ايداع 9 من عناصرها السجن.. تفكيك شبكة معقدة وخطيرة مختصة في تنظيم عمليات "الحرقة"    الرابطة الثانية (ج 7 ايابا)    قبل نهائي رابطة الأبطال..«كولر» يُحذّر من الترجي والأهلي يحشد الجمهور    أسير الفلسطيني يفوز بالجائزة العالمية للرواية العربية    حادث مرور مروع ينهي حياة شاب وفتاة..    حالة الطقس لهذه الليلة..    أولا وأخيرا: لا تقرأ لا تكتب    افتتاح الدورة السابعة للأيام الرومانية بالجم تيسدروس    إيران تحظر بث مسلسل 'الحشاشين' المصري.. السبب    إنتخابات جامعة كرة القدم: إعادة النظر في قائمتي التلمساني وتقيّة    بسبب القمصان.. اتحاد الجزائر يرفض مواجهة نهضة بركان    البنك التونسي للتضامن يحدث خط تمويل بقيمة 10 مليون دينار لفائدة مربي الماشية [فيديو]    بين قصر هلال وبنّان: براكاج ورشق سيارات بالحجارة والحرس يُحدّد هوية المنحرفين    نابل: إقبال هام على خدمات قافلة صحية متعددة الاختصاصات بمركز الصحة الأساسية بالشريفات[فيديو]    الكشف عن مقترح إسرائيلي جديد لصفقة مع "حماس"    بطولة المانيا : ليفركوزن يتعادل مع شتوتغارت ويحافظ على سجله خاليا من الهزائم    تونس تترأس الجمعية الأفريقية للأمراض الجلدية والتناسلية    المعهد التونسي للقدرة التنافسية: تخصيص الدين لتمويل النمو هو وحده القادر على ضمان استدامة الدين العمومي    2024 اريانة: الدورة الرابعة لمهرجان المناهل التراثية بالمنيهلة من 1 إلى 4 ماي    مشروع المسلخ البلدي العصري بسليانة معطّل ...التفاصيل    عميد المحامين يدعو وزارة العدل إلى تفعيل إجراءات التقاضي الإلكتروني    انطلاق فعاليات الدورة السادسة لمهرجان قابس سينما فن    بودربالة يجدد التأكيد على موقف تونس الثابث من القضية الفلسطينية    الكاف: قاعة الكوفيد ملقاة على الطريق    استغلال منظومة المواعيد عن بعد بين مستشفى قبلي ومستشفى الهادي شاكر بصفاقس    الدورة الثانية من "معرض بنزرت للفلاحة" تستقطب اكثر من 5 الاف زائر    تسجيل طلب كبير على الوجهة التونسية من السائح الأوروبي    بطولة مدريد للتنس : الكشف عن موعد مباراة أنس جابر و أوستابينكو    جمعية "ياسين" تنظم برنامجا ترفيهيا خلال العطلة الصيفية لفائدة 20 شابا من المصابين بطيف التوحد    جدل حول شراء أضحية العيد..منظمة إرشاد المستهلك توضح    تونس تحتل المرتبة الثانية عالميا في إنتاج زيت الزيتون    الأهلي يتقدم بطلب إلى السلطات المصرية بخصوص مباراة الترجي    كلاسيكو النجم والإفريقي: التشكيلتان المحتملتان    عاجل/ الرصد الجوي يحذر في نشرة خاصة..    اليوم.. انقطاع الكهرباء بهذه المناطق من البلاد    فضيحة/ تحقيق يهز صناعة المياه.. قوارير شركة شهيرة ملوثة "بالبراز"..!!    وزير السياحة: 80 رحلة بحرية نحو الوجهة التونسية ووفود 220 ألف سائح..    عاجل/ مذكرات توقيف دولية تطال نتنياهو وقيادات إسرائيلية..نقاش وقلق كبير..    ليبيا ضمن أخطر دول العالم لسنة 2024    بمشاركة ليبية.. افتتاح مهرجان الشعر والفروسية بتطاوين    بن عروس: انتفاع قرابة 200 شخص بالمحمدية بخدمات قافلة طبيّة متعددة الاختصاصات    برنامج الدورة 28 لأيام الابداع الادبي بزغوان    في اليوم العالمي للفلسفة..