لجنة كسر الحصار عن غزة.. أسطول بحري جديد يبحر بتاريخ 24 سبتمبر من ايطاليا    مناقشة مقترح النظام الاساسي للصحة    مصطفى عبد الكبير: "معلومات شبه مؤكدة بوجود المفقودين في مركب هجرة غير نظامية غادر سواحل صفاقس الاثنين الماضي، في التراب الليبي"    بوعرقوب: انطلاق موسم الهندي الأملس    انخفاض في جرحى حوادث المرور    مصر تعلن تَأَثّرها بالهجوم السيبراني على مطارات أوروبا    رابطة الأبطال ...الترجي بخبرة الكِبار والمنستير لاسعاد الأنصار    كاس الكنفدرالية: الملعب التونسي يفوز على الجمعية الثقافية نواذيبو الموريتانية 2-صفر    تونس تشارك في بطولة العالم لألعاب القوى لحاملي الاعاقة بالهند من 26 سبتمبر الى 5 اكتوبر ب11 متسابقا    منوبة : انتشال جثتى شقيقين حاولا انقاذ كلبة من الغرق    أولا وأخيرا... سعادتنا على ظهور الأمّهات    تونس ضيف شرف مهرجان بورسعيد السينمائي الدولي: درة زروق تهدي تكريمها إلى فلسطين    في تظاهرة غذائية بسوسة ...«الكسكسي» الطبق الذي وحّد دول المغرب العربي    عاجل: إيقاف اكثر من 20 ''هبّاط'' في تونس    وزير خارجية ألماني أسبق: أوروبا مجبرة على التفاوض مع تونس بشأن ملف الهجرة    عاجل: إنهيار سقف اسطبل يتسبب في وفاة شاب وإصابة آخر    عاجل: الأمطار تعمّ أغلب مناطق تونس خلال الفترة القادمة    الكاف.. معرض لمنتوجات المجامع الفلاحية    شبهات فساد تُطيح بموظّفين في بنك الدم بالقصرين: تفاصيل    العائلة والمجتمع: ضغوط تجعل الشباب التونسي يرفض الزواج    عاجل: شيرين عبد الوهاب أمام القضاء    جمال المدّاني: لا أعيش في القصور ونطلع في النقل الجماعي    كل نصف ساعة يُصاب تونسي بجلطة دماغية...نصائح لإنقاذ حياتك!    التيار الشعبي يدعو الى المشاركة في اضراب عالمي عن الطعام دعما لغزة    التنس: تأهل معز الشرقي الى نهائي بطولة سان تروبيه للتحدي    كرة اليد: منتخب الصغريات يتأهل إلى نهائي بطولة افريقيا    بنزرت: تنفيذ اكثر من 80 عملية رقابية بجميع مداخل ومفترقات مدينة بنزرت وتوجيه وإعادة ضخ 22,6 طنا من الخضر والغلال    مسرحية "على وجه الخطأ تحرز ثلاث جوائز في مهرجان صيف الزرقاء المسرحي العربي    "أمامكم 24 ساعة فقط".. كبرى الشركات الأمريكية توجه تحذيرا لموظفيها الأجانب    تحذير هام: تناول الباراسيتامول باستمرار يعرّضك لهذه الأمراض القاتلة    هذا ما تقرّر ضد فتاة أوهمت شبّانا بتأشيرات سفر إلى الخارج.. #خبر_عاجل    عاجل: وفاة عامل بمحطة تحلية المياه تابعة للصوناد في حادث مرور أليم    عاجل/ بينما كان في عمله: إستشهاد عائلة مدير مستشفى الشفاء في غزّة    معاناة صامتة : نصف معيني مرضى الزهايمر في تونس يعانون من هذه الامراض    زغوان: غلق مصنع المنسوجات التقنية "سيون" بالجهة وإحالة 250 عاملا وعاملة على البطالة    سليانة: وضع 8 ألاف و400 قنطار من البذور منذ بداية شهر سبتمبر    رابطة الأبطال الافريقية: الترجي الرياضي والاتحاد المنستيري من أجل قطع خطوة هامة نحو الدور الثاني    كتائب القسام تنشر "صورة وداعية" للأسرى الإسرائيليين إبان بدء العملية في غزة    غدا الأحد: هذه المناطق من العالم على موعد مع كسوف جزئي للشمس    عاجل/ بشائر الأمطار بداية من هذا الموعد..    