هل تتحوّل القرى الحرفيّة إلى رافد سياحي ثقافي؟ تونس الصباح أكدت الدراسات الاستراتيجية التي تولت مصالح وزارة التجارة والصناعات التقليدية القيام بها أن تركيز القرى الحرفية يعتبر من الآليات والوسائل القادرة على دعم تأطير الحرفيين، وتوفير محيط مشجع على الانتصاب والتعريف بالمنتوج التقليدي وتسهيل تسويقه. وقد أكدت اهمية هذا الجانب الخطة الوطنية للنهوض بالصناعات التقليدية. وتجسيما لهذا التوجه سعت وزارة التجارة والصناعات التقليدية بالتعاون مع الاطراف المتدخلة في القطاع كوزارة الثقافة والمحافظة على التراث ووزارة الداخلية والتنمية المحلية ووزارة المراة والاسرة والطفولة والمسنين لتقييم مردودية الفضاءات الموجودة ووضع برامج لتعميم هذه القرى بكل الجهات. كما ادرج المجلس الوطني للصناعات التقليدية ملف القرى الحرفية ضمن اولوياته، وذلك تجسيما للقرارات الرئاسية المتعلقة بإحداث قرية حرفية بكل من الكاف وسجنان، وتشجيع الخواص على احداث فضاءات مهيأة في المناطق السياحية. فماذا تم في هذا الجانب لارساء القرى الحرفية بالجهات؟ وهل هناك تمش لدعم القطاع السياحي وتنويعه عبر الانتاج التقليدي الذي يهدف الى تنويع المشهد السياحي عبر ابراز قيمة الصناعات التقليدية داخله ضمن خطة ارساء سياحة ثقافية تونسية؟ القرية الحرفية بالكاف وانعكاساتها على الجهة تم تدشين هذا الفضاء خلال شهر نوفمبر من السنة الفارطة، وهو مشروع تم انجازه في اطار اتفاقية بين الديوان الوطني للصناعات التقليدية وبلدية الكاف ويخص تهيئة السوق المركزية التي تقع وسط مدينة الكاف. وتضم القرية الحرفية 47 محلا لفائدة الحرفيين في اختصاصات الجهة (النسيج اليدوي والمصوغ التقليدي)، الى جانب الحرف التي تستغل المواد الاولية المحلية كالحجر والرخام والخشب والالياف النباتية والحرف المجددة بالجهة مثل الرسم والتزويق على محامل مختلفة والحدادة الفنية وتغليف الموبيليا. كما جرى ايضا تهيئة المحيط الخارجي للقرية قصد ادراجها في المسالك السياحية وذلك بهدف تنويع المشهد السياحي التونسي وتعميمه على الجهات لتمثل وجهة السياح من ناحية وابراز البعد الثقافي في المشهد السياحي من خلال خصوصيات الجهات. ويشار إلى ان بروز القرية والاهتمام بها قد افرز حركية حرفية هامة واقبالا على العمل بها وتطوير الانتاج داخلها، كما حولها بشكل تدريجي الى وجهة سياحية تشع على الجهة من خلال التوافد السياحي عليها. قرية حرفية بسجنان وخصوصيات اخرى ومن جهة اخرى تولت مصالح وزارة التجارة تحديد مكونات المشروع الذي يهدف بالاساس الى جعل كامل منطقة سجنان قرية حرفية ووجهة سياحية وذلك استنادا الى الدراسات التي تم انجازها والتي تطرقت للمخزون الحضاري والثقافي والمكونات البيئية والمعطيات الاجتماعية لهذه الجهة. وقد تم في هذا المجال ضبط المكونات في اطار رؤية متكاملة وشاملة تعتمد الملاءمة بين الطابع الريفي للمنطقة والموارد الطبيعية المتواجدة بها، وخاصة مادة الطين وخصوصيات المنتوج (الفخار) الذي يمثل مخزونا حضاريا متوارثا عبر مختلف العصور وتقاليد ممارسة هذا النشاط لدى حرفيات الفخار البربري بصفته النشاط الاكثر انتشارا في الجهة. اهداف المشروع وانعكاساته المحلية والوطنية ابرزت الدراسة الخاصة بقرية سجنان في المجال الحرفي معطيات هامة يمكنها ان تلعب دورا هاما في ابراز خصوصيات الصناعات التقليدية التي تختص بها الجهة، وكذلك امكانية اشعاعها في مجال التنمية والبعد السياحي. وفي هذا المجال ابرزت الدراسة جملة من الاهداف لعل اهمها يتمثل في: دعم حوالي 700 حرفية في مجال صناعة الفخار البربري من خلال تنمية كفاءتهن والتعريف بمنوجاتهن. توسيع مجالات تسويق منتوج الجهة باعتماد التقنيات الحديثة في مجالات الترويج والتعليب والعرض. تكوين جيل جديد من الحرفيين بتأهيل حاملي الشهادات العليا وادماجهم في هذا النشاط. تنويع الانتاج في المنطقة وتطوير منتوجات جديدة مع المحافظة على اصالتها. امكانية مساهمة هذه الجهة في دعم القطاع السياحي عبر الانتاج والعمل على جعل قرية سجنان وجهة سياحية ثقافية نظرا لما يتوفر بها من بعد حضاري وثقافي له ميزته عن بقية الجهات. ويتضمن هذا المشروع في مرحلته الاولى انجاز الجانب اللامادي المتمثل في تنمية الكفاءات وتحسين ظروف عرض المنتوج بالمنطقة. وستشهد المرحلة الثانية انجاز مركبات حرفية نموذجية بصفة تدريجية تسدي عديد الخدمات للحرفيين الى جانب تنظيم مهرجان الفخار البربري. نحو تعميم القرى الحرفية حسب خصوصيات الجهات وتتواصل الدراسات الرامية الى تعميم القرى الحرفية بالجهات وذلك بالتنسيق مع مختلف الاطراف، وذلك في اطار برنامج متكامل يأخذ بعين الاعتبار خصوصيات الجهات والامكانيات والتشجيعات المتوفرة للاستثمار من طرف الخواص وخاصة في المناطق السياحية.