مدينة الثقافة تحتضن ندوة بعنوان "نحو تفكرٍ فلسفي عربي جديد"    الإتحاد العام لطلبة تونس يدعو مناضليه إلى تنظيم تظاهرات تضامنا مع الشعب الفلسطيني    8 شهداء وعشرات الجرحى في قصف لقوات الاحتلال على النصيرات    مدنين: وزير الصحة يؤكد دعم الوزارة لبرامج التّكوين والعلاج والوقاية من الاعتلالات القلبية    الكاف: إصابة شخصيْن جرّاء انقلاب سيارة    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    وزير الخارجية يعلن عن فتح خط جوي مباشر بين تونس و دوالا الكاميرونية    السيناتورة الإيطالية ستيفانيا كراكسي تزور تونس الأسبوع القادم    بنسبة خيالية.. السودان تتصدر الدول العربية من حيث ارتفاع نسبة التصخم !    تألق تونسي جديد في مجال البحث العلمي في اختصاص أمراض وجراحة الأذن والحنجرة والرّقبة    منوبة: تفكيك شبكة دعارة والإحتفاظ ب5 فتيات    مقتل 13 شخصا وإصابة 354 آخرين في حوادث مختلفة خلال ال 24 ساعة الأخيرة    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دور المخابرات الأجنبية في صنع "ملحمة" 14 جانفي
14 ملف: 14 جانفي 2011 .. 14 جانفي 2013 –

علي السرياطي يتحدث ل «الصباح الأسبوعي» عن :تحذيرات المستشار الأمني لساركوزي.. وآخر مكالمة مع رشيد عمار وإرسالية محمد الغرياني...
بن علي كان سيصفي مجموعة الطرهوني لتحرير أصهاره!
ونحن نحيي الذكرى الثانية للثورة التي اطاحت بالنظام السابق يوم 14 جانفي 2011 هذا التاريخ الذي لايزال يحمل في ثناياه عدة ألغاز ولم يتم بعد الكشف عما حدث فعلا منذ طلوع فجر الرابع عشر من جانفي 2011.
ولأن العديد من الذين يعلمون ماجرى فعلا في ذلك اليوم ولم يبوحوا بعد بأدق تفاصيل تلك الساعات.. كان لا بدّ من البحث والتدقيق.. "الصباح الأسبوعي" لم تجد أفضل من الذي كان ملازما للرئيس "المخلوع" ومؤمنا لسلامته وحمايته ونعني بذلك المدير العام السابق للأمن الرئاسي علي السرياطي ليمدنا بأكثر التفاصيل عما حدث في ذلك اليوم..
سمير نجل علي السرياطي حملناه مسؤولية ايصال 3 أسئلة لوالده قصد الاجابة عنها اذ كان لديه استعداد لذلك (ونعني بذلك والده) فرحب بالمقترح على أمل ان يعود لنا بعد ظهر يوم الخميس الفارط بالاجابة عن اسئلة حول ماهي الاتصالات التي اجراها زين العابدين بن علي ومن اتصل به قبل مغادرة البلاد؟ وحول السيناريو الذي كان لدى زين العابدين بن علي لو لم يغادر البلاد؟
وكذلك الدور الذي لعبه وزير الدفاع رضا قريرة على امتداد يوم 14 جانفي 2011؟
قبل الاجابة عن اسئلتنا اعلم علي السرياطي نجله سمير بأن اعضاء من الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان يترؤسها محمد عطية كانوا خلال يوم الاربعاء في زيارته للاطمئنان على وضعه بالسجن وقد رفض علي السرياطي الادلاء بأية معلومة قبل خروجه من السجن. وقد وعده الوفد بأنهم سيولون مسألة جراية التقاعد التي لم تصل زوجته منذ جانفي 2011 الاهمية اللازمة.
هكذا بدأ سمير حديثه الينا بعد لقاء والده علي الذي امده بالاجابة عن أسئلتنا لننقلها بدورنا على لسان علي السرياطي حيث يقول:
"بخصوص الاتصالات لابد من الاشارة اولا الى ان معلومات تلقاها بالقصر يوم 12 جانفي وبالتحديد الرئيس زين العابدين بن علي وبعدها بلغت شخصي عن طريق مروان مبروك. وهذه المعلومة تخص التحضير لانقلاب وقد علم مروان مبروك بذلك عن طريق المستشار الأمني لساركوزي. هذه المعلومة أخذت مأخذ الجد وهو ما جعل اعوان الحرس الرئاسي بداية من 13 جانفي في وضع استنفار 12 ساعة على 12 ساعة. كما تم تطويق القصر بحزام أمني متكون من عناصر من الجيش لحماية المكان وكذلك الوحدات الخاصة للحرس.