بنزرت: حجز أطنان من اللحوم والمواد الغذائية المخزّنة في ظروف غير صحية    تكريم درة زروق في مهرجان بورسعيد السينمائي    صرف الدفعة الأولى من المساعدات المالية بمناسبة العودة المدرسية في هذا الموعد    لكلّ من فهم بالغالط: المغرب فرضت ''الفيزا'' على هؤلاء التوانسة فقط    الكاف: قافلة صحية تحت شعار "صحتك في قلبك"    أكثر من 100 ألف تونسي مصاب بالزهايمر ومئات الآلاف من العائلات تعاني    لماذا يضعف الدينار رغم نموّ 3.2 بالمائة؟ قراءة معمّقة في تحليل العربي بن بوهالي    "يوتيوب" يحظر حساب مادورو    عاجل/ عقوبة سجنية ضد الشاب الذي صوّب سلاحا مزيّفا تجاه أعوان أمن    بعد موجة من الانتقادات.. إيناس الدغيدي تلغي حفل زفافها وتكتفي بالاحتفال العائلي    اليوم: استقرار حراري وأمطار محدودة بهذه المناطق    القيروان.. 7 مصابين في حادث مرور    استراحة «الويكاند»    عاجل/ البنك التونسي للتضامن: إجراءات جديدة لفائدة هؤلاء..    ما تفوتهاش: فضائل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة!    الرابطة المحترفة الاولى : حكام مباريات الجولة السابعة    وخالق الناس بخلق حسن    يا توانسة: آخر أيام الصيف قُربت.. تعرف على الموعد بالضبط!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السيد علي العريّض وحكومة العد بالأصابع
نشر في الصباح يوم 07 - 03 - 2013

- اصبح العامل السياسي في تونس مصدرا أساسيا لعدم الاستقرار وعائقا امام إعادة النسق الطبيعي للمجتمع. من ازمة عجزحكومة السيد حمادي الجبالي على إجراء مجرد تغيير وزاري إلى سقوط مبادرته في تشكيل حكومة كفاءات
نعيش الآن على وقع المحادثات المتعدّدة الأطراف لتشكيل حكومة توافق وطني ونحن على مشارف انتهاء المهلة الدستورية حسب القانون المؤقت المنظم للسلط.
ويبدو من خلال "الباليه السياسي" للمشاورات ان الأمورتتجه نحو خيارين لا ثالث لهما. الأول هوعجزالسيد على العريّض ومن ورائه حركة "النهضة" عن تشكيل حكومة تحظى بموافقة المجلس وبذلك تدخل البلاد في دوارالاقتراحات والاقتراحات المضادة من جديد ونعود إلى مربع الصفرمع ما يعنيه ذلك من تزايد الانخرام في جميع المجالات.
الخيارالثاني هوان يتوفّق السيد على العريّض إلى تشكيل حكومة على وقع عدد الأصوات التي تضمن لها تحصيل النصاب القانوني في المجلس التأسيسي وهوما نسميه بحكومة العدّ بالأصابع. في هذه الحالة سنكون امام حكومة هشة يفرزها الإصرارعلى الفشل وستدخل البلاد في مرحلة اللاستقرار... تعجزحتى عن إجراء الانتخابات لأنها بالضرورة ستصنع كرة من الثلج (لكنها من نار) المتدحرج الذي يولد بدوره مضاعفات لا يعلمها إلا الله.
هذا الارتباك مرده إصرارحركة" النهضة" على شدّ قرني الثور باليدين لأنها تريد ان تمضي الأموركما تراها هي برغم ان هذه المنهجية تقفزعلى الواقع ولا تتحرك ضمن الممكن الذي تتيحه الظروف الحالية.
نسي اغلب السياسيين ان التونسيون لم يثوروا على انفسهم بل ثاروا على نظام فاسد بنى شرعيته على علاقات فاسدة. الناس لم تثرعلى نوعية ملبسها ولا على نوعية مأكلها؛ لم تثرلا على كفرها ولا على إيمانها.
