بقلم: محمد الاسعد بنحسين - إن أي مبنى يجب أن يتمّ تشييده من مكونات يمكن التعامل بها ويسهل استعمالها ولم تستخدم الحوائط الجاهزة إلا بعد اختراع الرافعات الحالية فان تعطل الرافع توقف البناء.. وبناة الأهرام لم يكونوا بالغباء أن يقطعوا أحجارا تعجزهم وترهقهم لذا فالمكونات ضخمة تتناسب تماما معهم فتلك الحجارة العملاقة بالنسبة لنا ماهي إلا طوب عادي بالنسبة لقوم عاد العمالقة ولاحظوا النوافذ المرتفعة بمعابد الصعيد والتماثيل تذكرنا بالأحجام الضخمة من بشر وكباش وصقور، حضارتنا الآن تشيد التماثيل الضخمة للتعظيم لكن تبقى مكونات البناء صغيرة في حجمنا، أما الحجم الضخم للتماثيل المصرية فلم يكن للتعظيم وإنما تماثل أحجامهم، والدليل هو حجم الحجارة المشيد منها التمثال وهنا نسأل سؤالا بديهيا أين هي أبنية قوم عاد التي تركها الله عبرة لمن يتعظ؟ أما قوم عاد فكانوا عمالقة يصل طول الواحد منهم إلى 15 مترا كما ورد بالعديد من الروايات الإسلامية وبمقابر بمصر.. تتناسب ضخامة الحجارة مع احجامهم كان ذلك الحجر المعجز بالنسبة لنا، مجرد حصى بالنسبة لهم. فالعِلم والحفريات وكل الشواهد تؤكد ان سكان مصر القدامى هم قوم عاد يتكلمون العربية وفي دراسة قام بها احد العلماء يتضح أن الأهرام والمعابد المصرية هي أبنية قوم عاد الحقيقية، وكذلك التماثيل العملاقة والمسلات فالدلائل القرآنية والهندسية والتاريخية والجغرافية والعلمية تكاد تنطق بل وتصرخ جميعها من فرط وضوحها كوضوح الشمس لتشير بتلك الحقيقة المدوية، والأدلة على ذلك لا تعد ولا تحصى، منها على سبيل المثال بعض الدلائل الدينية: ( ِعَادٍ / إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ / الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ) الفجر : 6-7-8، بمعنى= (قوم عاد هم بناة الأهرام وأصحاب المسلات التي لم يبن مثلها احد في العالم.) (أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ / وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ ) الشعراء :128- 129، بمعنى أتبنون بكل مرتفع من الأرض بناء ضخما كالجبل بلا فائدة (تلك الأوصاف الثلاثة مجتمعة بالأهرام)، وتسكنون في مساكن مشيدة قوية كأنكم خالدون (مساكن الصعيد التي اتخذها الفراعنة من بعد معابد لهم) لكن وهذا الاهم في ما يخص كلمة إرم التي وردت بالقرآن المختلف في تفسيرها، فقد كتب د. رمضان عبد التواب أستاذ اللغة العربية، وعضو المجمع العلمي للغة العربية فى كتابه (التطور اللغوي مظاهره وعلله وقوانينه) عن تطوير الكلمات، بأنه كثيراً ما تمّ تبديل الحروف لأسباب متعددة على رأسها التسهيل فى النطق، فإن كلمة "إرم" التى وردت فى القرآن الكريم واختلف العلماء في تفسيرها هي نفسها كلمة هِرم بكسر الهاء والتي تعني في اللغة العربية الشيء كبير الحجم، وأيضا تطلق لكبير العمر، وهي هي كلمة هَرم بفتح الهاء بعد تسهيلها في اللغة العربية المصرية العامية. وعلى نفس هذا النسق في طمس الاصل والتحقير بالحضارة الاسلامية سارت بقية الدول الاستعمارية الأخرى في مختلف البلاد العربية والإسلامية ساعية مجاهدة إلى قبر اللغة العربية ومن ثمّة قبر الهوية الإسلامية العربية لشعوبنا، وواصل الاستعمار في وأد اللغة العربية بمجموعة هامة من حلفاء الاستعمار والذين باعوا أنفسهم للشيطان ضدّ مصالح أمتهم العربية والإسلامية وعلى رأس هؤلاء وأخطرهم يأتي سلامة موسى في كتابه (البلاغة العصرية واللغة العربية) فقد تناول هذا الأخير في كتابه مخطط الهجوم على اللغة العربية وانتقاصها والدعوة إلى العامية لتكون مصدر البلاغة العصرية زاعما أن الفصحى لا تستطيع التعبير عما تستطيع العامية أن تعبر عنه! فدعا إلى الأسلوب التلغرافي ومهاجمة الأسلوب البياني، كما دعا إلى الكتابة بالحروف اللاتينية وإدخال الكلمات الأعجمية دون قيد وهو بهذه الدعوة أراد في الحقيقة أن يكون الأسلوب خاليا من الروعة والبراعة والجمال والموسيقى التي تميز اللغة العربية، فلا يمتاز عن أسلوب الخطاب المعتاد المتداول في الشؤون اليومية، متعمدا تجاهل أن الأديب شاعرا كان أو كاتبا إنما يفتن القلوب ويسحر العقول بألفاظه وليس اللفظ رمزا يشير إلى فكرة ومعنى فحسب، بل هو مجموعة من صور ومشاعر أنتجتها التجربة الإنسانية وبثها اللفظ، فزادت خصبا وحيوية. هي مؤامرة على اللغة العربية لاجتثاثها من النفوس وإرباك عشاقها بتفاهات ما كان ينبغي أن تصدر عن الدكتور سلامة موسى الذي هو من خيرة العلماء العرب! فلماذا كان يدعو إلى العامية مستخدما في ذلك الفصحى ولم يستطع أن يتخلص من لغة أمته فكيف تعجز الفصحى عن التعبير عما زعم! وقد واصل مجهوده سعيد عقل اللبناني داعيا إلى استخدام اللهجة العامية وكتابتها بالحروف اللاتينية قائلا: "من أراد لغة القرآن فليذهب إلى أرض القرآن". ورصد جوائز عديدة لمن يكتب ديوانا للشعر باللغة العامية وكتب ديوان ( يارا) بلغة عربية في أحرف لاتينية وهو من الذين جعلوا شعارهم قتل الغرباء أي قتل المسلمين. ولعل التاريخ لن ينسى مجرما لم يكتف بالدعوة إلى ذلك بل دخل بنفسه المدارس معلما الحروف الجديدة للمدرسين والطلاب؟ إنه ذلك الذي حارب المسلمين وأسقط الخلافة الإسلامية معبود بورقيبة كمال أتاتورك. إن الملف اللغوي من أهم ملفات مرحلة التأسيس لعرب الثورة الجدد بعدما تمّ نفض آخر غبار وظلم واستبداد الذي جعل منّا أمة عاقرا تقبل بالتفوّق الغربي على أنّه من المسلمات واعتبارا أنّه من المنطقيّ أن يؤدي إلى الهيمنة الأوروبية على مصائرنا على أنّ هذه الهيمنة ناتجة عن ظروف معلومة نظنها انتهت بالثورات فكان احتكار أوروبا لكتابة التاريخ وكان التزوير لكل التاريخ ويجوز القول حتى وصل الامر الى التشكيك في من نحن؟