اما في خصوص يوم الجمعة 14 جانفي فلا أزال اتذكر محتوى الارسالية التي وصلتني من محمد الغرياني منذ الساعة 7 صباحا والتي اعلمني من خلالها بأن جماعات من حركة النهضة تستعد للقيام بزحف نحو القصر على الساعة الحادية عشرة. وقد ذكر لي في اخر الارسالية ان هذه المعلومات قد تحصل عليها من الفايس بوك".
ويقول محدثنا ايضا: "مع حلول الساعة الثالثة بعد الظهر علم الرئيس بأن هناك مجموعة من الطرابلسية قد تم ايقافها بالمطار وقد ذكر لي في هذا الخصوص بأن الامر قد اصبح خطيرا لكن مع ذلك فقد اكد لي ان ذلك ليس من مسؤوليتنا بل هو من مشمولات وزير الدفاع الذي طلب منه تحرير الطرابلسية ولو كان ذلك باستعمال القوة. ثم طلب مني أن ارافق افراد العائلة ومحسن رحيم في اتجاه السعودية عندها طلبت من الكتابة مدي بجواز سفري وكذلك الشأن لمحسن رحيم. وعلى الساعة الرابعة وصلت القصر معلومة عن طريق قاعة العمليات للأمن الرئاسي ان هناك طائرة هيليكوبتر تحوم حول القصر هذه المعلومة لم تصل الى الرئيس لكنه علم باقتراب زورقين بحريين من محيط القصر بالقرب من سيدي بوسعيد.. وقد سبق وان علمنا ان هناك حوالي 5000 متظاهر بجهة الكرم باتجاه القصر وفي الساعة 16 و15 دقيقة أعلمت الرئيس بكل هذه التطورات وقد صادف هذا اللقاء وصول ليلى وحليمة ومهدي بالقايد بعد مغادرتهم قصر سيدي الظريف ناقشت الوضع الخطير مع الرئيس بحضورهم. ورغم ذلك فانه تمسك بما كان متفقا عليه وهو مرافقتي للعائلة مع بقائه بالقصر. لكنني ألححت عليه بأن يرافقنا الى المطار لتوديع افراد العائلة كما اعتاد في الحالات العادية ثم العودة إلى القصر فوافق على ذلك.
ويضيف محدثنا قائلا: "على الساعة 16 و35 دقيقة غادرنا القصر في اتجاه المطار العسكري ثم على الساعة 17 و05 دقائق اتصلت برشيد عمار لأسأله عما يجري في المطار المدني فأعلمني ان هناك حالة تمرد من طرف القوات الخاصة للشرطة والحرس الوطني عندها لم يكن امامي سوى اجبار بن علي على صعود الطائرة لتفادي ما قد ينجر من المواجهات التي من المحتمل حدوثها بين الفينة والاخرى خاصة ان كل المؤشرات تؤكد ان هناك تحركا منظما ومسلحا عندها اقتنع الرئيس بخطورة الوضع واحس بالخوف "خاف على روحو وعلى عايلتو". وعلى الساعة 17 و47 دقيقة: أقلعت الطائرة. من جهة أخرى قال علي السرياطي: "أما في خصوص سيناريو ما كان سيقدم عليه الرئيس لو انه ظل بالبلاد فهذا أمر يصعب التكهن به لكن مع ذلك وبجمع المعلومات والمؤشرات التي احاطت بأحداث يوم 14 جانفي 2011. لن يكون امامه من حل سوى التعجيل بالقضاء على المجموعة التي تحتجز الطرابلسية التابعة لفرقة مكافحة الارهاب ومنها تحرير اصهاره باعتبار أن ما حصل بالمطار يعتبر خيانة عظمى بالنسبة إليه".
غرسل عبد العفو

قائد الطائرة الرئاسية قلق.. حليمة تبكي وليلى تجمع علب «الماكياج»!
