- الجرائم السياسية في عالمنا، وبالأخص العربي منه ، في اغلبها مبنية للمجهول، وفي الأخير تسجل ضد طرف موهوم، وقميصها يتقاسمه الفرقاء والأتباع الأوفياء ودهاقنة السياسة في الخفاء، وريعها يستثمره الفطاحل وطلاب الكراسي الأذكياء، وكل بقدر وحساب، حسب القدرات الخطابية والمقدرات الإخراجية مع بهارات لغوية وكلامية لا نجدها غالبا إلا لدى المتكلمين والمتكلمات والشعراء والشاعرات وحسب الفضاءات المسوغة لهذا الطرف أو ذاك، دون أن ننسى أصحاب الكسوة السوداء الذين يوزعون التهم حسب الانتماء ليظهروا فحولتهم الخطابية في مرافعاتهم على المنابرالإعلامية كتعويض لإخفاقات في أروقة المحاكم الوطنية. تاريخيا، وعلى أراضينا العربية، وفي دولنا التي لم تنغرس بعد في تربتها جذورالحرية، ولم يتعود فلذات أكبادها بعد، كيف يقتسمون الفضاء إن هبت عليهم نسيمات من حرية، لم تحسم مطلقا هوية المرتكب للجريمة الحقيقي، بل تقذف التهمة في كل اتجاه أو حسب القابلية الاجتماعية والسياسية لأطراف أو مجموعات لتحمل وزر التهمة الجاهزة، بل في بعض الأحيان وفي أوطاننا المتعبة تسبق التهمة الجريمة تحضيرا وتصورا وإخراجا، ومن معجزاتنا التي عجز عن فهمها الأقربون والأباعد أن أراضينا حبلى بالأغبياء الذين تًركّبُ عليهم التهم جيئة وذهابا، وهم مع ذلك في اشد النشوة والمباهاة، وإن تنطع الغبي عن حملها فان بعض القبائل السياسية على استعداد تلقائي لتحمل جزء من أسفارها، وفق السلوك التضامني الفريد"أي بمعنى حمل الجماعة ريش"والبعض الأخرمن القبلية السياسية فإنها تمتلك تاريخيا المقدرة والمقدرات اللغوية والإخراجية المسرحية الدرامية في التنصل والتبرؤالماقبلي والمابعدي من الدم المسفوك، وبالاستعانة دائما بالأجهزة المختلفة"إعلامية، دبلوماسية، تواصلية ...". الجريمة، في عالمنا العربي الأصيل ، يسرع الكل فرادى وجماعات، المتهم والبريء والمستهدف...، لتجييرها وتخزينها سياسيا وان لم تتم فعلى الأقل تحييدها، ووقتها ترى دموع القاتل قبل المقتول وترى الكل سكارى وما هم بسكارى من اثرالبكاء والعويل والحزن المفاجئ، وترى أبخرة الدم تخرج من أفواه الساسة والقادة والمحللين، أو كما يقال حديثا "الكرونيكور"، يتقاذفونها كما يتقاذف لاعب البيزبول الكرة، ومن لحظتها يُعلن رسميا أن الوطن بأجمعه سيتحمل الماسي وثقل الجريمة النفسي والسلوكي عوضا عن الناشزين من أبنائه المتخفين، وتوزع الغنيمة حسب الطريقة الجهنمية بأكبرالبقايا لكن بحساب عكسي على نتائج الانتخابات،أي بمعنى من يتحصل على اكبرالبقايا يتحمل اقل ، في حفلة تنكرية وفي تواطؤ ضمني قبل حفلات التأبين ذات التلوين السياسي ويتحول الدم هنا من مغرم إلى مغنم وسائل قاني ممغنط يجذب إليه التجمعات والاتحادات المستحدثة والمستجدة والمركبة على عجل والمثبتة بلاصق مستخلص توا من دم المغدور ومستحلب من حليب الثورة أو الثورتحت إشراف مباشر للمخابر الوطنية الإعلامية والسياسية السباعية. الدم ....إخواني، في أوطاننا ، يجمع ويفرق، والتفرق والتجمع ليس له قانون ولا قانون الجمعيات ولا حتى قانون العزف، يصبح صباحا، سائلا متخثرا وشاهدا على التقاعس والإضمارو يمسي ليلا برنامجا سياسيا موحدا وانتخابيا على الحساب، لا تراعى فيه الأحجام ولا الإحجام حتى موعد الامتحان، أين يكرم السياسي يومها أو يهان،أما الأهل والأحبة وأولياء الدم، فان رصيدهم المعرفي مع الدم يزداد وبعد لأي تتراجع لتسكن الأوجاع الديار. الكريات الحمراء ، بني وطني، إن أسرع بها وعلى جناح السرعة، وقبل أن يسكن الإسفلت، على سيارات إسعاف المخازن السياسية التقليدية، فاعلم بأنها تتحول بقدرة المحللين والمتباكين والشامتين، من بنك دم الوطن وتاريخه ومستقبله، إلى بنوك ملوك الطوائف السياسية والإيديولوجية المختلفة والمخالفة، المتجمعة والمنقسمة، المتحابين عذريا والمتصارعين. البلازما ،بني وطني،إن بقي مخبره في المجال الجنائي القضائي أو البحثي الوطني، ربحت العائلة الوطنية والأقارب والأحباب ، وخسرت الزواريب والمجاميع السياسية، وإن انتقل به إلى الملاعب السياسية فاعلموا أن اكبرالخاسرين، الحقيقة ، الوطن والأبحاث. أما الرابحون فهم الذين تعودوا ركوب أحصنة الطلق السياسي الغبي وثيران الثورة الذين لا أبا لهم، وعندما ترون بني وطني الكريات البيضاء وقبل أن تجف تنتقل بسرعة الضوء لإسقاط نظام وتأسيسية ، لم تسقط انتخابيا، فاعلموا أن راية الدم افتكها سياسي محترف ينتهزالفرص ويمتهن التلميع، وليس أول همه الدم وأولياؤه، وإنما دافعه جشعه السياسي المتأصل فيه أب عن جد وافقه الكرسي المنتظرالذي ابتعد عنه قليلا، نتيجة الفوضى كما قيل. أما الأولياء،الأحبة،الأحباب والمحبين، فرغبتهم أن يكشف الدم عن قاتليه ومغتاليه، وهذا يعاكس رغبة السياسوي وملوك الطوائف والإيديولوجي المتحول، كي يحافظوا على المسار نحوأفق الكرسي المنشود، وإذا ما وضعتم سفرالدم في جراب السياسي فانه الأقدرعلى تضييعه وتتويهه وإهماله حتى يبلى ، كما خبرناه وكما تفننوا سابقا والآن على تضييع الفرص على الوطن. لكم من كل قلبي أجمل التعازي وارقها ولكم سلوان وصبر جميل، ولتجارالسياسة، الخمول والضموروالانكماش والخسران ومن ثم الاندثار كما تعودنا وعودونا على ذلك كل حين. ودمنا سالمين من الجريمة....وبالأخص إن جيرها سياسي مخصي ، ومن مرافقة سياسي غبي، فالدم المسفوك، ظلما وغدرا،لا ينكفئ، ولا تنخفض له حرارة أبدا؛وفق قانون. باحث وسجين سياسي سابق