حظوظ نجاح الوضع الاقتصادي مرتبط باستقرار الوضع الأمني.. تأكيد على ضرورة مراجعة منوال التنمية.. عاشت امس الساحة الاقتصادية تظاهرة من الوزن الثقيل تمثلت في افتتاح يوم الحوار الوطني حول دفع الاقتصاد من خلال تشخيص الوضع الاقتصادي الراهن وبلورة حلول وخطط عمل لتجاوز المصاعب والازمات التي تواجه القطاع. التئمت التظاهرة بمبادرة من الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية وبحضور رئيس الجمهورية المنصف المرزوقي ورئيس الحكومة علي لعريض ورئيس المجلس التأسيسي مصطفى بن جعفر والامين العام للاتحاد العام التونسي للشغل الحسين العباسي، الى جانب ثلة من اعضاء الحكومة وعدد من رؤساء الأحزاب السياسية على راسهم الباجي قائد السبسي رئيس حركة نداء تونس، وراشد الغنوشي رئيس حركة النهضة، وحمادي الجبالي رئيس الحكومة السابق وامين عام حركة النهضة..فضلا عن نواب من المجلس التأسيسي وممثليين عن المجتمع المدني ورجال اعمال واصحاب مؤسسات اقتصادية. علما أن قائد السبسي، والغنوشي سرقا الأضواء في مفتتح التظاهرة خاصة انهما جلسا في الصف الأول يتوسطهما حمادي الجبالي،.. فرصة أخيرة صرحت وداد بوشماوي رئيسة الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية بان "الحوار حول الوضع الاقتصادي قد يكون الفرصة الاخيرة لاصلاح ما يمكن اصلاحه قبل فوات الاوان..." مضيفة انه "جاء بعد تفاقم المصاعب الاقتصادية في الاونة الاخيرة الى حد لا يطاق وتراجع للمؤشرات حتى تلك التي هي متعلقة باساسيات اقتصادنا الوطني.." وطرحت اكثر من سؤال توجهت به مباشرة الى المسؤولين في الحكومة حول اسباب تعطل انطلاق اغلب المشاريع الكبرى، وحول قضية تمويل مشاريع الباعثين الجدد لاسيما في المناطق الداخلية وحول مصير اصحاب المهن والحرف والصناعات التقليدية الذي ينبأ بافلاسهم .. ملف رجال الاعمال وبخصوص ملف رجال الاعمال، أكد المرزوقي على ضرورة " المضي قدما وبشكل عاجل ووفوري نحو رفع تحجير السفر وابرام اتفاقية صلح وفقا لشروط تكون عادلة وتضمن جبر الضرر للشعب ولخزينة الدولة.." ومن جهته اشار العريض الى اهمية "تشريك رجال الاعمال في البناء من خلال خلق المؤسسات والمساهمة في دفع منوال التنمية.." مضيفا "ان رجال المال والاعمال هم الاقرب للتعبير عن الشان الوطني ونحن نؤمن بالشراكة وبالتفاعل بين الشان الاقتصادي والشان السياسي..." واكد بن جعفر على ضرورة حل مشكلة جوازات السفر لرجال الاعمال ومنحهم حرية التنقل . وفي نفس السياق وبشان "شيطنة رجال الاعمال" التي تحدث عنها الكثير من المتدخلين في الاقتصاد اوضح العريض ان رجال الاعمال "يمثلون قطاعا وطنيا لابد من اعطائه حقه في المجتمع". أما المرزوقي فقد أكد على ضرورة "تغيير صورة رجل الاعمال التي تروج عنه خاصة"، وقال:"وصلتنا مؤخرا نسب ضعيفة تقارب ال 0.4 بالمائة من الذين اخطؤوا في حق الشعب ولايمكن بالتالي ان نحكم عليهم بل يجب هنا ان نحكم على القاعدة وليس على الاستثناء.." ومن جهتها دعت بوشماوي الى ضرورة "وقف كل الحملات المغرضة والكف عن الاساءات المجانية ورد الاعتبار لاصحابه". الوضع الامني وعلاقته بالاقتصاد وبشان الوضع الامني والاضطرابات السياسية والاجتماعية التي تعيشها البلاد لا سيما بعد احداث جبل الشعانبي، اتفق المتدخلون في هذه التظاهرة حول اهمية الاستقرار الامني والسياسي في دفع الاقتصاد الوطني وجلب الاستثمار الاجنبي.. كما