قائد الطائرة الرئاسية شيخ روحو كان غير مرتاح للرحلة خاصة ان ضيق الوقت لم يمكنه من الحصول على مخطط الطيران والمسار الجوي الذي سيقع اتباعه، الا أن الموجودين بجانب "المخلوع" طلبوا منه الاقلاع في انتظار تحديد المسار والاتصال ببرج المراقبة لكن ليلى فاجأتهم بسؤال: "حول ما اذا من الضروري الاقلاع بمخطط الطيران؟.." وقالت: نذهب الى جربة ثم نتوجه حيث نريد"..
وهذه التخمينات والاسئلة أدت الى كثرة التأويلات حول وجهة بن علي وعائلته خاصة ان الطائرة ظلت تحلق فوق جربة الى حين الحصول على موافقة الليبيين لدخول اجوائها والاتصال بطاقم الطائرة لتمكينه من عبور الاجواء الليبية وكان الاتفاق على تبليغ ابراج المراقبة بأن الطائرة تقل عائلة الرئيس السابق دون الاشارة الى وجوده بجانبها.
بن علي كان كثير الاتصال بالوزراء والمسؤولين وايضا كثير التردد على غرفة القيادة اذ اعلم في البداية الطاقم انه يريد العودة مباشرة بعد نزول عائلته ثم في ما بعد طلب من الطاقم قضاء الليلة قبل أن يعود معه صباحا لكن قائد الطائرة عندما شاهد ما حدث على قناة الجزيرة بمطار جدة انتابه الشك وظل يتصل ليسأل عن موعد عودته وامكانية انتظاره الى ان وقع اعلامه بضرورة مغادرة جدّة في اتجاه تونس وحل في 15 جانفي وكان شيخ روحو آخر من شاهد الرئيس السابق قبل أن يبقى هناك.
كانت الاجواء مضطربة داخل الطائرة والطاقم قلق لكن بن علي أخفى حزنه وخوفه وواصل التصرف كرئيس فبعد ان علم بكلمة محمد الغنوشي تغيرت معطيات كثيرة وكانت حليمة تبكي وتتساءل ان كان سيقع استقبالهم استقبالا عاديا أو سيرفضون لانه ليس بحوزتهم جوازات سفر.. واما ليلى وفي خضم تلك الاجواء فقد طلبت من المضيفة أن تجمع لها كل المساحيق وعلب الماكياج الموجودة بغرفة التجميل في الطائرة.
عبد الوهاب .ح.ع

سائق يخت بلحسن يعيد "مليارا" للبلاد
إلياس بالرابح لم يتردد اسمه كثيرا منذ يوم 14 جانفي إلا أنه دفع ثمن انتمائه لشركة "كرطاقو" -التابعة لبلحسن الطرابلسي كقائد يخت- باهظا، فقد قضى 3 أشهر و20 يوما في السجن.
لكن العارفين بأهمية ممتلكات بلحسن الطرابلسي يعتبرون إلياس ودون تخطيط قد ساهم في حفاظ تونس اليوم على يخت تفوق قيمته الميار من مليماتنا.. وذلك بعد أن نجح في العودة به إلى أرض الوطن وحمايته إلى أن وصل ميناء سيدي بوسعيد فجر يوم 17 جانفي بعد أن غادره قبل 3 أيام وعلى متنه كافة أفراد عائلة مؤجّره بلحسن الطرابلسي.. إلياس بالرابح نجح في العودة باليخت من "تراباني" إلى أرض الوطن رغم صعوبة المهمة، لتتمّ محاكمته بشهر سجنا وبخطية بنفس المبلغ التي تمّ حجزه لديه باعتبار التهمة الموجهة إليه وهي إخراج عملة دون ترخيص.
غرسل بن عبد العفو

هل وقع «التلاعب» بمسار الثورة ؟
حكومتا محمد الغنوشي وقائد السبسي متهمتان
هل وقع العبث «بمسرح» جرائم نظام المخلوع لطمس الحقائق؟
هل يمكن أن نجزم اليوم أن النظام البائد انتهى فعليا وعمليا مساء 14 جانفي 2011 بهروب بن علي؟ قطعا، لا يمكن الجزم بذلك لأنه فعليا استمرت البلاد في "قبضة" رموز نظامه الى حين نجاح القصبة 2 خاصّة، والتحرّكات الشعبية آنذاك التي عرفت بتحرّكات تصحيح مسار الثورة في الإطاحة بمحمد الغنوشي الوزير الأوّل لبن علي ورئيس الحكومة بعد الثورة وإجباره على تقديمه لاستقالته,ليعيّن فؤاد المبزّع، رئيس مجلس النواب الذي اضطلع بمهام رئيس الجمهورية عشية الإطاحة ببن علي،الباجي قائد السبسي أحد ألمع وزراء بورقيبة والذي تقلّد زمن حكمه عديد الحقائب الوزارية..الى حين اجراء انتخابات المجلس التأسيسي وتكوين حكومة "الترويكا" بعد ذلك..
