بعد استقالة الطبوبي: المعارضة النقابية تدعو إلى حلّ استثنائي وإعادة هيكلة شاملة للاتحاد    عاجل/ نقابة الفلاحين: 15 دينار لزيت الزيتون..!!    المعهد العالي للتصرف الصناعي بصفاقس أوّل مؤسسة جامعية عمومية في تونس تقوم بتركيز محطة لشحن السيارات الكهربائية    الديوان الوطني للأعلاف يحدّد سعر بيع الذرة العلفية وإجراءات التزوّد    عاجل: دخول جماهيري مجاني في مباريات كأس أمم إفريقيا 2025    اسكندر القصري ينسحب من تدريب مستقبل قابس    عاجل/ وفاة الممرضة التي تعرضت لحروق بليغة بمستشفى الرديف..    بداية من اليوم..دخول فترة الليالي البيض..    أنشطة متنوعة خلال الدورة الأولى من تظاهرة "مهرجان الحكاية" بالمركب الثقافي بسيدي علي بن عون    التمديد في المعرض الفني المقام بالمعلم التاريخي "دار الباي" بسوسة الى غاية منتصف جانفي 2026    افتتاح الدورة 57 للمهرجان الدولي للصحراء بدوز    هذا موعد ميلاد هلال شهر شعبان.. وأول أيامه فلكياً..#خبر_عاجل    السلالة K تنتشر في تونس: الحلّ هو التلقيح والوقاية    سايتو جون السفير الياباني الجديد يوجه هذه الرسالة بمناسبة وصوله إلى تونس    قفصة: حجز كميات من لحوم الدواجن في مخازن عشوائية قبل رأس السنة    وداعًا لأسطورة الكوميديا الأمريكية بات فين    الرئيس جوزيف عون: شبح الحرب تم إبعاده عن لبنان    موزّعو قوارير الغاز المنزلي بالجملة يعلّقون نشاطهم يومي 12 و13 جانفي 2026    البطولة الوطنية المحترفة لكرة السلة: برنامج مباريات الجولة العاشرة    مدرب منتخب الكاميرون: "حققنا الفوز بفضل القوة الذهنية والانضباط التكتيكي"    مصدر مأذون: لا علاقة لرئاسة الجمهورية بأيّ مشاركة في أيّ قناة أجنبية    مع Moulin d'Or : قصّ ولصّق وشارك...1000 كادو يستناك!    عاجل: هذا ما تقرر في قضية المجمع الكيميائي التونسي..    رياضة : فخر الدين قلبي مدربا جديدا لجندوبة الرياضية    السجن لطالب بتهمة ترويج المخدرات بالوسط الجامعي..#خبر_عاجل    صامويل تشوكويزي: كأس افريقيا يجب أن تحظى بنفس درجة إحترام كأس العالم    عاجل/ انتشال جثامين 14 شهيدا فلسطينيا من تحت الأنقاض في خان يونس..    كأس أمم إفريقيا: برنامج مقابلات يوم غد    عاجل: عاصفة مطرية وثلوج تتجه نحو برشا دُول عربية    كيفاش نقول للآخر ''هذا الّي قلّقني منّك'' من غير ما نتعاركوا    هذه أقوى عملة سنة 2025    تحذير خطير للتوانسة : ''القفالة'' بلا ورقة المراقبة يتسببلك في شلل و نسيان    الاتحاد الإنقليزي يتهم روميرو بسوء التصرف بعد طرده أمام ليفربول    سهرة رأس العام 2026.. تفاصيل حفل إليسا وتامر حسني في هذه الدولة    بداية من من غدوة في اللّيل.. تقلبات جوية وبرد شديد في تونس    عاجل: تقلبات جوية مرتقبة بداية من هذا التاريخ    نانسي عجرم ووائل كفوري ونجوى كرم يحضروا سهرية رأس السنة    ينشط بين رواد والسيجومي: محاصرة بارون ترويج المخدرات    عاجل : اليوم نشر القائمة الاسمية لرخص'' التاكسي '' بأريانة بعد شهور انتظار    مصر.. دار الإفتاء تحسم الجدل حول حكم تهنئة المسيحيين بعيد الميلاد    بداية من اليوم: تحويل حركة المرور في اتّجاه المروج والحمامات    عاجل/ تركيا ترسل الصندوق الأسود لطائرة الحداد إلى دولة محايدة..    