التونسيون ثاروا لأنهم أصبحوا يرون الفساد بالعين المجردة في جميع معاملاتهم على حساب حقوقهم وعلى حساب حاجياتهم. لم يكن ممكنا ان يحصل شاب أو شابة على وظيفة دون تزكية ودون ان يدفع رشوة. كان ممكنا كذلك ان يتحول أي متسلق وانتهازي إلى كبار رجال الأعمال لمجرد ان يكون شريكا لأحد أفراد العائلة المالكة؛ كما يستطيع أي كان ان يتحصل على جميع التسهيلات وان يقوم بجميع خروق للقانون جهارا نهارا إذا كان مسنودا وذا حظوة عند أصحاب القرابة.
ضعفت الدولة والإدارة أمام التعليمات وامام التدخلات وانخرط كل الناس في سباق محموم لنيل البركات وشراء الوساطات. لكن مع اتساع دائرة المستفيدين بدأت تضيق دوائرالنعمة ولم تعد الاستجابة ممكنة للكم الهائل من طلبات الفساد فضاق النفس وتعطلت الامور وتوقف هذا النظام عن تأدية دوره في إدامة الفساد.
واقع وصل حد التدخل في اعداد امتحانات الطلبة والتلاميذ وافرز حالة من الاحتفان انفجرت عند صاحب عربة ربما لم يكن قادرا على شراء حماية وتحولت إلى بركان سرعان ما كنس رموزالفساد. لكن الفساد قائم لأنه من أركان الدولة.
هذه الدولة لم تسقط بعد 14 جانفي كذلك لم يتغيرالشعب التونسي ولم تنحل الإدارة بل تواصلت كما هي، يعني كما كانت. هل يمكن ان ننسى ان الحصول على وضيفة حارس في مدرسة اومعتمدية او مستكتب في بلدية اوالقبول في مناظرة للدخول لأي جهازمن اجهزة الإدارة كان يتطلب التأكد من إخلاص المنتدب للتجمع والحصول على تزكية السلطة المحلية والجهوية واستيفاء كل التقاريرالأمنية؟ هل نسينا سريعا ان قروض بنك التضامن كانت توقع بإشراف مباشرمن طرف الوالي؟ من كان يستطيع الدخول إلى مقرالتلفزة التونسية اوالإذاعة ويحظى بوظيفة او يسمح له حتى باجتيازالمناظرة؟ من كان يخطرله ببال ان يعين رئيسا لمنطقة شرطة او حرس او يعين رئيسا مديرا عاما لشركة عمومية او شبه عمومية إذا لم يستوف شروط المناعة من وباء المعارضة للتجمع والصلاة ؟ من منا لم يستعمل أصحابه وعلاقاته لمحو محضرمرور اواسترجاع رخصة سياقة سحبت لمخالفة؟ من لم يسع للتدخل لدى القضاء سواء مباشرة اوعن طريق المعارف والموظفين لتخفيف حكم على جناية اومخالفة؟ حتى السياسيين انفسهم بحثوا عن وساطات إما مباشرة او ببعض الحياء لتخفيف الرقابة اوغض الطرف من العيون التي كانت لا تنام؟ كل المجتمع كان منخرطا في منظومة الفساد القائمة لأنها كانت تشكل النظام. والذين كانوا يتبعون القانون لحماية انفسهم كانوا يخرجون في غالب الأحيان أغبياء لأن مصالحهم تتوقف دائما عند نقطة من نقاط الفساد المستشرية في جميع مظاهرالحياة. أصلحهم هو من كان يتجنب ان تقع عليه الأعين حتى لا يجلب إليه الانتباه.
خطرالفترة الحالية يكمن في عدم قدرتنا على الحفاظ على الاستقرار لأنها مرحلة نتحول فيها من مجتمع قائم على علاقات فاسدة إلى مجتمع قائم على لا شيء.
نحن لم نبن القانون الذي يضمن إعادة ترتيب الأوضاع ويصحح علاقات الأفراد فيما بينهم مع انهم لم يتغيروا؛ لذلك نعيش الانفلات والتسيب والتحلل في جميع مفاصل المجتمع ومؤسساته.
نحن بحاجة إلى إعادة تأهيل هادئة وطويلة الأمد ؛ كان من المفترض ان تؤمنها النخب السياسية والفكرية التي تضطلع عادة بهذه المهمات في كل المجتمعات. لكن للأسف واعتمادا على أداء نخبنا السياسية يبدو أنها تتحرك وهي قافزة على هذا الواقع لأنها تقدم من خلال محاور خطابها وصراعاتها وصفات ليست لنا. وباختصارهي لا تفهم ماذا تفعل ؛لآتها لا تعرف أين تتحرك، يعني لا تعرف مجتمعها ولا تعرفنا وهذا عنوان فشلها الذي هوعنوان غربتها حتى انها فقدت مصداقية خطابها الذي على أساسه أحازت على ثقة الشعب وانتخبها.