اليوم بعد عامين من الثورة ورغم تغيّر ملامح المشهد السياسي بالكامل وبقطع النظر عن الصعوبات التي تمرّ بها البلاد فان هناك عديد الأسئلة التي تطرح حول ملفات تورّط النظام السابق ورموزه في عديد ملفات الفساد وحول آلية المحاسبة التي هي حجر الأساس في الثورات ولبنة الانتقال الديمقراطي الحقيقي.. فالشعوب لا يمكن أن تتصالح مع تاريخها إذا لم تقف على حقائق ما جرى وتحاسب من أخطأ في حقه لتتحقّق بعد ذلك المصالحة..
ملفات التورّط تباع على الرصيف
أجمع كل المراقبين أن مشروع العدالة الانتقالية والذي تتم على ضوئه المحاسبة والمصالحة تأخّر ممّا ينبغي وهو ما يفسّر الفوضى التي نعيشها اليوم، فرموز الفساد انخرطوا في تلميع صورتهم بنسق حثيث وحاشية بن علي -والتي يمثل بعضهم-اليوم أمام القضاء تبدو ملفاتهم "واهية" ولا تتجاوز الإدانة في حقهم بعض قضايا المخدّرات أو الزطلة وفي أقصى الحالات تهم بعدم دفع معاليم ديوانية متخلّدة بالذمة..
لكن ملفات التورّط التي تثبت فعليا كيف تغلغل الفساد في الدولة جعل حاشية بن علي تنهب ثروات البلاد وتنازع المواطن في قوته لما يناهز ربع قرن تبدو الأدلة والبراهين حولها واهية أو غير موجودة لأن أكثر الحقائق طمست.. عبد الرؤوف العيادي أمين عام حركة وفاء المنشقة عن حزب المؤتمر والذي تتمسّك حركته بالمحاسبة قبل المصالحة ذكر في برنامج تلفزيوني أنه ليست هناك نية أو ارادة سياسية للمحاسبة بل اتجاه جمعي لطي صفحة الماضي وفسخ وطمس معاليم جرائم المخلوع وأن أرشيف وزارة الداخلية الصندوق الأسود-لحقبة بن علي "السوداء" أتلف كغيره من الأرشيف ناهيك وأن العيادي ذكر أن ملف وزير التعليم العالي المنصف بن سالم والذي احيل بمقتضاه على مجلس التأديب لم يجد له أثر عندما تولّى مقاليد وزارة التعليم العالي وقد اتهم العيادي صراحة أنه زمن قائد السبسي اشتغلت الإدارة بديناميكية كبيرة لطمس الحقائق وإتلاف ملفات الإدانة وقد ذكر أن هناك موظفة بوزارة الشؤون الاجتماعية كشفت له أن هناك ملفات تثبت تورّط أصحابها بيعت ب3 الاف دينار.. وكلام العيادي لم يجانب الصواب باعتبار أنه إلى اليوم ورغم الحكومة الشرعية لم تطرح قضايا جادة للمحاسبة وللوقوف على الحقيقة..
