسية والأزمات الاقتصادية والاجتماعية وتحمل بشائر تعيد لنا الأمل الذي كدنا نفقده بعد أحداث أرهقتنا وحيرتنا وأرقتنا. لو سألت أي تونسي مهما كان مستواه المعيشي ومركزه الوظيفي عمّا بقي في ذاكرته من سنة 2012 لأجابك بسرعة عجيبة دون أن يعصر "مخه" أنه لا يرغب في العودة بذاكرته إلى عام شهد تدهور مقدرته الشرائية واكتوى خلاله بنار ارتفاع الأسعار وخيبة الأمل في عدم تحقيق أهداف الثورة ومارافق ذلك من معاناة وآلام وأحزان. لن ننسى بسهولة كوارث الثلوج والفيضانات والحرائق وحوادث القطارات والعبارات والانزلاقات والانفلاتات التي شهدتها تونس لأول مرة في سيناريوهات غريبة عمقت مخاوف التونسيين الذين وجدوا أنفسهم مهددين بعديد المخاطر في الداخل والخارج. ولاشك أن الكثيرين يسابقون الساعات المتبقية من أجل طي صفحة سنة تكسرت فيها أحلام المئات من شبابنا على شواطئ لامبادوزا الإيطالية حيث عادوا في "توابيت" في مشاهد مأساوية "حرقت" أكباد عائلاتهم. لن ينسى التونسي انقطاع الماء والكهرباء وموجة الغلاء التي "أفقرته" وأفرغت جيبه لتزيد معاناة المناطق المهمشة والمنسية التي علقت آمالها على سنة 2012 وذهب في ظنها أنها ستكون سنة تحقيق أهداف الثورة وتحقيق الكرامة فإذا بها تصطدم بواقع أكثر مرارة زاده تدهور الأوضاع الاقتصادية معاناة لتفاجأ بغياب بعض المواد من الأسواق إلى حدّ أصبح فيه العثور على "باكو" حليب أمنية غالية. وفي الوقت الذي انتظرنا فيه نجاح أول حكومة شرعية في معالجة مختلف الملفات طغى على أدائها التذبذب والصراعات الحزبية أكثر من اهتمامها بالمشاغل الحقيقية للمواطن. ولن نتحدث عن المجلس التأسيسي الذي لم يكن أحسن حالا بل مثل هو الآخر خيبة أمل من خلال مشاهد الخلافات والصراعات والمناوشات التي كانت أحيانا "صادمة". ولم تكد سنة 2012 تلفظ أنفاسها الأخيرة حتى كانت صدمتنا أكبر ب"سيلان" الدم خلال الأحداث التي شهدتها أمس منطقة دوار هيشر والتي كانت سبقتها أحداث أكثر دموية بالسفارة الأمريكية وبئر علي بن خليفة والروحية والقصرين في سيناريوهات تهدد استقرار الوطن من مجوعات متشددة أصبحت تثير المخاوف بما يحتم على جميع التونسيين مزيد اليقظة والحذر خاصة بعد استفحال ظاهرة العنف في مجتمعنا بشكل غير مسبوق. إن حصاد سنة 2012 كان سلبيا بكل المقاييس مما يدعو الحكومة المؤقتة إلى مراجعة حساباتها واستخلاص الدروس والعبر وتغليب المصلحة الوطنية على المصالح السياسية والغايات الحزبية والإسراع بالتحوير الوزاري الذي يجب أن يكون على خلفية الكفاءات بعيدا عن الولاءات والانتماءات لأن المواطن مازال له بصيص أمل، لعل سنة 2013 تكون سنة الإنقاذ والقفز على الصراعات والجراحات. لذلك نقول وداعا سنة النكسات لأنك لم تحملي في طياتك إلا الأزمات والإخفاقات والانفلاتات والصراعات والانشقاقات والتصدعات ومرحبا بك سنة 2013.. سنة "الأمل" التي نتمنى أن لا يبقى خلالها تحقيق الانتظارات والتطلعات وكسب الرهانات -رغم التحديات- أمنيات يصعب تحقيقها كما كان الشأن سنة 2012. ارحلي.. ارحلي يا سنة 2012.. غير مأسوف عليك ورغم كل ذلك.. كل عام وتونس بخير وأمان.