مازالت مدن وقرى وأرياف بالجنوب التونسي تعيش واقعا صعبا نتيجة النقص الكبير الذي يعانيه سكانها من ندرة المياه أو ملوحتها الحادة، وهو ما جعلها تطالب بتوفير هذه المادة الحيوية وتقوم بتحركات متتالية للفت نظر السلط ودفعها باتجاه الاهتمام بهذا الجانب وجعله من أولويات مشاريع التنمية في تلك الجهات آخر التحركات حول هذا الموضوع كانت قد حصلت أول أمس بمنزل الحبيب من ولاية قابس، حيث قام السكان بإضراب عام بعد الانتظار الطويل ومماطلة السلط بخصوص هذا المطلب الحيوي الذي رفعه السكان منذ أكثر من سنتين وتلقوا وعودا بشأنه لكن دون جدوى وفي متابعة لموضوع الماء بالجنوب والوسط التونسي تفيد جملة من الدراسات أن حاجة السكان إلى هذه المادة تبقى الأولى، وتتوقف عليها الحياة والتنمية بتلك الربوع وقد أثبتت الأوضاع التي عرفتها جهات عديدة منذ السنة الماضية أن ندرة المياه وانقطاعها في فترات متتالية، وخاصة أثناء الصيف، تبقى من الإشكاليات التي يعاني منها سكان تلك الربوع وذلك على الرغم من الإمكانيات الهامة يحوز عليها الشمال التونسي بخصوص تخزين الماء بعشرات السدود التي تم انجازها في العشريات الماضية وتعطل كافة المشاريع الرامية إلى إيصاله إلى مناطق الجنوب القاحلة والعطشى ففي ولايات صفاقسوقابس ومدنين وتطاوين وبن قردان، وكذلك بالعديد من جهات الوسط مثل القيروان والمدن القريبة منها، مازال النقص المسجل في الماء يمثل عائقا كبيرا أمام سكانها الذين يعانون من عطش دائم ومن انعدام للنشاط الفلاحي والتنموي بشكل عام، لكن مصالح وزارة الفلاحة مازالت تغط في نومها ولا تعير لهذا الموضوع أي اهتمام، بل أن المسؤولين فيها، وخاصة السيد وزير الفلاحة قد أهمل جملة الملفات ذات الصلة بالواقع الفلاحي المتردي، وبتوفير الماء الصالح للشراب لسكان تلك الجهات، ليهتم فقط بالواقع السياسي وليطلع علينا في كل مرة بتصريحات أبعد ما تكون على إهتماماته الأساسية التي كلف بها في وزارته فإلى متى يتواصل هذا التهرب من المسؤولية؟ وكيف ستكون الحلول بالنسبة لسكان الجنوب الذين يعانون من العطش؟ ذلك هو السؤال المحير الذي بات يطرح أمام تعطل كافة المشاريع الرامية لتوفير الماء بتلك المناطق ونحن على أبواب صيف حار، وتخوف من تداعياته السلبية على كافة أوجه الحياة بأجزاء هامة من البلاد