النوبة القلبية في الصباح: علامات تحذيرية لازم ما تتجاهلهاش    ويتكوف يكشف موعد المرحلة الثانية من اتفاق غزة    رئيس الجمهوريّة يؤكد على ضرورة المرور إلى السرعة القصوى في كافّة المجالات    ترامب مهاجما معارضيه في التهنئة: عيد ميلاد سعيد للجميع بما في ذلك حثالة اليسار    كوريا الشمالية تندد بدخول غواصة نووية أمريكية إلى كوريا الجنوبية    فوز المرشح المدعوم من ترامب بالانتخابات الرئاسية في هندوراس    اليوم العالمي للغة العربية ... الاحتفاء بلغة الضاد ضرورة وطنية وقومية لحماية الهوية الثقافية    نجاح عمليات الأولى من نوعها في تونس لجراحة الكُلى والبروستاتا بالروبوت    الليلة: الحرارة تترواح بين 4 و12 درجة    هيئة السلامة الصحية تحجز حوالي 21 طنا من المواد غير الآمنة وتغلق 8 محلات خلال حملات بمناسبة رأس السنة الميلادية    تزامنا مع العطلة: سلسلة الأنشطة الثقافية والترفيهية الموجهة لمختلف الفئات العمرية    عاجل/ بعد وصول سلالة جديدة من "القريب" إلى تونس: خبير فيروسات يحذر التونسيين وينبه..    صفاقس: تركيز محطة لشحن السيارات الكهربائية بالمعهد العالي للتصرف الصناعي    تونس: حين تحدّد الدولة سعر زيت الزيتون وتضحّي بالفلاحين    مع بداية العام الجديد.. 6عادات يومية بسيطة تجعلك أكثر نجاحا    دعاء السنة الجديدة لنفسي...أفضل دعاء لاستقبال العام الجديد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السيد علي العريّض وحكومة العد بالأصابع
نشر في الصباح يوم 07 - 03 - 2013

- اصبح العامل السياسي في تونس مصدرا أساسيا لعدم الاستقرار وعائقا امام إعادة النسق الطبيعي للمجتمع. من ازمة عجزحكومة السيد حمادي الجبالي على إجراء مجرد تغيير وزاري إلى سقوط مبادرته في تشكيل حكومة كفاءات
نعيش الآن على وقع المحادثات المتعدّدة الأطراف لتشكيل حكومة توافق وطني ونحن على مشارف انتهاء المهلة الدستورية حسب القانون المؤقت المنظم للسلط.
ويبدو من خلال "الباليه السياسي" للمشاورات ان الأمورتتجه نحو خيارين لا ثالث لهما. الأول هوعجزالسيد على العريّض ومن ورائه حركة "النهضة" عن تشكيل حكومة تحظى بموافقة المجلس وبذلك تدخل البلاد في دوارالاقتراحات والاقتراحات المضادة من جديد ونعود إلى مربع الصفرمع ما يعنيه ذلك من تزايد الانخرام في جميع المجالات.
الخيارالثاني هوان يتوفّق السيد على العريّض إلى تشكيل حكومة على وقع عدد الأصوات التي تضمن لها تحصيل النصاب القانوني في المجلس التأسيسي وهوما نسميه بحكومة العدّ بالأصابع. في هذه الحالة سنكون امام حكومة هشة يفرزها الإصرارعلى الفشل وستدخل البلاد في مرحلة اللاستقرار... تعجزحتى عن إجراء الانتخابات لأنها بالضرورة ستصنع كرة من الثلج (لكنها من نار) المتدحرج الذي يولد بدوره مضاعفات لا يعلمها إلا الله.
هذا الارتباك مرده إصرارحركة" النهضة" على شدّ قرني الثور باليدين لأنها تريد ان تمضي الأموركما تراها هي برغم ان هذه المنهجية تقفزعلى الواقع ولا تتحرك ضمن الممكن الذي تتيحه الظروف الحالية.
نسي اغلب السياسيين ان التونسيون لم يثوروا على انفسهم بل ثاروا على نظام فاسد بنى شرعيته على علاقات فاسدة. الناس لم تثرعلى نوعية ملبسها ولا على نوعية مأكلها؛ لم تثرلا على كفرها ولا على إيمانها.