انا لا أفهم كيف تتحول حركة مناضلة كحركة «النهضة» إلى تاجر للأصوات بهدف تشكيل حكومة لا غير. فماذا ستحكم هذه الحكومة إذا لم تحصل على القبول والانخراط الطوعي للمحكومين؟ هل يستطيع وزيران يحقق سياسة ما إذا كان الجهازالإداري مستقيلا وشامتا ومعارضا سلبيا؟ كيف يمكن لحكومة أصوات مبعثرة أن تفرض إعادة تشغيل الأجهزة التي تبعثرت بين الولاءات؟ كيف تنجح الدولة في فرض القانون وهي تقوم على المحاصصة التي تقوم بدورها على توزيع العطايا لتامين هذه الولاءات؟
كيف يمكن إدارة الحواربين أطراف يخاتل بعضها الآخرويحكمها الاستعلاء والمكابرة؟ كيف يحكم البلاد من يعتقد أنه يمتلك الحقيقة؟ يجب على" النهضة "ان تستوعب المشهد ولا تستعمله وان تتذكران موسى بحث عن عبد صالح ليتعلم وهو نبيّ.
كل هذا وثقتي كبيرة في ان هذا الشعب قادرعلى تجاوزهذه المحنة وان ينجح في لملمة تفكك أجهزته في أقرب وقت حتى لا يصبح مشروعه بناء مؤسسات عوضا عن بناء دولة.
هذه الثقة تستند إلى نوازع الخيرالحقيقية التي رأيتها وعايشتها في المدّ التضامني مع الإخوة الليبيين والمدّ التضامني مع المتضرّرين من جراء موجات البرد والثلج الماضية والمد التضامني الذي أراه يوميا في مدّ يد المساعدة للإخوة السوريين الذين حوّلتهم أجهزة المخابرات إلى مشرّدين.
● إطار سام ببنك
نفتقد للفعل الثوري وللزعيم النموذج
بقلم: محمّد الأسعد بنحسين - يقتضي المقام عند التطرق إلى قرار حزب "النهضة" في التنازل عن وزارات السيادة أن ننوّه بهذا ونُحيّي شجاعتهم، لهذا القرار الموضوعي لبناء وإرساء التعدّدية الحزبية السياسية الناهضة من كبوتها وكذلك لسحب البساط من المشككين في مصداقية النتائج الانتخابية المقبلة، والاقتراب ولوقليلا ممّا تطلبه المعارضة رغم أحقية النهضة فيالاحتفاظ بتلك الحقائب الوزارية وأنّ العقلانية سادت أخيرا حتى لو كان الأمر وحي إليهم من بعيد أومن قريب.. لكن علي أي أساس؟ وهل ستكتفي المعارضة بهذا؟ فبرنامج حزب"النهضة" مغاير لبقية الأحزاب لاختلاف المنطلقات؛ فكيف يكون التقارب؟ وهل شاب رأيها تفاوتا؟ وهل الأحزاب بتونس ذاهبة إلى تحالفات سياسية رغم الخلاف الكبيرفي الرأي؟ وهل يلف توجهها السراب والمصلحة الآنية ؟ وهل نظرة الأحزاب قاصرة قد تزيد الوضع تعقيدا ؟ إذن؛ أين الزعامات الفذة صاحبة البصيرة والبصر؟ وأين الفعل الثوري الصحيح الذي يأخذ الأمور من الجذور؟
إن بناء الدولة الجديدة لا يكون ارتجاليا؛ فهل نحن مقبلون على لعبة كبيرة قد لا تخدم الدولة التونسية ؟ ويذهب المواطن فيها بين الأقدام ؟ مع صفرنتائج ؟
النموذج الذي يمكن الاقتداء به لم يكن واضح المعالم بعد الثورة ولم نر مسؤولا أو رئيسا نموذجا يمكن للأجيال الاقتداء به؛ ولم يكن عندهم الفعل الثوري الحاسم ...وهكذا سارت الأحزاب بعد الثورة بنفس سيرة أحزاب ما قبل الثورة وكذلك الزعماء الذين سارت بهم الركبان بالحديث بعد الثورة ساروا وتأثروا بشخصية بورقيبة وبن علي وإن كانوا لم يشعروا بذلك عدا قلة قليلة فازت بالسمعة الطيبة ، لكن لم تكن لهم الفرصة المتاحة للعمل من دون عراقيل.
