لا سبيل اليوم إلى أن ينتقل الصراع السياسي بعد الجريمة النكراء التي طالت المناضل شكري بلعيد إلى فضاء المؤسسات التربوية ومدارج الجامعات لتغذية البغضاء والضغينة من جديد بين طلبة العلم على الرغم من اختلاف الرؤى والتوجّهات، ولا مجال اليوم لفتح المجال أمام أيّ جهة كانت في مسعى منها للتصعيد من وتيرة الفاجعة. ومن أجل أن تبقى المدارس والمعاهد والكليات قبلة لطلب العلم وبناء تونس التي طالما حلمنا أن ننأى بها عن العنف والفرقة والتعصّب، بات من الضروري على جميع الأطراف تحمّل مسؤولياتها وعدم توظيف اللحظة الراهنة التي بلغ فيها العنف حدّه الاقصى باغتيال المحامي والمناضل شكري بلعيد سياسيا. فبعد أن أصدر الكاتب العام للجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي بيانا حمل عنوان"ما بعد الاغتيال: ما العمل؟ " تمّت فيه "الدعوة إلى تخصيص حيز زمني من كل درس بالنسبة لكافة المدرّسين الجامعيين يقع من خلاله طرح مسألة الاغتيال السياسي والمنعرج الخطير الذي دخلت فيه بلادنا والمنذر بإجهاض الانتقال الديمقراطي والتخلي عن استحقاقات الثورة" إلى جانب عقد اجتماعات عامة بكافة المؤسسات يقع من خلالها التباحث في الأشكال النضالية والتنسيقية مع مختلف مكونات المجتمع المدني والأحزاب الديمقراطية لمواجهة الوضع الجديد الناجم عن اغتيال الشهيد شكري بلعيد وبرمجة مجموعة من المهام المستوجب القيام بها، تلقّت "الصباح" نسخة من ردّ أعضاء الفرع الجامعي للتعليم العالي والبحث العلمي بصفاقس على المراسلة التي تلقّوها من الجامعة العامة منبّهين إلى خطر إقحام الطلبة في ما وصفوه "بالمهاترات السياسية" الناتجة عن جريمة اغتيال المناضل شكري بلعيد. ويرى الفرع الجامعي أنّ ذلك "يتنافى مع ما نادت به الجامعة العامة في العديد من المناسبات من تحييد الجامعة التونسية عن التجاذبات السياسية والحزبية". وأكّد "على ضرورة تعبئة كافة القوى لتصفية بذورالفتنة ومواجهة دعاة العنف المادي والمعنوي" الأمر الذي دفع الهياكل النقابية التابعة للفرع الجامعي للتعليم العالي والبحث العلمي بصفاقس بالمطالبة بعدم فتح باب التفرقة والفتنة والتقاتل بين أبناء شعبنا على مصراعيه وأنّ طرح مثل هذه المسائل التي تعددت حولها القراءات يمكن أن يؤدي إلى تصنيف سياسي للأستاذ من قبل الطلبة مما سيؤثر مستقبلا على التواصل البيداغوجي بينه وبين طلبته الذي حرصت عليه الجامعة العامة عند مطالبتها بمنع النقاب في قاعة الدرس. بخصوص مسألة "مطالبة الجامعة العامة الهياكل النقابية التابعة لها بالتنسيق مع الأحزاب الديمقراطية" اعتبر أعضاء الفرع الجامعي للتعليم العالي والبحث العلمي بصفاقس أنّ ذلك يتنافى مبدئيا مع حياد العمل النقابي في ظل وجود ازدواجية الانتماء النقابي والحزبي للعديد من النقابيين ممّا يفتح الباب أمام تشتت النقابيين باعتبار اختلافهم في تصنيف الأحزاب. وطالب الفرع الجامعي بضرورة فتح تشاور موسع في داخل الهياكل النقابية بالتنسيق مع وزارة الإشراف وبعيدا على التوظيف السياسي والحزبي حول كيفية حماية أبنائنا الطلبة ومؤسساتنا من العنف.