◄ نواب وخبراء في القانون الدستوري يقترحون تعديل الفصل 3 من القانون المؤقت للسلط العمومية لتجنب الفراغ الدستوري تداول مؤخرا كثيرا مصطلح "الاستفتاء" وذلك عقب تقديم المسودة النهائية للدستور حيث تعالت الأصوات منددة ببعض فصولها التي تكرس وفقا للبعض لديكتاتورية ناشئة الأمر الذي جعل بعض الخبراء والملاحظين أن المسودة بصيغتها الحالية يصعب أن تحصد الوفاق. علاوة على عدم الحسم في النقاط الخلافية على غرار النظام الرئاسي في ظل تمسك حركة النهضة بنظام برلماني. ولكن الإشكالية تتمثل في الفصل 3 من النظام المؤقت للسلط العمومية الذي يؤشر في صورة تبني الاستفتاء إلى الفراغ باعتبار أن بلوغ الاستفتاء يعني حل المجلس الوطني التأسيسي. يشير فؤاد ثامر عضو المجلس الوطني التأسيسي عن الكتلة الديمقراطية أنه لا يتمنى بلوغ هذه المرحلة (الاستفتاء) بالنظر إلى أن الفصل 3 من القانون المنظم للسلط العمومية يكتسيه الغموض وتساءل ثامر في هذا السياق: "من سيتولى تنظيم الانتخابات في حال تنظيم استفتاء في ظل عدم تركيز هيئة مستقلة للانتخابات؟ " اعتبر ثامر أن مخاطر عديدة قد لا تحمد عقباها قد تنجر عن الاستفتاء في صورة ما إذا وقع العمل به استنادا إلى أن التصويت سيكون بنعم أو لا ولن يكون تصويتا على نسختين أو مشروعين من الدستور. وبالتالي فان آلية التصويت ستطرح بدورها إشكالية أخرى تتمثل في الميولات الحزبية حيث سيكون التصويت مبنيا على الولاءات ولن يكون وفقا لقراءة موضوعية للدستور. وأوضح ثامر أن المسودة النهائية للدستور لا تزال مشروعا قابلا للتنقيح لا سيما في ظل خرق لجنة التنسيق والصياغة للنظام الداخلي من خلال تدخلها في مضامين بعض الفصول على غرار نظام الحكم الأمر الذي جعل النواب يطالبون بجلسة عامة لمناقشة سبب تغير فحوى المشروع المتعلق بنظام الحكم.وخلص الى القول:"الاستفتاء من شانه أن يخلق الفراغ ولا احد يرغب فيه باعتباره خطوة نحو المجهول" ولا بد في هذا السياق من توافقات لاسيما فيما يتعلق من نظام الحكم الذي لا بد ان يكون مزدوجا على حد تعبيره. معضلة الفصل3 تنحصر الإشكالية إذن في الفصل3 من النظام المؤقت للسلط العمومية ففي صورة فشل الوفاق ولم يحظ الدستور المرتقب بأغلبية الثلثين فان الحل هو الاستفتاء غير ان الفصل السالف الذكر يشوبه الغموض كما يفتقر إلى الدقة فيما يتعلق باليات الاستفتاء. ولان إمكانية اللجوء إلى الدستور واردة في ظل عدم الحسم في نقاط خلافية هامة فإن بعض النواب عمدوا إلى تقديم مقترحاتهم بشان تعديل الفصل3. وأوضح في هذا الشأن عضو المجلس الوطني التأسيسي هشام حسني انه بصدد صياغة مشروع تنقيح للفصل3 على أن يتقدم بمقترحه غدا إلى المجلس الوطني التأسيسي. وسيكون التنقيح كالتالي:"في صورة الاستفتاء على دستور البلاد يقع حل المجلس الوطني التأسيسي وتشكيل حكومة تصريف أعمال ويتعهد خبراء لمراجعة الدستور في اجل أقصاه شهر ثم إجراء انتخابات تشريعية.. أو تتم مباشرة انتخابات تشريعية لمدة 5 سنوات تواصل إثرها الحكومة المنتخبة الدور التشريعي والتأسيسي". وأشار حسني انه لا وجود لحل سوى الاستفتاء خاصة انه من الصعب بلوغ الثلثين إلا إذا ما وقع مراجعة بعض المواقف. تنقيح من الناحية القانونية يعتبر أستاذ القانون الدستوري قيس سعيد بان الاستفتاء يمكن أن يكون حلا إذا ما توفرت جملة من الشروط الموضوعية تتمثل في إدخال تنقيح على هذا القانون اذ بإدخال تعديل على نص القانون لا يمكن الحديث عن فراغ. كما انه من وجهة نظر سعيد لا بد أن تسبق العملية الاستفتائية حملة تفسيرية توضح فيها مختلف المسائل للمواطنين الناخبين وتوضح فيها المواقف الداعية للإجابة بنعم والمواقف الداعية للإجابة بلا ثم توزع نسخ من المشروع على جميع المواطنين. وأضاف سعيد انه من الضروري أن تتولى الهيئة العليا المستقلة للانتخابات الإشراف وبكل حياد على مختلف مراحل هذه العملية ومن هذا المنطلق من الضروري تنقيح الفصل 3 وإدخال مختلف مراحل تقنية الاستفتاء لأنه يشير إلى الاستفتاء ولا يشير إلى تقنياته. وأوضح انه إذا كان الاستفتاء سلبيا فان ذلك يعني أن المجلس الذي وضع المشروع لم يعد يحظى بتمثيلية حقيقية وترتيبا على ذلك يجب أن يتم انتخاب مجلس جديد على غرار ما حصل في فرنسا لدى وضع دستور الجمهورية الرابعة. وذكر سعيد في نفس الإطار أن الاستفتاء يمكن أن يكون أداة للديمقراطية كما يمكن أن يكون أداة لديكتاتورية متنكرة، "فالاستفتاء حتى يكون أداة حقيقية للتعبير عن الإرادة الشعبية يجب أن تتوفر فيه جملة من الشروط وإلا فانه سيكون مجرد عملية شكلية." وفق تعبيره.