التونسيون ثاروا لأنهم أصبحوا يرون الفساد بالعين المجردة في جميع معاملاتهم على حساب حقوقهم وعلى حساب حاجياتهم. لم يكن ممكنا ان يحصل شاب أو شابة على وظيفة دون تزكية ودون ان يدفع رشوة. كان ممكنا كذلك ان يتحول أي متسلق وانتهازي إلى كبار رجال الأعمال لمجرد ان يكون شريكا لأحد أفراد العائلة المالكة؛ كما يستطيع أي كان ان يتحصل على جميع التسهيلات وان يقوم بجميع خروق للقانون جهارا نهارا إذا كان مسنودا وذا حظوة عند أصحاب القرابة.
ضعفت الدولة والإدارة أمام التعليمات وامام التدخلات وانخرط كل الناس في سباق محموم لنيل البركات وشراء الوساطات. لكن مع اتساع دائرة المستفيدين بدأت تضيق دوائرالنعمة ولم تعد الاستجابة ممكنة للكم الهائل من طلبات الفساد فضاق النفس وتعطلت الامور وتوقف هذا النظام عن تأدية دوره في إدامة الفساد.
واقع وصل حد التدخل في اعداد امتحانات الطلبة والتلاميذ وافرز حالة من الاحتفان انفجرت عند صاحب عربة ربما لم يكن قادرا على شراء حماية وتحولت إلى بركان سرعان ما كنس رموزالفساد. لكن الفساد قائم لأنه من أركان الدولة.
هذه الدولة لم تسقط بعد 14 جانفي كذلك لم يتغيرالشعب التونسي ولم تنحل الإدارة بل تواصلت كما هي، يعني كما كانت. هل يمكن ان ننسى ان الحصول على وضيفة حارس في مدرسة اومعتمدية او مستكتب في بلدية اوالقبول في مناظرة للدخول لأي جهازمن اجهزة الإدارة كان يتطلب التأكد من إخلاص المنتدب للتجمع والحصول على تزكية السلطة المحلية والجهوية واستيفاء كل التقاريرالأمنية؟ هل نسينا سريعا ان قروض بنك التضامن كانت توقع بإشراف مباشرمن طرف الوالي؟ من كان يستطيع الدخول إلى مقرالتلفزة التونسية اوالإذاعة ويحظى بوظيفة او يسمح له حتى باجتيازالمناظرة؟ من كان يخطرله ببال ان يعين رئيسا لمنطقة شرطة او حرس او يعين رئيسا مديرا عاما لشركة عمومية او شبه عمومية إذا لم يستوف شروط المناعة من وباء المعارضة للتجمع والصلاة ؟ من منا لم يستعمل أصحابه وعلاقاته لمحو محضرمرور اواسترجاع رخصة سياقة سحبت لمخالفة؟ من لم يسع للتدخل لدى القضاء سواء مباشرة اوعن طريق المعارف والموظفين لتخفيف حكم على جناية اومخالفة؟ حتى السياسيين انفسهم بحثوا عن وساطات إما مباشرة او ببعض الحياء لتخفيف الرقابة اوغض الطرف من العيون التي كانت لا تنام؟ كل المجتمع كان منخرطا في منظومة الفساد القائمة لأنها كانت تشكل النظام. والذين كانوا يتبعون القانون لحماية انفسهم كانوا يخرجون في غالب الأحيان أغبياء لأن مصالحهم تتوقف دائما عند نقطة من نقاط الفساد المستشرية في جميع مظاهرالحياة. أصلحهم هو من كان يتجنب ان تقع عليه الأعين حتى لا يجلب إليه الانتباه.
خطرالفترة الحالية يكمن في عدم قدرتنا على الحفاظ على الاستقرار لأنها مرحلة نتحول فيها من مجتمع قائم على علاقات فاسدة إلى مجتمع قائم على لا شيء.
نحن لم نبن القانون الذي يضمن إعادة ترتيب الأوضاع ويصحح علاقات الأفراد فيما بينهم مع انهم لم يتغيروا؛ لذلك نعيش الانفلات والتسيب والتحلل في جميع مفاصل المجتمع ومؤسساته.