إن الأحزاب الإسلامية لم تدرس بصرامة ملفاتها لإقامة الدولة الإسلامية واندفعت وراء السلطة كغيرها من الأحزاب التقليدية التي لا يهمها الإ الكرسي ولم تجهّز فخابت لأن الإسلام غيرذلك تماما والذي له قدرة فائقة على دفع الناس على التغييرولن تنجح بذلك التعويم العام والتقليد للأحزاب المتواجدة على الساحة ولن تُسطّرطريقها الإسلامي المغاير للواقع باستقلالية تامة وتُرضي ناخبيها؛ فهي لم تكن قادرة على التميّزعن غيرها من الأحزاب القائمة والتي تشترك معها الآن في ذات المنهج وذات الخيبة كذلك لأن المحتوى المتأتي من الديمقراطيات الغربية والأمريكية خاصة قد لفّ الأحزاب الإسلامية بلحافها وتلك هي المأساة؛ فالأحزاب العلمانية المتواجدة على الساحة الآن هي صنيعة الفكرالأمريكي ثم الأوروبي لذلك سقطت الأحزاب الإسلامية بعد الثورة العربية ولم تفزلأنها كانت ذات الشيء؛ فإذا أرادت الفوز هذه المرة فعليها إعادة غرس شجرة النجاح بتونس من جديد ومن الجذوروبعقلية وفكرإسلاميين بلسان عربي فصيح هناك سيظهر التميّز، وهناك سيستقبلها المواطن بشغف لأنه انتظرها طويلا وملّ الأحزاب التقليدية التي ليست من ثيابه، فكيف للمواطن أن يتحزب لحزب إسلامي المظهر وغربي المحتوى؟ ما الفرق إجمالا بينها وبين الأحزاب غيرالإسلامية ؟ إنك لن تجد فرقا يذكريمكن أن يتحمس له الناخب وينجذب إليه .
هذا الشعب الذي انقلب على الأنظمة البائدة لأنها لم ترض المواطن وكانت بلا توابل شرقية المنبت والمذاق. التجربة القصيرة وممارسة الحكم والتفرد قد أضر بالإسلام وإن كان من غيرقصد فالأمرجلل وكان لابدّ مما ليس منه بدّ.
أن مسألة تمييع الإسلام هوأمريعود إلى صراعات سياسية وفكرية تسعى بعمليات عملاقة من اجل التسلط ، وان عملية التسلط هذه تسير وفق دراسات تشارك فيها دوائرومؤسسات غربية ورسمت لنفسها خططا وبرامج تسيرعليها من دون كلل؛ فأهمية التمسك بالإسلام وجدوى ذلك في إنعاش هذه الأمة ثقافيا وحضاريا وعلميا لأن الإسلام له القدرة على التفاعل الحضاري والتطورومواكبة سيرالرقي بمصاف حضارات الأمم الأخرى ،بل إن الإسلام بمقدوره أن ينهض بالأمة عند توفير محتضنيها في أرضية خصبة!!!.
لكن ألا يوجد أمل في النهوض بمشروعنا الإسلامي الحضاري بعالمنا العربي والإسلامي؟
لقد ظل أعلام الفكروالسياسة في العصرالحديث يوالون الدق على الطبول في مواجهة أخطرالمحاولات الدائبة المستمرة لتحريف الفكر الإسلامي بأصوله وتعاليمه وأحكامه، تارة بالنقص منها وأخرى بالزيادة فيها وثالثة بتأويلها على غير وجهها الصحيح.
ولقد كان من أكبرالأخطارالتي واجهتنا دون إرادة حرة، هي محاولتنا فهم كثيرمن الأمورمن خلال مناهج الغرب ومقاييسه كالذي حدث في تعليم الناشئة منذ الاستقلال هذه المناهج والمقاييس التي كوّنها الغرب من خلال ظروفه الاجتماعية وتحدياته التاريخية وتركيبه النفسي والاجتماعي ليست لنا نحن بل لهم فقط.
