- إن الفتوحات الإسلامية انطلقت من أجل نشر دين الله الحنيف، ومن أجل تحرير العباد من عبادة الطاغوت إلى عبادة الواحد القهار ومن أجل تحرير الإنسان من السيطرة والاستعباد الذي كان مسلطا عليه من أخيه الإنسان حتى أنّ الشعوب في الجزيرة الإيبيرية دعت المسلمين من أجل تحريرهم من الظلم والتسلط والاستبداد. أما نفاق الغرب و تآمره فهو ظاهر وجليّ حيث لم يسمح لشعوبنا بالنهوض والانطلاق وعمل على إجهاض كل المحاولات والانطلاقات من أجل التحرّر والتطوّر في المجال العلمي والاقتصادي والسياسي. كذا هم يجهضون كلّ محاولات التحررّ والنهوض في عالمنا العربي والإسلامي. عندما كان ياسر عرفات في الحكم عمل الغرب في أيّام حكمه الأخيرة على الحدّ من سلطاته ودعم سلطة الوزير الأوّل محمود عبّاس وبعد اغتياله والانتخابات وفوز حماس انقلب الغرب على الحكومة الفلسطينية المنتخبة والشرعية وعرقل عملها وتآمر مع العديد من الحكام العرب بما فيهم زعماء فتح و دمّروا غزّة وكلّ المنشآت التي بنيت بأموال أوروبية لا لشيء إلا لأنّ صناديق الاقتراع أفرزت طرفا غير مرغوب فيه وغير مقبول من طرف الأسياد في الغرب ومن ورائهم الصهاينة. كما لا يجب أن ننسى ما حصل في تونسوالجزائر من إجهاض محاولة الشّعوب للتحول إلى أنظمة ديمقراطية حيث تمّ سحق الحركة الإسلامية في تونس مباشرة بعد مشاركتها في انتخابات 1989 وأجهض المسار الانتخابي الديمقراطي في الجزائر بعد فوز جبهة الإنقاذ فوزا ساحقا على الحزب الحاكم حيث لا شكّ أنّ الأوامر قد صدرت من فرنسا للجنرالات من أجل السّيطرة والاستيلاء على السلطة الأمر الذي أدخل البلاد في سنوات من العنف والموت وعدم الاستقرار. وعندما خسر الغرب عميله الكبير شاه إيران وانتصرت الثورة الشعبية هناك انبرى كلّ الغرب من أجل التصدي لها ومحاربتها وألب صدّام حسين وأغلب حكام العرب العملاء من أجل القيام بحرب بالنيابة عله يعيد الأمور إلى نصابها فكانت حربا مدمّرة دامت ثماني سنوات وخسر فيها الشّعبان الشّقيقان خسائر لا تقدّر في الأرواح والطاقات والأموال واليوم وبعد أكثر من ثلاثة عقود والحرب مستعرة ضدّ هذا الشعب العظيم ولم يسلم الغرب ويترك إيران وشأنها مع العلم أن حروب أفغانستان والعراق كان الهدف من ورائها تطويق إيران وسحقها ولكنهم يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين، فكلّ من لا يدور في فلكهم ومن لا يلعب داخل الحلبة التي هم من يرسم حدودها فهو محاصر ومحارب ولن تتوقف الحرب ضدّه إلا إذا انصاع وامتثل لأوامرهم وشروطهم وقبل بقواعد اللعبة التي يديرون خيوطها. في الماضي القريب كان الغرب يتدخّل مباشرة بنفسه وبكل سفور ووقاحة من أجل صنع الأحداث وتنصيب من يشاء على الشّعوب المقهورة وذلك من أجل ضمان مصالحه وتحقيق أهدافه في الاستغلال الفاحش ونهب ثروات الشعوب، أمّا اليوم وبعد هذا التطوّر في تكنولوجيات الاتصال والإعلام لم يعد من الممكن للغرب التدخل المباشر وصنع الأحداث وتنصيب العملاء ولكنه لن يتخلى عن أفعاله الشنيعة والإجراميّة في حقّ شعوب العالم الثالث الضّعيف فهو يوظف ويجيّر التحوّلات ويوجّه الثورات حتى لا تفلت الأمور من أيديهم ومن تحت سيطرتهم فمن المؤكد والواضح أن هناك تدخلا خفيا في شؤون الشعوب العربيّة الثائرة المتمرّدة على أنظمة الذل والنهب والتسلط والقهر التي نصّبها المستعمر السابق بالطبع القادم من الغرب، حتى أنه لنا مثال شعبي تونسي يقول « اللي يجي من الغرب ما يفرّح القلب». ويجب أن لا ننسى غدر الغرب ودهاءه وخبثه، عندما زيّن للعرب حربه ضدّ الأتراك أثناء الحرب العالميّة الأولى وحرّضهم ضدّ الإخوة الأتراك المسلمين الذين تصدّوا للزحف الإسباني في شمال إفريقيا ووعدهم وعودا زائفة بالاستقلال والتحرّر من العثمانيين ومباشرة بعد الحرب اقتسم الغنيمة وتحول العرب من شعوب كانت تعيش في إطار دولة مسلمة إلى شعوب محتلة رازحة تحت التنكيل والتقتيل الغربي المقيت وضحّت لعقود وخسرت آلافا من الأنفس الزكيّة في سبيل التحرّر والانعتاق بل اكثر من ذلك الغرب حولهم إلى شعوب مسخ مقطعة بين تاريخها العربي الإسلامي وثقافة غربية دخيلة نشرت وكرست الفرقة والبلبلة في الأوطان واليوم يستغلون بساطة السلفيين واندفاعهم العاطفي الديني ليدمروا أوطانا ويتدخلون من جديد لتحقيق مصالحهم وبسط سيطرتهم وتسلطهم مرة أخرى وفي كلّ الحالات شعوبنا هي الخاسرة. والسلفيّون سيتخلصون من جزء هام منهم على الأراضي السورية بأجندات وأموال عربية والبقية الباقية منهم سيتعامل معهم بالوسائل التقنية المتطورة وستستعمل معهم الوسائل الجوية حيث يسهل اقتناصهم على الأراضي المكشوفة في الصحراء الكبرى هؤلاء المنساقون المندفعون دون تبصر ولا تعقل سيتفطنون في النهاية -لكن بعد فوات الأوان- أنه تمّ التلاعب بهم وسيندمون.. لكن عندها لن ينفعهم الندم. كاتب ومحلل سياسي