تحول التحوير الوزاري الى مسلسل الف ليلة وليلة وقضية مفصلية من أصعب الامور الحسم فيها وبتنا أمام مشهد سياسي يقوم على التناقضات حتى داخل الحزب الواحد... واذا كانت الاطراف الحاكمة والاطياف القريبة تعتبرها مفيدة لأن التناقض واختلاف الآراء من قبيل الممارسة الديمقراطية فإن التجاذبات الحاصلة بين احزاب «الترويكا» تسببت في اضاعة الوقت وأكدت أن التحوير المرتقب في حالة مخاض عسير قد يطول اكثر إذا لم يتحدد الموقف النهائي من ماهية هذا التحوير وأركانه لأنه حتى الوزارات التي قيل انه تم الحسم فيها ولا يمكن للنهضة التنازل عنها أصبحت هي الاخرى محل تفاوض ومدرجة في جدول التحوير اذا ما قبلت الاطراف التي وقع التفاوض معها الانضمام للحكومة وبالتالي توسيع دائرة الاحزاب المشاركة في الحكومة... ويبدو أن الاحزاب التي تفاوضت ورفضت حقائب وزارية منحتها حركة النهضة لا ترغب في اقتسام الفشل مع الحكومة الحالية في المقابل يسعى ضلعا «الترويكا» ونعني بذلك «المؤتمر» و»التكتل» الى تسجيل حضورهما بقوة في مفاوضات التنسيقية العليا للائتلاف الحاكم والقيام بحملة انتخابية قبل الاوان دون الرغبة في مغادرة كرسي الحكومة باعتباره جذاب. واذا كانت بعض الاحزاب التي عرضت عليها حقائب وزارية قد رفضت حتى لا تذوب في عسل السلطة ولا تلدغها نحلة الاحتجاجات أو الفشل فإن عديد الوزراء الحاليين متمسكون بالكرسي كلفهم ذلك ما كلفهم وخاصة في «المؤتمر» و»التكتل» فحتى تهديد حزب مصطفى بن جعفر بالانسحاب من الحكومة هو من قبيل المناورة بالنسبة الى بعض الوزراء الذين اذا غادروا الوزارات المنتمين اليها سيصبحون نسيا منسيا... لذلك نجدهم يواجهون مقترحات حكومة مضيقة تضم كفاءات بشراسة ويرفضون بعض الاحزاب... والثابت أن موضوع التحوير الذي أصبح الشغل الشاغل لاحزاب «الترويكا» قد أفرغ عديد الملفات المفصلية من محتواها... وصرف انظار الحكومة عن مواجهة الاحتجاجات وعن النظر في القضايا الاساسية والملفات الحارقة...