تتواصل الانعكاسات السلبية لتعثر التحوير الوزاري إلى حد الآن وبالإضافة إلى الانعكاسات غير المباشرة على غرار مزيد تعطل الاستثمار الداخلي والخارجي فإن التأثير يشمل أيضا السير العادي لدواليب الدولة. ويشير الأستاذ عز الدين سعيدان الخبير الإقتصادي إلى أن وضع الوزير حاليا الذي يعد في حالة استقالة مع إيقاف التنفيذ تنعكس حتما على آداء وزارته وبقية المصالح الإدارية والعمومية والخاصة المرتبطة بها. ويتساءل البعض عن مصير عديد الملفات العالقة والقرارات المتوقفة والمؤجلة في انتظار اتضاح الرؤية بشأن التشكيلة الحكومية المقبلة. ومما لا شك فيه أن تعطل اجتماعات المجلس الوزاري وانشغال وزراء حكومة الجبالي المقالة عمليا بالمشاورات الحزبية لتحديد مواقف من مبادرة رئيس الحكومة ستكون على حساب تسيير دواليب الدولة وخاصة بعض الوزارات الحساسة والتي تتطلب في هذه الفترة جهودا مضاعفة بحكم طبيعة عملها على غرار وزارة المالية ووزارة السياحة ووزارة الاستثمار والتعاون الدولي. وهناك العديد من الملفات الحساسة التي لا تدخل تحت طائلة قرارات المديرين العامين أو الوزراء أنفسهم وتتطلب قرارات سياسية ومشاورات على مستوى مجلس الوزراء تعتبر معطلة عمليا الآن وعلى سبيل الذكر لا الحصر المسائل المتصلة بالصفقات العمومية والاصلاحات العاجلة في عديد المجالات منها الجبائية.. الخ شكوك الشركاء الأجانب من جهة أخرى يعتبر الأستاذ عز الدين سعيدان أنه كلما تأخر الإعلان عن التشكيلة الحكومة المقبلة وتعطل اتفاق الأحزاب فيما بينها زادت شكوك الشركاء الأجانب والمراقبين الدوليين في عدم قدرة البلاد على النجاح في مسار التحول الديمقراطي وهذا العامل أكثر خطورة على الوضع الإقتصادي من تعطل التسيير العادي واليومي لدواليب الدولة. والبشائر الأولى لهذه التداعيات شملت تعطل المفاوضات مع صندوق النقد الدولي حول اِتّفاق القرض الوقائي الّذي طلبته تونس بقيمة 2 فاصل 5 مليار دولار. وأكد المراقبون أن هذه نتيجة طبيعية بعد حادثة اِغتيال شكري بلعيد واِتّساع الازمة السياسية في تونس.. وشرعت المنظمات الدولية ووكالات الترقيم العالمية في التحذير من خطورة تواصل الوضع الراهن في تونس وتداعياته الإقتصادية. وعبرت مؤخرا هيئة الخبراء المحاسبين بالبلاد التونسية في بيان عن عميق انشغالها إزاء الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلاد. وحثت في بيانها أصحاب القرار وجميع الدوائر المسؤولة وكافة الأطراف الفاعلة بضرورة "التحلي بروح المسؤولية وتغليب المصلحة الوطنية لغاية التوصل إلى الحلول المناسبة في أسرع وقت ممكن لإنقاذ البلاد من خطر الانهيار الاقتصادي". بدوره حذر محافظ البنك المركزي أول أمس من خطورة انزلاق الميزان التجاري الذي سيزيد من نسبة المديونية. ورغم طمأنته بتوفر مبلغ كافي في خزينة الدولة لتغطية نفقات الأجور خلال الأشهر القادمة (2 مليار دينار) إلا أن مزيد تعكر صفو الوفاق السياسي وعدم الاسراع ف يحسم مسألة التشكيلة الحكومية المقبلة سيفتح الباب على تداعيات اقتصادية خطيرة على تونس.