بعد كل ما اقترفته الآلة العسكرية الإسرائيلية من مذابح انسحبت إسرائيل من شمال غزة فيما أعلنت حركة "حماس" "انتصارها" وذلك في انتظار مذابح أخرى لن تتورع الدولة اليهودية عن ارتكابها ولن تقدر "حماس" على منعها... المعضلة الرئيسية أصبحت إذن تتمثل في البحث عن تجنيب الشعب الفلسطيني ويلات الحرب بعد أن كانت السنوات الماضية سنوات البحث عن السلام الذي لم يأت وربما لن يأتي. الواضح أننا أمام عملية إعادة اعتبار للجيش الإسرائيلي الذي انتقد آداءه في الحرب على لبنان تقرير فينوغراد وبالتالي أصبح أولمرت يبحث عن وسيلة لإنقاذ مستقبله السياسي حتى وإن كان الثمن حصد ارواح عشرات الأبرياء. لقد أظهرت طريقة تعامل الحكومات الغربية مع المحرقة وليونتها مع الحكومة الإسرائيلية أن لا أحد يجرؤ على انتقاد إسرائيل أوتوجيه أي اتهام لها فماذا كان يحصل لو ارتكب الفلسطينيون مجازر ضد الإسرائيليين.. فهل كان أنصار إسرائيل سيبقون مكتوفي الأيدي؟ بالتأكيد إننا نعيش في عصر نصرة إسرائيل فالأرواح البشرية لا تهم الديموقراطيات العريقة وحاضر الفلسطينيين ومستقبلهم لا يعنيان شيئا لها وبالتالي فإن الأمل مفقود في أن تعدل تلك الحكومات مواقفها أو تكون إيجابية في التعامل مع جرائم الحرب الإسرائيلية. إن المحرقة وتلك المواقف تدفع الرأي العام الفلسطيني والعربي نحو اليأس والتشدد والتطرف وهو ما تبحث عنه إسرائيل وحلفاؤها تهميدا لحرب أخرى محتملة في المنطقة ضد إيران أو في لبنان قصد معاودة استهداف تنظيم "حزب الله" ومحاول القضاء عليه لأنه بات من الواضح أن الدول التي تقدم على أساس أنها متشددة والتنظيمات المتطرفة هي التي تقض مضجع إسرائيل وبالتالي تبقى كل الاحتمالات واردة لكي "تتخلص" إسرائيل من التهديدات. وقد لعبت إسرائيل على وتر التهديدات والمخاوف من التنظيمات المتطرفة لأنها وجدت في هذه الطريقة وسيلة لكسب التأييد في الغرب وحث اللوبيات الصهيونية على دفع الأموال كما استغلت القطيعة الحالية بين السلطة الفلسطينية و"حماس" لتناور وتهدد وترغب وترهب وتنفذ تهديداتها بمجازر تذكر بمجازر النازيين في ألمانيا الهتلرية أثناء الحرب العالمية الثانية ضد شعوب البلدان المجاورة. إن الفلسطينيين معنيون بمراجعة الوضع الذي تردت فيه قضيتهم ومعنيون أيضا بإعادة النظر في استراتيجياتهم لتصبح واحدة متجسدة في وحدة الصف أولا ثم تأتي التفاصيل..