نحن بحاجة إلى إعادة تأهيل هادئة وطويلة الأمد ؛ كان من المفترض ان تؤمنها النخب السياسية والفكرية التي تضطلع عادة بهذه المهمات في كل المجتمعات. لكن للأسف واعتمادا على أداء نخبنا السياسية يبدو أنها تتحرك وهي قافزة على هذا الواقع لأنها تقدم من خلال محاور خطابها وصراعاتها وصفات ليست لنا. وباختصارهي لا تفهم ماذا تفعل ؛لآتها لا تعرف أين تتحرك، يعني لا تعرف مجتمعها ولا تعرفنا وهذا عنوان فشلها الذي هوعنوان غربتها حتى انها فقدت مصداقية خطابها الذي على أساسه أحازت على ثقة الشعب وانتخبها.
انا لا أفهم كيف تتحول حركة مناضلة كحركة «النهضة» إلى تاجر للأصوات بهدف تشكيل حكومة لا غير. فماذا ستحكم هذه الحكومة إذا لم تحصل على القبول والانخراط الطوعي للمحكومين؟ هل يستطيع وزيران يحقق سياسة ما إذا كان الجهازالإداري مستقيلا وشامتا ومعارضا سلبيا؟ كيف يمكن لحكومة أصوات مبعثرة أن تفرض إعادة تشغيل الأجهزة التي تبعثرت بين الولاءات؟ كيف تنجح الدولة في فرض القانون وهي تقوم على المحاصصة التي تقوم بدورها على توزيع العطايا لتامين هذه الولاءات؟
كيف يمكن إدارة الحواربين أطراف يخاتل بعضها الآخرويحكمها الاستعلاء والمكابرة؟ كيف يحكم البلاد من يعتقد أنه يمتلك الحقيقة؟ يجب على" النهضة "ان تستوعب المشهد ولا تستعمله وان تتذكران موسى بحث عن عبد صالح ليتعلم وهو نبيّ.
كل هذا وثقتي كبيرة في ان هذا الشعب قادرعلى تجاوزهذه المحنة وان ينجح في لملمة تفكك أجهزته في أقرب وقت حتى لا يصبح مشروعه بناء مؤسسات عوضا عن بناء دولة.
هذه الثقة تستند إلى نوازع الخيرالحقيقية التي رأيتها وعايشتها في المدّ التضامني مع الإخوة الليبيين والمدّ التضامني مع المتضرّرين من جراء موجات البرد والثلج الماضية والمد التضامني الذي أراه يوميا في مدّ يد المساعدة للإخوة السوريين الذين حوّلتهم أجهزة المخابرات إلى مشرّدين.
● إطار سام ببنك
نفتقد للفعل الثوري وللزعيم النموذج
بقلم: محمّد الأسعد بنحسين - يقتضي المقام عند التطرق إلى قرار حزب "النهضة" في التنازل عن وزارات السيادة أن ننوّه بهذا ونُحيّي شجاعتهم، لهذا القرار الموضوعي لبناء وإرساء التعدّدية الحزبية السياسية الناهضة من كبوتها وكذلك لسحب البساط من المشككين في مصداقية النتائج الانتخابية المقبلة، والاقتراب ولوقليلا ممّا تطلبه المعارضة رغم أحقية النهضة فيالاحتفاظ بتلك الحقائب الوزارية وأنّ العقلانية سادت أخيرا حتى لو كان الأمر وحي إليهم من بعيد أومن قريب.. لكن علي أي أساس؟ وهل ستكتفي المعارضة بهذا؟ فبرنامج حزب"النهضة" مغاير لبقية الأحزاب لاختلاف المنطلقات؛ فكيف يكون التقارب؟ وهل شاب رأيها تفاوتا؟ وهل الأحزاب بتونس ذاهبة إلى تحالفات سياسية رغم الخلاف الكبيرفي الرأي؟ وهل يلف توجهها السراب والمصلحة الآنية ؟ وهل نظرة الأحزاب قاصرة قد تزيد الوضع تعقيدا ؟ إذن؛ أين الزعامات الفذة صاحبة البصيرة والبصر؟ وأين الفعل الثوري الصحيح الذي يأخذ الأمور من الجذور؟
إن بناء الدولة الجديدة لا يكون ارتجاليا؛ فهل نحن مقبلون على لعبة كبيرة قد لا تخدم الدولة التونسية ؟ ويذهب المواطن فيها بين الأقدام ؟ مع صفرنتائج ؟
النموذج الذي يمكن الاقتداء به لم يكن واضح المعالم بعد الثورة ولم نر مسؤولا أو رئيسا نموذجا يمكن للأجيال الاقتداء به؛ ولم يكن عندهم الفعل الثوري الحاسم ...وهكذا سارت الأحزاب بعد الثورة بنفس سيرة أحزاب ما قبل الثورة وكذلك الزعماء الذين سارت بهم الركبان بالحديث بعد الثورة ساروا وتأثروا بشخصية بورقيبة وبن علي وإن كانوا لم يشعروا بذلك عدا قلة قليلة فازت بالسمعة الطيبة ، لكن لم تكن لهم الفرصة المتاحة للعمل من دون عراقيل.