إن هناك حقيقة لا سبيل لتجاوزها أوإنكارها هوأن في العالم ثقافتين: إسلامية وغيرإسلامية؛ ولا يمكن أن يلتقيا في إطارواحد، فيخطئ البعض حين يظن أن "الحضارة التغريبية" هي التي حملتنا بالقبول بتلك الذهنية الغربية، وإنما الحقيقة أن التغريب التبس على من تولوا أمرنا هم من حاولوا خلق دائرة فكرتنهض بنا بإرادة المسلمين والعرب ؟ والغرب أراد انتقاص الفكرالذاتي وتشييع الشبهات والمثالب بيننا ، لكي لا يُدفعوا إلى أي جانب من جوانب البناء أوالنهضة الذاتية المستمدة من أي فكرآخروما الأحزاب التقليدية الغربية التي بيننا والتي رفعت الشعارالإسلامي ظلما وبهتانا ....لان المضمون لم يتغير وبقي غربيا لردّ المسلمين إلى الخلف من دون تطور.
ومن شأن دائرة هذا الفكراللقيط المجرم، أن تَحول بين المسلمين وبين أي حركة أو نهضة مستقبلية، وإنما تُمْسكهم ليدوروا في هذه الدائرة المغلقة، حتى ينتهوا ويستسلموا، وتجعلهم يفكرون من داخل دائرة غربية مادية خالصة، معزولة تماماً عن العقيدة الإيجابية المتكاملة التي علّمهم إياها الإسلام وهداهم إليها منهاجاً للحياة قادراً على التقدم من ناحية وعلى مقاومة الغزوغير الإسلامي من ناحية أخرى.
وهم منذ ركنوا إلى هذه الدائرة الصماء الغربية فقدوا كل قدرة على الحركة الأصيلة، ونرى ذلك في الأحزاب المتواجدة على الساحة؛ ذلك أن تركيب الفكرالتغريبي الوافد إلينا، إنما استخدم أعظم ما استخدم لضرب الثقافة الإسلامية وإحياء في نفس الوقت كل ما أنشأته الشعوبية والزندقة والباطنية والإسرائيليات في الفكرالعربي الإسلامي من مفاهيم وشخصيات، لتخلق من هذا كله تلك الدائرة التي تقتل النفس العربية قتلاً وتحول بينها وبين الحياة والحركة والبناء والتقدم وتحلم بشبح كاذب كالسراب.
الغرب دائم التناقض ومن أقبح تناقضاته ، أنَّه لوصار حكمُ الأغلبيِّة للأحزاب الدينية، واختارعامة الشعب الحكم بالإسلام ، والسيرعلى أحكامه العادلة الشاملة الهادية إلى كل خير، فإن الغرب هنا ينزعج انزعاجاً شديداً ، وتشن أحزابه على هذا الاختيارالشعبي حرباً شعواء كالذي يحدث بمصروبتونس كذلك، وتندِّدُ بالشعب وتزدري اختياره إذا اختارالإسلام ، وتطالب بنقض هذا الاختياروتسميه إرهاباً وتطرفاً وتخلفاً وظلاميّة ورجعيّة. والتحالفات مع أحزاب لا تجمعهم مبادئ واحدة تُعتبرمخالفة للواقع ، فهي يُغطيها زيف وخبث وغدربالمواطن ولعبة قذرة وهذا الاتجاه للتحالفات لا يكون في الأحزاب الإسلامية والناخب قادرعلى التمييز والاختياربين الصالح والطالح من بين الأحزاب الممثلة للثقافة الوطنية والوافدة، كما أننا لسنا نذهب إلى التقليل من شأن الفكرالغربي ونصرف وجوهنا عنه بل على العكس من ذلك، نحن لا نراه فكراً غريباً فقط وإنما نراه فكراً إنسانياً وإن انحرف في مفاهيمه، ونحن لا نقيم جدارا عازلا أمام الثقافات العالمية شرقية كانت أوغربية فقد شاركنا بقوّة منذ البداية في بناء الحضارة الإنسانية ، وكان دورنا فعّالا في إقامة بعض من هذه الحضارة، دورنا هذا معترف به عند المنصفين من كتاب الغرب ومفكريه وهم كثر...
● مترجم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.