مؤسسات الدولة الكبرى تتخلص من "تركة الفساد"
بعد الثورة بأشهر أطلقت الجمعية التونسية للمتصرفين في الأرشيف صيحة فزع إزاء ما يحدث لأرشيفات الدولة من تلف وإحراق وانتهاكات مست الوثائق الإدارية ومهنة الأرشيفيين وحتى أخلاقيات العمل الأرشيفي أمام صمت رهيب لمؤسسة الارشيف الوطني المؤتمنة على حماية الوثائق وحفظها وتتبع من يتسبب في إتلافها قانونيا، فمنذ 14 جانفي 2011 عملت الجمعية على استصدار بيان وضحت فيه رؤيتها وخلال الثورة وأمام ما تم من إحراق للوثائق وإتلاف على خلاف الصيغ القانونية لطمس الحقائق طالبت الحكومة المؤقتة آنذك , باستصدار مرسوم رئاسي للحراسة القضائية على الملفات.. وقد راسلت الجمعية الأرشيف الوطني وأبلغت عن الانتهاكات دون جدوى وقد طالبت مرارا الحكومة بتحمل مسؤولياتها وكذلك المديرة العامة للأرشيف الوطني بالتنحي نظرا لتقاعسها وتسترها عن جلب أرشيفات التجمع والبوليس السياسي ووكالة الاتصال الخارجي.. باعتبارها وزيرة سابقة في نظام المخلوع.. كما طالبت التدخل العاجل من رئيس المجلس الأعلى للأرشيف بالإذن للجهات القضائية المختصة بفتح تحقيقات في مختلف التجاوزات والانتهاكات التي تعرضت لها الوثائق العمومية بعديد الهياكل الراجعة بالنظر للدولة على غرار وثائق المجلس الدستوري ووكالة الاتصال الخارجي ومؤسسة التلفزة والديوانة والبوليس السياسي..
ورغم ذلك لم تلتفت الحكومة إلى هذه "الاستغاثة" وأتلفت وثائق حساسة وطمست الحقيقة إلى الأبد.. وكل ما سبق ذكره يعزّز فرضية أن جزءا هاما من الإدارة والمتورّط في فساد النظام السابق استغل حالة الوهن التي كانت عليها الدولة قبل انتخابات المجلس التأسيسي لطمس كل ملفات التورّط.
منية العرفاوي

لعبة كراسي.. إسهال حزبي.. صحافة مجاري.. وتعويضات..للثورة غنائم.. ومتمعشون
تعني الغنيمة لغة "الفوز بشيء دون مشقة"، وأثبتت تجارب العالم سعي العديد إلى التمعش من الثورات، وتونس بدورها إحدى هذه الدول التي تنطبق عليها نفس التجربة فقد باتت البلاد بمختلف مؤسساتها وأركانها بمثابة كعكة المرطبات التي يتسابق العديد نحو الحصول على قطعة منها. فماهي حصيلة غنائم ثورة 14 جانفي بعد مرور عامين على اندلاعها؟ ومن هي الأطراف المتمعشة من هذه الثورة؟
لعلّ الأحزاب التجمعية الموجودة اليوم على الساحة السياسية هي المتمعش الأول من الثورة التونسية ولم تتنازل عن "حقها" في البروز، فبعد أن تمّ حلّ حزب التجمع الدستوري الديمقراطي في شهر مارس 2011، أصبحنا اليوم أمام عدد من الأحزاب التجمعية التي عادت من الشباك. كما أصبحنا أمام إسهال حزبي ولم يفوّت بعضها فرصة التمعش من انتخابات 23 أكتوبر، فالقانون الانتخابي يلزم الأحزاب التي لم تحصل على 3% من الأصوات بإعادة القسط الثاني من الدعم والذي صرفته الدولة قبل نهاية الحملة الانتخابية بعشرة أيام.
لكنّ عديد الأحزاب لم ترجع إلى اليوم القسط الثاني من الدعم واستثمرته في مشاريع تجارية، لتصبح بذلك الانتخابات «مصدر» تمويل مشاريع تجارية بالنسبة إلى البعض من الوصوليين المتمعشين الذين لا يقدرون حتى على فهم واقع البلاد السياسي.
لكن هذه الطفرة الحزبية ذات «الهالة» الكاذبة لم تكن الغنيمة الوحيدة لثورة 14 جانفي، بل تعتبر التعددية النقابية كذلك إحدى غنائم الثورة. صحيح أن التعددية تصنف ضمن أهم مكاسب الثورة وهي مظهر إيجابي من مظاهر الديمقراطية الحقيقية، لكننا لا نتحدّث هنا عن النقابات الفاعلة والتي جلبت مكاسب حقيقية لمنخرطيها وإنما نتحدث عن نقابات لا تحمل من العمل النقابي سوى الاسم والتي تتحرك وفقا لأجندة لا تخدم منخرطيها وإنما تخدم مصالح سياسية أو شخصية ضيقة وتهدف أحيانا أخرى إلى ضرب وحدة الصف النقابي.