إن الأحزاب الإسلامية لم تدرس بصرامة ملفاتها لإقامة الدولة الإسلامية واندفعت وراء السلطة كغيرها من الأحزاب التقليدية التي لا يهمها الإ الكرسي ولم تجهّز فخابت لأن الإسلام غيرذلك تماما والذي له قدرة فائقة على دفع الناس على التغييرولن تنجح بذلك التعويم العام والتقليد للأحزاب المتواجدة على الساحة ولن تُسطّرطريقها الإسلامي المغاير للواقع باستقلالية تامة وتُرضي ناخبيها؛ فهي لم تكن قادرة على التميّزعن غيرها من الأحزاب القائمة والتي تشترك معها الآن في ذات المنهج وذات الخيبة كذلك لأن المحتوى المتأتي من الديمقراطيات الغربية والأمريكية خاصة قد لفّ الأحزاب الإسلامية بلحافها وتلك هي المأساة؛ فالأحزاب العلمانية المتواجدة على الساحة الآن هي صنيعة الفكرالأمريكي ثم الأوروبي لذلك سقطت الأحزاب الإسلامية بعد الثورة العربية ولم تفزلأنها كانت ذات الشيء؛ فإذا أرادت الفوز هذه المرة فعليها إعادة غرس شجرة النجاح بتونس من جديد ومن الجذوروبعقلية وفكرإسلاميين بلسان عربي فصيح هناك سيظهر التميّز، وهناك سيستقبلها المواطن بشغف لأنه انتظرها طويلا وملّ الأحزاب التقليدية التي ليست من ثيابه، فكيف للمواطن أن يتحزب لحزب إسلامي المظهر وغربي المحتوى؟ ما الفرق إجمالا بينها وبين الأحزاب غيرالإسلامية ؟ إنك لن تجد فرقا يذكريمكن أن يتحمس له الناخب وينجذب إليه .
هذا الشعب الذي انقلب على الأنظمة البائدة لأنها لم ترض المواطن وكانت بلا توابل شرقية المنبت والمذاق. التجربة القصيرة وممارسة الحكم والتفرد قد أضر بالإسلام وإن كان من غيرقصد فالأمرجلل وكان لابدّ مما ليس منه بدّ.
أن مسألة تمييع الإسلام هوأمريعود إلى صراعات سياسية وفكرية تسعى بعمليات عملاقة من اجل التسلط ، وان عملية التسلط هذه تسير وفق دراسات تشارك فيها دوائرومؤسسات غربية ورسمت لنفسها خططا وبرامج تسيرعليها من دون كلل؛ فأهمية التمسك بالإسلام وجدوى ذلك في إنعاش هذه الأمة ثقافيا وحضاريا وعلميا لأن الإسلام له القدرة على التفاعل الحضاري والتطورومواكبة سيرالرقي بمصاف حضارات الأمم الأخرى ،بل إن الإسلام بمقدوره أن ينهض بالأمة عند توفير محتضنيها في أرضية خصبة!!!.
لكن ألا يوجد أمل في النهوض بمشروعنا الإسلامي الحضاري بعالمنا العربي والإسلامي؟
لقد ظل أعلام الفكروالسياسة في العصرالحديث يوالون الدق على الطبول في مواجهة أخطرالمحاولات الدائبة المستمرة لتحريف الفكر الإسلامي بأصوله وتعاليمه وأحكامه، تارة بالنقص منها وأخرى بالزيادة فيها وثالثة بتأويلها على غير وجهها الصحيح.
ولقد كان من أكبرالأخطارالتي واجهتنا دون إرادة حرة، هي محاولتنا فهم كثيرمن الأمورمن خلال مناهج الغرب ومقاييسه كالذي حدث في تعليم الناشئة منذ الاستقلال هذه المناهج والمقاييس التي كوّنها الغرب من خلال ظروفه الاجتماعية وتحدياته التاريخية وتركيبه النفسي والاجتماعي ليست لنا نحن بل لهم فقط.