اعتبر المرزوقي ان "الاستقرار السياسي لا يوجد في المطلق وان الصراعات والتجاذبات التي تشهدها الساحة السياسية يعد امرا طبيعيا خاصة وانها خلافات بناءة وخلاقة". مبينا ان ظاهرة الارهاب "ظاهرة ملتصقة بالاساس بالفقر والتهميش والحل ليس امنيا وعسكريا بل ان الحل الاساسي لهذه الظاهرة هو ربح المعركة الفكرية، معركة العقول.." على حد تعبيره.. وبيٌنت بوشماوي ان احداث الشعانبي "بالغة الخطورة وزادت في تازم الاوضاع وفي مزيد اهتزاز الثقة" داعية الى ضرورة التحرك لوقف "تيار العنف والارهاب والتصدي لدعاة الخراب والدمار.." في حين اعتبر العريض ان المظاهر التي عرفتها البلاد من تفجيرات وقتل واغتيالات كانت تحدث في الماضي لكن لم يقع تناولها بين الناس، واليوم اصبحت تتناولها وسائل الاعلام وكذلك كل شرائح المجتمع".. مضيفا ان الوضع الامني بعد احداث الشعانبي "يشهد تقدما في تأمين الحدود وفي ملاحقة الظلم، ولابد لهذه القضية ان لا تاخذ حيزا كبيرا من الجانب السياسي.." حسب قوله. معضلة التهريب وفي نفس الاطار، قالت بوشماوي ان ظاهرة التهريب تحولت مؤخرا الى "معضلة كبرى لانها اصبحت مصدرا لتهريب الاسلحة والمخدرات والعملة الى بلادنا وهو ما يزيد من المخاطر التي تهدد الامن والاستقرار من جهة وتهدد الاقتصاد الوطني من جهة اخرى". ومن جهته اكد حسين العباسي على ضرورة مقاومة هذه الظاهرة التي "باتت تهدد جديا نسيجنا الاقتصادي" مشيرا الى تاخر الحكومة في مقاومتها .."على حد قوله. كما تطرق العباسي الى عدد من المظاهر على غرار تردد الحكومة ازاء تآكل القدرة الشرائية لكافة افراد الشعب فضلا عن تداعيات سياسة تحرير الاسعار الموروثة الى جانب "استفحال الممارسات الاحتكارية في مستوى مسالك التوزيع لصالح وسطاء ومضاربين خواص .." واعتبرها ظواهر "خطيرة وتهدد الاقتصادي الوطني .." في حين اعتبر ان "ظاهرة الاضرابات لم تمثل مؤخرا في تراجع الاقتصاد فقد" عاشت البلاد مؤخرا مناخا اجتماعيا اكثر هدوءا من السابق حيث سجلت نسبة الاضرابات حسب احصائيات وزارة الشؤون الاجتماعية لسنة 2012 مقارنة بسنة 2011 انخفاض كل مؤشرات الحراك الاحتجاجي بدون استثناء سواء من حيث عدد الاضرابات (-8 بالمائة) او عدد ايام العمل الضائعة (-22 بالمائة) .." على حد تعبيره. حلول لانقاذ الاقتصاد.. تباينت الاراء بين كل الاطراف المتدخلة في القطاع بخصوص الحلول والبدائل السريعة محاولة لانقاذ الاقتصاد الوطني، لكن معظمها يصب في نفس الخانة وتتمحور خاصة في ضرورة تدعيم المناخ الاقتصادي والقضاء بشكل كلي على الفقر وكذلك ضرورة اعداد برنامج سكني اجتماعي لما يحوزه هذا المقوم من اهمية بالغة في النمو الاقتصادي، وهو ما اشار اليه رئيس هيئة الادارة الجماعية عن بنك الامان احمد الكرم . وفي اطارالخطة الاستعجالية التي اتى بها الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، اكد النائب الأول لرئيس الاتحاد هشام اللومي، على ضرورة استعادة ثقة المستثمرين وضمان استمرارية التزويد والتوريد والتصدير مع "الامتناع عن اتخاذ اي قرار اداري من شانه اخلال توزان السوق". الى جانب، "العمل على تسويق صورة ايجابية لتونس في الخارج وهذا الشان هو عمل تشاركي بين الحكومة والقطاع الخاص.." وبالرغم من اختلاف الاراء، الا ان اغلب الحضور اتفق على ضرورة مراجعة منوال التنمية مراجعة جذرية كحل من ابرز الحلول السريعة والاستعجالية ...