"إعلام" لتبييض أموال وسياسيين
باتت حرية الإعلام ميزة القطاع الأساسية والتي اعتبرها العديد من متتبعي الشأن الوطني مكسب الثورة الوحيد، لكن المشكل يكمن في وجود البعض من السياسيين ورجال الأعمال الذين استكثروا هذه النعمة على الراغبين في خدمة القطاع والنهوض به ووظفوا أموالهم في بعث وسائل إعلامية لا تمتّ للإعلام بصلة وإنما تسعى إلى التأسيس لصحافة صفراء أو ما تسمى كذلك بصحافة المجاري، فقد تمعش بعض أصحاب رؤوس الأموال من مكسب حرية الإعلام واعتبروه غنيمة يسعون من خلالها إلى تبييض تاريخهم.
المناصب الحكومية باتت هي الأخرى منذ انتخابات 23 أكتوبر غنيمة يسعى السياسيون خاصة من أحزاب الترويكا إلى اقتسامها أو الاستحواذ عليها بمفردهم، فكل حزب يرى في نفسه الأجدر لتسيير البلاد، وقد تسببت المحاصصة الحزبية والترضيات السياسية في ارتفاع عدد المقاعد الوزارية أو ما يسمى كذلك ب"المقاعد ذات رتبة وزير" دون أن يكون لها أي جدوى، والحكومة نفسها أقرت بذلك منذ أن أعلنت عن إجراء تحوير وزاري منذ شهر جويلية الماضي، وإلى اليوم لم يقع الحسم في هذا التحوير بسبب عدم رغبة معظم الوزراء في مغادرة كراسيهم الوزارية بسبب الغرور والعظمة الزائفة ورفض الاعتراف بفشلهم.
1300 متمعشا من «جراح» الثورة
صرح وزير الصحة عبد اللطيف المكي منتصف أفريل الماضي بالكشف عن شبكة لمروجي شهادات طبية مزورة تتضمن تواريخ سابقة يتم تسليمها الى جرحى مزعومين أصيبوا إبان أحداث الثورة، وقد صرحّ المكي بتمتع 1300 شخص بامتيازات الجرحى "بفضل" حصولهم على شهائد طبية مزورة، ليتبين بذلك عدم تفويت بعض المواطنين والأطباء كذلك لفرصة التمعش من الثورة، ناهيك عن سعي البعض إلى التمعش من تعويضات العفو التشريعي العام.
البوعزيزي جلب غنيمة لزملائه
كلنا يعلم أنّ الثورة قامت على شعار «شغل، حرية، كرامة وطنية», ومن الطبيعي أن يطالب المواطن بحقه في حياة كريمة، لكن بتنا اليوم نجد أنفسنا أمام اعتصامات واحتجاجات متكررة منها ما هو مبالغ فيه أحيانا، وهو ما يجرنا إلى الحديث عن بعض المعتصمين أو المحتجين الذين لا يفوتون فرصة التمعش من وفاة محمد البوعزيزي. فقد امتنع عدد من التجار عن دفع الضرائب والالتزام بالتسعيرة المحددة قانونا وسط رفض قاطع للتعامل مع أعوان التراتيب بتعلة أنّ الثورة قامت على إثر ضرب عون تراتيب لشاب تونسي، فبتنا نجد أنفسنا أمام باعة "ثائرين" وأعوان خائفين.
من حقّ كل مواطن تونسي عيش حياة كريمة ومن حقه الاحتجاج للمطالبة بحقه، لكن لا للتمعش والعيش دون بذل أي مجهود.. من حقّ أيّ حزب أن يطمح إلى تسيير شؤون الدولة وأن يكون الحزب الحاكم في البلاد، لكن لا للمحاصصة الحزبية والتهافت على الكراسي دون تقديم أي نتيجة عملية ناجعة.. من حقّ كل مواطن أن ينعم بالتعددية النقابية الفاعلة لكن لا للتعددية الزائفة والساعية لضرب وحدة الصف النقابي.. كل هذه "الحقوق" وغيرها باتت اليوم وللأسف غنائم لثورة لم تتحقق أهدافها بعد.. ليبقى مصير البلاد مجهولا في ظل بقاء المتمعشين.
خولة السليتي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.