إن هناك حقيقة لا سبيل لتجاوزها أوإنكارها هوأن في العالم ثقافتين: إسلامية وغيرإسلامية؛ ولا يمكن أن يلتقيا في إطارواحد، فيخطئ البعض حين يظن أن "الحضارة التغريبية" هي التي حملتنا بالقبول بتلك الذهنية الغربية، وإنما الحقيقة أن التغريب التبس على من تولوا أمرنا هم من حاولوا خلق دائرة فكرتنهض بنا بإرادة المسلمين والعرب ؟ والغرب أراد انتقاص الفكرالذاتي وتشييع الشبهات والمثالب بيننا ، لكي لا يُدفعوا إلى أي جانب من جوانب البناء أوالنهضة الذاتية المستمدة من أي فكرآخروما الأحزاب التقليدية الغربية التي بيننا والتي رفعت الشعارالإسلامي ظلما وبهتانا ....لان المضمون لم يتغير وبقي غربيا لردّ المسلمين إلى الخلف من دون تطور.
ومن شأن دائرة هذا الفكراللقيط المجرم، أن تَحول بين المسلمين وبين أي حركة أو نهضة مستقبلية، وإنما تُمْسكهم ليدوروا في هذه الدائرة المغلقة، حتى ينتهوا ويستسلموا، وتجعلهم يفكرون من داخل دائرة غربية مادية خالصة، معزولة تماماً عن العقيدة الإيجابية المتكاملة التي علّمهم إياها الإسلام وهداهم إليها منهاجاً للحياة قادراً على التقدم من ناحية وعلى مقاومة الغزوغير الإسلامي من ناحية أخرى.
وهم منذ ركنوا إلى هذه الدائرة الصماء الغربية فقدوا كل قدرة على الحركة الأصيلة، ونرى ذلك في الأحزاب المتواجدة على الساحة؛ ذلك أن تركيب الفكرالتغريبي الوافد إلينا، إنما استخدم أعظم ما استخدم لضرب الثقافة الإسلامية وإحياء في نفس الوقت كل ما أنشأته الشعوبية والزندقة والباطنية والإسرائيليات في الفكرالعربي الإسلامي من مفاهيم وشخصيات، لتخلق من هذا كله تلك الدائرة التي تقتل النفس العربية قتلاً وتحول بينها وبين الحياة والحركة والبناء والتقدم وتحلم بشبح كاذب كالسراب.
الغرب دائم التناقض ومن أقبح تناقضاته ، أنَّه لوصار حكمُ الأغلبيِّة للأحزاب الدينية، واختارعامة الشعب الحكم بالإسلام ، والسيرعلى أحكامه العادلة الشاملة الهادية إلى كل خير، فإن الغرب هنا ينزعج انزعاجاً شديداً ، وتشن أحزابه على هذا الاختيارالشعبي حرباً شعواء كالذي يحدث بمصروبتونس كذلك، وتندِّدُ بالشعب وتزدري اختياره إذا اختارالإسلام ، وتطالب بنقض هذا الاختياروتسميه إرهاباً وتطرفاً وتخلفاً وظلاميّة ورجعيّة. والتحالفات مع أحزاب لا تجمعهم مبادئ واحدة تُعتبرمخالفة للواقع ، فهي يُغطيها زيف وخبث وغدربالمواطن ولعبة قذرة وهذا الاتجاه للتحالفات لا يكون في الأحزاب الإسلامية والناخب قادرعلى التمييز والاختياربين الصالح والطالح من بين الأحزاب الممثلة للثقافة الوطنية والوافدة، كما أننا لسنا نذهب إلى التقليل من شأن الفكرالغربي ونصرف وجوهنا عنه بل على العكس من ذلك، نحن لا نراه فكراً غريباً فقط وإنما نراه فكراً إنسانياً وإن انحرف في مفاهيمه، ونحن لا نقيم جدارا عازلا أمام الثقافات العالمية شرقية كانت أوغربية فقد شاركنا بقوّة منذ البداية في بناء الحضارة الإنسانية ، وكان دورنا فعّالا في إقامة بعض من هذه الحضارة، دورنا هذا معترف به عند المنصفين من كتاب الغرب ومفكريه وهم كثر...
● مترجم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.